بعد غيابه عن عناوين وسائل الإعلام الأجنبية منذ قراره الانسحاب من العملية السياسية كليا في أغسطس من العام الماضي، عاد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الى الواجهة مرة أخرى، مع إعلان اثار الجدل حول مستقبل التيار الصدري عموما، ومستقبله كسياسي في ظل العزلة التي وجد نفسها فيها بعد قراره، لتتمحور حول توقعات باستخدام فترة الانسحاب الحالية كــ “فترة استعداد للعودة من خلال ترتيب أوراق التيار” وبين أخرى ترى بان الصدر لم يعد جزءا من العملية السياسية بشكلها الحالي. وكالة رويترز الدولية للانباء، كانت السباقة بتوقع وقوع الصدر تحت “العزلة الكلية” في حال استمرار انسحابه من العملية السياسية دون المرور باي نشاط، ذلك التوقع كان ينفيه توقعات أخرى بتحركات سياسية سيقوم بها التيار الصدري في حال تمرير قانون انتخابات سانت ليغو المعدل عبر البرلمان العراقي، الامر الذي تحقق دون ان يكون للتيار الصدري اعتراض كبير في الشارع. ضعف رد الصدر على تمرير قانون سانت ليغو واقتران موقفه بقراره الأخير في الرابع عشر من ابريل الحالي تجميد التيار الصدري بشكل كلي لمدة عام واحد، اشارت اليه وسائل الاعلام ومنها الاسوشيتد برس، على انه دليل اخر على وقوع الصدر تحت “العزلة السياسية” بشكل كامل، امر أكده أيضا اغلاقه لحساباته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، والذي كان يستخدم بحسب الوكالة، لتحرك التيار الصدري وتحشيدهم نحو النشاطات التي يرغبها الصدر. الخلافات بين الصدر وايران كان لها دور “كبير” في قيادة الزعيم الشعبي نحو العزلة بحسب وصف شبكة المونيتر الدولية، والتي بينت أيضا ان تلك الخلافات وعلى الرغم من شدتها الكبيرة، الا ان الصدر ما يزال بنظر الإيرانيين “حليف مهم” يمكن العودة اليه في حال الحاجة، الامر الذي قالت انه يمنعها الان من تحريك اذرعها في العراق والتي قالت انها سيطرت على الحكومة العراقية من خلال حكومة محمد شياع السوداني، نحو تفكيك التيار الصدري بشكل كلي، على الأقل في الوقت الحالي، بحسب قولها. ايران لم تقرر بعد “تفكيك التيار”.. عزله يكفي للان الشبكة أوضحت خلال تقريرها، ان الصدر وعلى الرغم من الموقف العدائي الذي اتخذه ضد ايران والتي قالت انه بات واضحا من خلال مضامين وسائل الاعلام المرتبطة بالتيار الصدري بالإضافة الى الخطب والشعارات التي تقدم من اتباعه وقادة تياره ضد طهران ودورها في العراق، لم يتعرض لمحاولة “تفكيك” من قبل حكومة الاطار التنسيقي التي قالت انها مقربة من طهران، والتي حصلت على السلطة الكاملة عبر البلاد بعد انسحاب الصدر وتياره. التقرير الذي نشرته الشبكة، كشف عن ان وزارة الثقافة الإيرانية، والتي تقود مضامين بعض وسائل الاعلام في العراق والتي تمول من قبلها او عبر الأحزاب السياسية المرتبطة بها في العراق بشكل مباشر، أرسلت تعليمات مشددة بــ “عدم مهاجمة او انتقاد الصدر باي شكل من الاشكال”، بالإضافة الى “عدم تقديم شخصية الصدر كمعارض للنفوذ الإيراني في العراق”، بحسب وصفها. الموقف الإيراني من الصدر فسرته الشبكة على انه جزء من سياسة ايران تجاه الاطار التنسيقي في العراق والتيار السياسي الشيعي بشكل عام، مؤكدة ان وكالات الاعلام الإيرانية الرسمية، تكشف وبشكل مستمر عن ان جزء كبير من الاطار التنسيقي ما يزال “يرغب بإعادة الصدر الى العملية السياسية وتوحيد البيت الشيعي”، بالإضافة الى انه “احد الشخصيات المركزية لمحور المقاومة المعادي للولايات المتحدة الامريكية وتواجدها في العراق”. موقف الصدر من الولايات المتحدة والعلاقات التي يحظى بها مع قادة الاطار، لم تكن الأسباب الوحيدة التي أبقت يد ايران بعيدة عن محاولة استغلال النفوذ الحكومي لتفكيك تياره بشكل كامل عقب انسحابه، بحسب الشبكة، موضحة “ما تزال ايران حتى اللحظة ترى في الصدر حليف مهم يمكن العودة اليه عند الحاجة، ذلك الموقف مدفوع بمحاولة ايران الحفاظ على البيت السياسي الشيعي موحدا دون تفريقه نحو “الاحضان الامريكية” بحسب وصفها. التوافق الايدلوجي في النظرة الى الإسلام السياسي كانت أيضا جزءا من قرار ايران إبقاء التيار الصدري في البلاد بحسب وصف الشبكة التي قالت ان ايران “لن تعزل الصدر كليا عن العملية السياسية العراقية طالما يتفق معها في طرح الإسلام السياسي”، مضيفة “تلك الأسباب ليست الوحيدة أيضا ، فالتاثير الكبير الذي يملكه الصدر على الشارع العراقي هو اكبر بكثير بالمقارنة مع باقي القادة الشيعة السياسيين عبر البلاد، الامر الذي يدفع ايران للتفكير بان إبقاء الصدر موجودا سيوفر لها إمكانية استخدام اتباعه لاحقا خصوصا ضد التواجد الأمريكي في العراق الذي يمثل أهمية قصوى لإيران”. التجميد نتيجة لــ “الانشقاقات” التي تبعت الانسحاب قرار الصدر المثير للجدل بتجميد تياره لمدة عام كامل، أعاد الى الواجهة تقرير وكالة رويترز الدولية المنشور في الرابع من نوفمبر خلال العام الماضي، والذي اكدت خلاله وجود “خلافات داخلية بين قادة التيار الصدري” حول قرار الانسحاب من العملية السياسية والذي اعده البعض تسليما للسلطة ولامر التيار للأحزاب السياسية المرتبطة بطهران، والتي يعارض وجودها التيار الصدري. ما قالت الوكالة انه “تذمر” من تسليم الصدر السلطة للأحزاب التي يتهمها التيار بــ “الفساد” توقعت ان يتحول خلال الفترة المقبلة الى “انشقاقات” داخل التيار الصدري بسبب تضارب المواقف والثمن الكبير الذي توقع افراد التيار دفعه مقابل تسليم السلطة لاحزاب الاطار التنسيقي. ذلك التذمر قوبل باشارات من الصدر للعودة الى العملية السياسية بشكل اقوى من السابق وعزل الأحزاب المنافسة بشكل كلي عن السلطة بحسب ما بينت رويترز، التي قالت ان تخطيط الصدر لعودته اشترط على نفسه خلاله بعدم التسبب بنزاع اهلي بين الشيعة، الامر الذي قاد الى تأخير التحرك السياسي للتيار الصدري بشكل كبير ما يزال مستمرا حتى اليوم. توقعات العودة الصدرية تصاعدت مع بطولة خليجي 25 التي أقيمت في محافظة البصرة واقترنت بتحركات صدرية في المجال الرياضي بحسب ما بينت مجلة ذا اراب ويكلي في تقرير نشرته مطلع العام الحالي، متوقعة ان يلعب الصدر “ورقة رابحة ضد ايران” من خلال استغلال البطولة سياسيا وخصوصا ضد أحزاب الاطار التنسيقي التي قالت انها “لم تتوقع ان ترى الصدر في صور مع رياضيي العراق ويحمل كاس الخليج”، الامر الذي قالت انه “رسالة سياسية” الى منافسيه. إصرار الصدر على استخدام مفردة “بطولة الخليج العربي” خلال البيانات الرسمية التي تبعت مقابلاته مع الرياضيين، قالت المجلة انه تحرك سياسي يهدف الى تعزيز صورة الصدر كــ “قائد شعبي وطني” ضد أحزاب يتهمها بالتعبية لإيران والخضوع للتاثيرات الأجنبية ومنها الامريكية، مؤكدة “الصدر يخطط الان للعودة الى العملية السياسية من خلال ورقة الرياضة”. توقعات المجلة لم تؤد الى نتيجة مباشرة حيث فشل التيار الصدري في استخدام الاحداث والمناسبات الرياضية للعودة مرة أخرى الى الساحة السياسية بشكل اكبر من السابق، ذلك الفشل كشف عن أسبابه مؤخرا بعد قرار التجميد المباغت الذي فاجئ وسائل الاعلام الدولية والمحلية. شبهات “فساد” و”شقاقات”.. أسباب التجميد تكشف القرار الذي اتى بعد فترة “سبات سياسي” عانى منها التيار الصدري خلال الأشهر الماضية على الرغم من الفرص العديدة للعودة الى العملية السياسية بشكل كبير، كشفت عن بعضها وكالة الاسوشيتد برس في تقرير نشرته في الرابع عشر من ابريل الحالي، مؤكدة ان “شبهات فساد” تحوم حول التيار الصدري وافراده، كانت احد الأسباب الأساسية لقرار التجميد. الصدر وعبر مواقفه الرسمية التي أوردتها الوكالة، أشار الى ان أسباب اتخاذه قرار التجميد يعود الى ظهور جماعة تعرف باسم “اهل القضية” والتي تؤمن بان الصدر هو الامام المهدي، احد الائمة المقدسين لدى الشيعة والمتوقع عودتهم مع حلول الأيام الأخيرة باطار ديني، هذه الجماعة والتي قالت الوكالة ان الحكومة العراقية اطلقت تحقيقا لملاحقة افرادها تضمن اعتقال ما يزيد عن 65 فردا منها، أوقعت الصدر “في حرج” امام القادة الدينيين الاخرين في العراق، بحسب ما اشارت اليه الوكالة. الوكالة قالت أيضا ان “شبهات فساد” تحوم حول افراد وقادة داخل التيار الصدري كانت السبب الرئيس الذي دفع الصدر لاتخاذ قراره المثير للجدل، مبينة “التغريدة التي أصدرها الصدر واكد خلالها انه لن يستطيع اصلاح العراق ان كان غير قادر على اصلاح التيار الصدري ذاته، تؤكد المعلومات التي وردت حول أسباب اتخاذه قرار التجميد والتي تضمنت شبهات فساد تحوم حول التيار”. المعلومات التي أوردتها الوكالة اشارت أيضا الى ان ظهور جماعة “اهل القضية” وغيرهم هو احد اشكال “الانشقاقات” الداخلية التي بات التيار الصدري يعاني منها عقب انسحابه من العملية السياسية وتسليم مقاعده البرلمانية لمنافسيه السياسيين، فيما اشارت شبكة ذا ناشيونال نيوز في تقرير نشرته في الثامن عشر من ابريل الحالي، الى ان اعتراف الصدر بوجود “فاسدين” داخل تياره هو إقرار غير مباشر بوجود انشقاقات داخل التيار يتطلب معها تحرك مباشر من قبله لإقصائها قبل الخوض باي محاولة للعودة الى العملية السياسية مرة أخرى. ذا ناشيونال نيوز اكدت أيضا ان قرار الصدر تجميد تياره والخروج من العملية السياسية هو الثامن من نوعه الذي يتخذه خلال حياته السياسية، موضحة “في كل مرة كان الصدر يعود مرة أخرى”، متوقعة ان يكون قرار التجميد والعزلة السياسية الحالية “مؤقتا” كما سابقه.