لم تقتصر ولادة الحركات والتكتلات المدنية والليبرالية في العراق على مدن وسط وجنوبي البلاد، إذ بات إقليم كردستان العراق إحدى ساحات المواجهة بين القوى الناشئة والأحزاب التقليدية التي تهيمن على المشهد السياسي منذ العام 2003، وأبرزها الاتحاد الوطني الكردستاني، والحزب الديمقراطي الكردستاني.
بعد عام 2019، الذي يوصف بكونه نقطة فارقة في المشهد العراقي، عقب تفجر احتجاجات أكتوبر/ تشرين الأول من العام نفسه، في مدن مختلفة من العراق، وتأثر فيها الإقليم خاصة في مناطق السليمانية ورانيا وحلبجة وأربيل، بات حراك “الجيل الجديد”، بزعامة شاسوار عبد الواحد، أبرز القوى الليبرالية الصاعدة في الشارع الكردي العراقي.
يقول عبد الواحد، لـ”العربي الجديد”، إن حزبه سيشاركب الانتخابات منافساً للأحزاب الحالية. ويشير إلى أنه “منذ 32 عاماً يتمتع الأكراد بحكم ذاتي، إلا أنه حتى الآن لا توجد حكومة موحدة، أو إدارة جامعة لهم، فهناك بيشمركة تابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، وبيشمركة أخرى للاتحاد الوطني، وكذلك الأمر ينطبق على الملفات المالية والأمنية والاقتصادية، وكلها تدار من قبل الحزبين”.
ويؤكد عبد الواحد أن “حراك الجيل الجديد، الذي يمتلك كتلة برلمانية في البرلمان العراقي، لا يعلم شيئاً عن إيرادات النفط المصدر من كردستان، أو لمن يباع هذا النفط، وأكثر من 80 في المائة من العائدات المالية للنفط في الإقليم مصيرها مجهول”، وفقا لقوله.
أما عن موضوع الانتخابات، وتصويت البرلمان العراقي على القانون الجديد، فيؤكد عبد الواحد أن القانون الذي تم تمريره الشهر الماضي “لن يضر حراك الجيل الجديد، ومع آلية سانت ليغو في الإقليم نأمل أن ترتفع مقاعدنا من 9 إلى 13 في الانتخابات المقبلة”.
لكنه يشير إلى أن اعتراضهم على القانون جاء “تضامناً مع الحركات المدنية (في المحافظات العراقية الأخرى)، وكلنا نفكر بالوضع الأفضل للشعب العراقي، والقانون سيضر بالحركات الناشئة (في المحافظات خارج الإقليم)، لذلك وقفنا ضد هذا القانون، ولم نصوت عليه”.
وبخصوص تحديد رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان البارزاني يوم 18 أكتوبر/تشرين الأول المقبل موعداً لانتخابات برلمان كردستان، يقول عبد الواحد: “ما يهمنا أن تجرى انتخابات في كردستان هذا العام، بغض النظر عن الملاحظات الكبيرة التي لدينا على مفوضية الانتخابات في الإقليم، وأيضاً قانون الانتخابات والدوائر الانتخابية وغيرها، لكن الأولوية لنا هي إجراء الانتخابات، شرط أن تجرى هذه السنة”.
ويصف عبد الواحد الإقليم بأنه مسيطر عليه من قبل “مافيات” في أربيل والسليمانية. ويوضح أنه “إذا كنت تعيش في كردستان فأنت تعلم ما إذا كان هناك حكم للمافيا أم لا. هنا يقتل المواطن لأن أنوار سيارته اصطدمت بسيارة أمامه تخص نجل مسؤول معين مثلاً. هنا تُستخدم السلطة لمصالح عدة عائلات وأسر سياسية”.
ويتابع: “نريد أن تكون المؤسسات في العراق ككل قوية، ويجب أن يكون لدينا حكم رشيد في الإدارة والاقتصاد، وفي النظام القضائي، والتوزيع العادل للثروة على المواطنين. التعليم والصحة والجامعات وجميع المؤسسات يجب أن تتحسن وتخرج من أيدي الأحزاب، ويجب أن تكون الأسلحة في أيدي الدولة وليس في يد الجماعات المسلحة”.
وبشأن الاجتماعات التي يعقدها عبد الواحد باستمرار مع السفراء والقناصل الأجانب، ومدى إمكانية استغلالها، وهل هذه اللقاءات واضحة، يقول رئيس حراك “الجيل الجديد” إن “مواقفنا واضحة جداً، فنحن ضدالفساد وأي مكان آخر، ورؤيتنا للوفود الدبلوماسية غرضها عرض وجهات نظرنا.
المجتمع الدولي لعب دوراً جيداً
ويضيف: نعتقد أن المجتمع الدولي لعب دوراً جيداً في إقليم كردستان والعراق، ولولا المجتمع الدولي لما كان إقليم كردستان هذا قائماً لمدة 32 سنة. لذلك نحن نتحدث باستمرار مع منظمات المجتمع الدولي والمبعوثين الدوليين حول الفساد في إقليم كردستان، ونعتقد أن بإمكانهم لعب دور إيجابي. وحين يزوروننا، أو نذهب إليهم، فذلك من أجل هذا الموضوع، والجميع يعلم أنه لا يمكننا استبعاد العلاقات الخارجية من التغييرات التي تحدث في العراق والإقليم.