كشفت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، نقلا عن ضباط استخبارات أميركيين ووثائق سرية حصلت عليها، أنّ إيران تسلح ميليشيات في سوريا تمهيدا لمرحلة جديدة من الهجمات المميتة ضد القوات الأميركية في البلاد، بينما تعمل أيضاً مع روسيا على استراتيجية أوسع لطرد الأميركيين من المنطقة.
وقالت الصحيفة إن “إيران تسلح المقاتلين في سوريا لبدء مرحلة جديدة من الهجمات على القوات الأميركية في ذلك البلد”، وتتضمن وثيقة سرية وصفا لجهود جديدة وأوسع نطاقا من جانب موسكو ودمشق وطهران لإخراج الولايات المتحدة من سوريا.
ووفقاً لمعلومات استخباراتية، فإن “مسؤولين من روسيا وإيران وسوريا التقوا في تشرين الثاني (نوفمبر) 2022 واتفقوا على إنشاء مركز تنسيق لقيادة الحملة ضد الأميركيين. لكن الوثائق لا تشير إلى مشاركة روسيا المباشرة في التخطيط لحملة القصف”.
قنابل خارقة
ولفتت الصحيفة، إلى أن وثائق سرية أخرى حصلت عليها، تقول إن إيران وحلفاءها يقومون بإنشاء وتدريب قوات لاستخدام قنابل أكثر شدة مصممة خصيصا لتدمير المعدات العسكرية الأميركية.
وسبق أن قال وزير الدفاع الإيراني العميد الركن محمد رضا أشتياني، في لقاء مع نظيره السوري علي محمود عباس، إن إيران مستعدة لتزويد الجيش السوري بأحدث الأسلحة للدفاع.
وذكرت “واشنطن بوست” أن هذا النوع من الأسلحة، والذي يسمى “القنابل الخارقة المتفجرة”، استخدم سابقاً من قبل مدعومين من إيران لشن هجمات قاتلة على القوافل العسكرية الأميركية خلال الاحتلال الأميركي للعراق (2003 – 2011).
وقال مسؤولون أميركيون إنّ “فيلق القدس” التابع للحرس الثوري الإيراني “وجه وأشرف على اختبارات تلك الأجهزة المتفجرة”، والتي قال خبراء إنها تقسم دروع الدبابات. ووفقاً للمسؤولين فإن تلك الاختبارات تمت في شرق العاصمة السورية دمشق.
وذكرت وثيقة أن أحد صناع القنابل يعمل مع “حزب الله” اللبناني، وحاول إجراء تجارب على نوع جديد من تلك القنابل الخارقة للدروع في كانون الثاني (يناير) الماضي في سوريا.
وذكرت أن الجهاز يبلغ حجمه أقل من 5 بوصات، وهو جهاز قوي ويمكن إخفائه بسهولة.
وخلال اختبارين، تمكن الجهاز من اختراق دروع دبابات سمكها 3 بوصات من مسافة 75 قدماً، فيما فشل اختبار ثالث.
وكشف خبراء استخباراتيون حاليون وسابقون وخبراء في الأسلحة أن القنابل المتفجرة الجديدة “يمكنها أن تزيد من حصيلة الضحايا الأميركيين، وتهدد بتفجير مواجهة عسكرية أوسع بين الولايات المتحدة وإيران”.
وتصف وثيقة جهوداً أوسع لموسكو ودمشق وطهران لطرد القوات الأميركية من سوريا، وهو هدف “لطالما سعى إليه الرئيس السوري بشار الأسد”.
وأشارت إلى أن هذا سيمكنه من استعادة المناطق الشرقية من سوريا والتي تسيطر عليها القوات الكردية المدعومة من واشنطن.
وحافظت آخر 3 إدارات أميركية على وجود مجموعة صغيرة من الجنود في سوريا يبلغ قوامها نحو 900 جندي، يدعمهم مئات من المتعاقدين، لمنع مسلحي تنظيم “داعش” من العودة إلى البلد، و”إحباط الطموحات الإيرانية والروسية في المنطقة، وتوفير دعم لأهداف استراتيجية أخرى”.
وبررت الإدارات الأميركية نشر تلك القوات تحت تفويض استخدام القوة في حربي العراق وأفغانستان والذي يعود إلى عام 2001، والذي مرره الكونغرس في صحوة هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001.
ولكن الوجود الأميركي في سوريا يخلق أيضاً فرصاً للنزاعات، إذ وصفت وثيقة أخرى كيف تحضر إيران والمسلحين المتحالفين معها للرد على الضربات الإسرائيلية التي تستهدف قواتهم في سوريا عبر ضرب القواعد الأميركية في سوريا.
“مقاومة شعبية”
وتصف الوثائق المسربة، خططاً لحملة واسعة لخصوم الولايات المتحدة تتضمن “التحريض على المقاومة الشعبية، ودعم حملات لشن هجمات على القوات الأميركية في شرق وشمال شرقي سوريا”.
وفي حالة وقوع هجمات تؤدي إلى سقوط جنود أميركيين، فإن إيران وروسيا تعتقدان أن بإمكانهما إدارة التصعيد، لأن الولايات المتحدة ستقوم بـ”رد محدود” ضد أهداف داخل سوريا، وهو الخيار الذي ذهبت إليه إدارتا بايدن وترامب، وفقاً لآرون شتاين، الباحث بمعهد أبحاث السياسة الخارجية.
ولكن، حذر شتاين من أن غزو روسيا لأوكرانيا، وانهيار الاتفاق النووي لعام 2015، جعل الوضع أكثر تقلباً، وأصعب توقعاً، خاصة وأن ديناميات السياسة الأميركية الداخلية تجعل من الصعب أن يبدو أن أميركا تتراجع أمام روسيا.