عباس عبود
ثمان مائة مليون دولار (800 مليون دولار) خسرها العراق متمثلا بالخطوط الجوية العراقية لصالح شركة مصرية اسمها (هورس) تابعة لعماد الجلدة المقرب من العهد الديكتاتوري السابق ورجالاته، وقد حصل هذا الرجل على امتيازات مقابل ما كان يقدمه من خدمات إعلامية وسياحية وخدمات أخرى قبل 2003، وقد تغير الامر بعد 2003 وتحولت المودة الى خصومة فكانت هذه القضية التي أراد الجلدة من خلالها تغريم العراق مبلغ فلكي اخذ يضاعفه سنة بعد أخرى، وبعد نزاع مارثوني استمر 20 عاما امتدت من عام 2006 لغاية تموز الماضي حيث خسارة العراق لهذه الدعوة في 26 تموز 2023..
ومنذ بداية الدعوة كان يترافع عن العراق ببسالة وقوة محام مصري صمد لسنوات متتالية في القضية التي خضعت للبيع والشراء والمساومات هي في تقديري لا تقل خطورة عن سرقة القرن..
فهذا النزاع التاريخي بين شركة هورس والجانب العراقي والذي استمر طوال 20 عاما توزعت ملفاته بين ادراج وزارتي النقل والعدل، إضافة لوزارة الخارجية، ووزارة المالية، وبين مؤسسات امنية عراقية، إضافة الى هيئة النزاهة، وحاول المحامي المصري الأول الاستغاثة بالقادة العراقيين وبالنواب، وانا شخصيا حاولت فتح قناة تواصل لهذا المحامي مع هيئة النزاهة وجهات عراقية أخرى..
لكن إضافة الى التعقيد الذي رافق هذا الملف بما يتضمن من تفاصيل لا يمكن ذكرها في هذا المنشور فأن ضعف وبطء الإجراءات العراقية وتداخل الصلاحيات ضيع علينا أكثر من فرصة لحسم الامر، ويوما بعد آخر اتضح لي ان معسكرنا مهلل، وان الاطماع والخيانة لدى النفوس الضعيفة التي لبست ثياب المسؤولية أكبر واقوى مما أتصور.
ورغم ان الملف متوزع على مكاتب سفراء ووزراء ونواب ورجال امن ومحققي نزاهة لكنهم جميعهم عجزوا عن عمل شيء، فبعد جهد جهيد وصبر 15 سنة خرجوا لنا بمفاجئة لا يمكن تخيلها! فقد قامت وزارة النقل في 10 مايس 2017 بإجراء في منتهى الغرابة هو توقيع عقد غامض مع محام مصري يدعى محمد مصطفى حمودة رغم نجاح المحامي الأول في القيام بإجراءات تبعدنا عن خطر الخسارة، والعقد مع حمودة كان بعنوان (عقد تقديم خدمة قانونية واعمال محاماة في النزاع القائم بين شركة هورس للسياحة والسفر وشركة الخطوط الجوية العراقية) والغريب العجيب ان اتعاب حمودة كانت فلكية وقدرها (خمسة ملايين دولار) عدا ونقدا تسلم لحمودة على دفعات، وبالفعل تسلم حمودة القسط الأول في حفل اقامته وزارة النقل في بغداد عام 2017 ..
ثم تمر الأيام وحمودة يستلم الدولارات العراقية والخطر يدق على ابوابنا الف ناقوس..
وفي النهاية خسرنا الدعوة وعلينا دفع مبلغ 800 مليون دولار..
وهنا اناشد السيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ان يتحزم لهذه القضية وينفض الغبار عن كل ملفاتها المدفونة، ويكشف للراي العام مستوى الضحالة الذي وصل اليه المتورطون في هذه القضية سواء بالإهمال، او اللامبالاة او السرقة او التواطئي مع الخصم او سوء تقدير الموقف، وعليه ان يخصص لها حيز من وقته وتركيزه ويكلف لها الشجعان من رجاله..
لأنها ليست مجرد خسارة مبلغ مالي فقراء العراق بأمس الحاجة اليه، انما خسارة سمعة، وخسارة وقت، وخسارة فرصة، وخسارة ثقة ..