عمالة الأطفال مؤشر خطير يخالف نصوص اتفاقية حقوق الطفل

    ظروف قاهرة

    محمد فتاح طفل اضطر لترك الدراسة والعمل، بعد أن فقد والده وشقيقه الأكبر بانفجار سيارة مفخخة في مدينة الحلة عام 2005.ويقول فتاح البالغ من العمر 12 عاماً إنه عمل في مجالات عديدة، بينها بيع أكياس النايلون وحمل حاجيات الناس الذين يتبضعون في أسوق الخضر، واستقر مؤخراً كعامل نجارة، موضحا أنه يحصل على اجر يومي زهيد بالكاد يسد رمق شقيقتيه.

    ويواصل فتاح قائلا “تركت الدراسة وانا في الثاني الابتدائي لأن والدتي لا تستطيع أن توفر لنا المأكل والملبس بمفردها”، وبين أن والدته “تصنع الكبة لعدد من منازل المنطقة، لكنها لا تحصل على مردود مالي يكفي لإعانة العائلة”، فيما يتمنى العودة الى مقاعد الدراسة، لكنه لا يستطيع، كونه يعمل منذ السابعة صباحا حتى الخامسة مساءاً. والطفل فتاح هو نموذج لمعاناة الكثيرين من أقرانه في بابل ومحافظات عراقية أخرى، أصبحت أيديهم الناعمة خشنة في وقت مبكر، بعد أن صادر الفقر طفولتهم ووضعهم في موقع المسؤولية مكرهين.

     

    مؤشر خطير

    يقول رئيس قسم طب المجتمع في كلية الطب بجامعة بابل الدكتور حسن بيعي إن “عمالة الاطفال مؤشر خطير، وهي إساءة للطفل تتنافى مع نصوص اتفاقية حقوق الطفل التي اعلنتها الجمعية العمومية للأمم المتحدة عام 1989 وصادق عليها العراق عام 1993”.ويوضح د.بيعي، وهو خبير في منظمة الصحة الدولية، أن “احد حقوق الطفل التي نصت عليها الاتفاقية هي ابعاده عن ميادين العمل”، ويلفت إلى أن “رعاية وحماية الطفولة يجب أن تكون من اولويات الحكومة، لأن الطفل هو رجل المستقبل، وإذا لم يعتن أحد به لا يمكن بناءه بصورة صحيحة، وبالتالي لا يشهد المستقبل تنمية صحيحة”.

    ويعزو بيعي أسباب تفشي عمالة الأطفال في بابل الى “الفقر الذي يدفع الكثير من الآباء إلى الضغط على أبنائهم لترك الدراسة والعمل لتوفير لقمة العيش، فضلا عن جهل تلك العوائل التي تدفع بأبنائها إلى العمل في سن مبكرة”.

    ويؤكد أن “عمالة الأطفال وتركهم للدراسة تتزايد باستمرار، ونصفهم يرغبون بالعودة الى المدرسة، لكن الجانب الاقتصادي المتردي لعوائلهم يحول دون ذلك”، داعيا الى “تأسيس جمعية ترعى هذه الفئة لتلافي الاخطار الاجتماعية التي قد تنجم مستقبلا، ودعم عوائلهم ماديا من اجل عودة اطفالهم الى الدراسة”.

     

    برامج تنمية تواجه بـ”عراقيل”

    ويؤكد نائب رئيس مجلس بابل عقيل الربيعي أن “الحكومة المحلية في بابل وضعت برنامجا لإنعاش الاقتصاد في المحافظة وتقليص نسبة الفقر، لكن هذا البرامج لم يطبق منه أكثر من 10% نتيجة وجود خلل في التشريعات والانظمة وعدم وجود صلاحيات للحكومة المحلية”. ويضيف الربيعي أن “كل دول العالم توجهت الى الاستثمار لانعاش اقتصادها”، موضحا أن “إدارة المحافظة تحركت على هيئة الاستثمار، لكنها اصطدمت بوجود قوانين تعرقل الاستثمار، فأغلب دوائر المحافظة متمسكة بتوجيهات وزاراتها، ما أدى الى ضعف الاستثمار، وانعكس ذلك على الاقتصاد”. ويطالب الربيعي الحكومة الاتحادية بـ”عقد مؤتمر موسع لمناقشة أسباب تردي الواقع الاقتصادي الذي انعكس سلبا على العوائل وتسبب ببروز ظاهرة عمالة الأطفال”.

     

    مقترحات لتقليص ضرر عمالة الأطفال

    ويوضح الخبير الاقتصادي جواد البكري ” إن “ظاهرة عمالة الاطفال باتت واضحة للعيان واستشرت لأسباب عدة منها عدم وجود برامج لتنشيط الواقع الاقتصادي وضعف المردود الاقتصادي لدخل الفرد، الى جانب توقف الأنشطة الاقتصادية”. ويقترح البكري “منح التعليم فرصة للاهتمام بهذه الشريحة من خلال انعاش الاقتصاد ببرامج واضحة وذات رؤية استراتيجية، والحد من تخبط البرامج الاقتصادية التي تلحق الضرر بالطفل وعائلته”.

    يذكر أن قانون العمل رقم 71 لعام 1987 الخاصة بعمل الاطفال، يمنع استغلال الطفل في العمل، ويراعي الجانب الصحي لهم، كما حدد المهن او الحرف الخطيرة التي تسبب لهم الأمراض المعدية وتشكل خطورة على حياتهم أو على اخلاقهم، وهي مهن قابلة للزيادة حسب ما يتم تقييم مدى خطورتها.

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة