ابتداءاً المقالة لاعلاقة لها بمن يشارك الانتخابات اويقاطعها ، بل تهدف الى تنوير الفكر الانساني باحدى الممارسات الديمقراطية التي يشهدها العالم ومن ضمنها ما سيجري في العراق من انتخاب لمجالس المحافظات ، في 18 كانون الاول(ديسمبر )2023. بمعنى اخر أن تناول سيرة الانتخابات ليس الغرض منه دفع المواطن الى الاقبال او الاحجام عن الانتخابات. لان ذلك قرار شخصياَ لا نتدخل فيه ، ونحترم كل الاختيارات .بل هنا نسعى لزيادة المعرفة في ثقافة الانتخابات ، فمن شارك سابقاً قد يقاطع انتخابات اليوم ،ومن سيشارك اليوم قد يقاطع الانتخابات القادمة وهذا تعبير عن حرية الاختيار واحترامه . ان الانتخاب حق شخصي أي انه حق لكل فرد في المجتمع ، ويترتب على ذلك تطبيق مبدأ الاقتراع العام أي مساهمة جميع أفراد المجتمع البالغين سن الرشد في الانتخاب. فالانتخابات هي عملية يقوم فيها المواطنون ممن تنطبق عليهم شروط الانتخاب بالتصويت لاختيار شخص أو مجموعة من الأشخاص لشغل منصب رسمي اوعضوية برلمان اومجلس المحافظة و رئيسا لمنصب رئاسيا.
وهذا التصويت قد يبنى على العقلانية او السطحية للناخب ، والخطر الاكبر حين يختار الناخب مرشحا دون معرفة برنامجه الانتخابي ،وقد يتم التصويت بناءاُ على وعود سمعها من المرشح خلال الحملة الانتخابية ،وتتعلق بالاوضاع الاجتماعية والخدمية و الاقتصادية والصحية ، قد لايحقق المرشح أي منها ، او على الاقل يحقق جزءاَ منها ، والنقطة الاخرى حين يصوت الناخب لمرشحا ليس لديه أي فكرة عن هويتة ، ويسهم في فوزه في الانتخابات وهذه التصرفات تقع في تفسير سطحية الناخب وضعف ثقافته الانتخابية .اذاُ المطلوب اختيار مرشحين لهم تأثيرهم الاجتماعي وثقلهم في الحياة السياسية لذا ينبغي امتلاك تصوراُ واضحا عن المرشحين وليس الاختياربناءاً على الوعود ، لانه يصعب تشخيص المرشح الافضل في فترة الدعاية الأنتخابية القصيرة .
ولاعتماد العقلانية في اختيار المرشح ومن يستحق التصويت له ينبغي من يتم التصويت له ان يكون له من التاريخ النضالي المُشرف والسمعة الطيبة والنزاهة والقدرةعلى الادارة ، بعيدا عن المذهبية والقومية والاثنية والقبلية ، الاانه في ضوءالمتغيرات الحالية في المرحلة الراهنة من الصعب ان يتم تجاوزها ، لان اغلب الترشيح والانتخاب لايمكن التخلص فيه من المذهبية والقومية ، زيادة على الثقافة السائدة التي تنادي بحصة المكونات وينبغي مراعاتها ، جعلت المجتمع يتخندق في خنادق عده ، لايمكن تجاوزها حاليا ، لانها انعكست على توزيع السلطات في العراق ، فنحتاج الى الكثير لنتجاوزهذا الوضع ربما يحتاج الى فتره اطول. لذا ينبغي من يرشح الى الانتخابات ان يبدء نشاطه الاجتماعي والسياسي من فترة ليست بقصيرة بغية ايجاد قاعدة جماهيرية له تسبق موعد الانتخابات بسنة على الاقل ، وهذا قلما يحصل عند عدد ليس قليل من المرشحين ، بل نجد اسماء تظهرفي قائمة المرشحين لاول مرة ليس لها تاريخاُ اجتماعياُ اوسياسياُ ، وبالمقابل على الكيانات السياسية ان تختار في قوائمها مرشحين لهم من المكانة العلمية والاجتماعية والاداء المتميز لان من يفوزمنهم سيمثل السلطة التشريعية ، وينبغي على تلك الكيانات ان تجعل موازنة بين التخصصات الانسانية والعلمية في اختيار قائمة المرشحين لكون مجالس المحافظات تمثل حكومة مصغرة تحتاج لجميع التخصصات.
بعدها تاتي مرحلة الحملات الانتخابية وهنا ينبغي على المرشح ان يختار الاماكن المناسبة لعرض دعايته الانتخابية دون احداث ضرر في الاماكن العامة والتجاوز عليها ، اما المواطن ينبغى ان يحترم هذه الدعاية ويبتعد عن نهج التمزيق للصور واللافتات للمرشح ، والابتعاد عن التسقيط للمرشحين بالاشاعات والاخبار الكاذبة عنهم .
اما الناخب ( المصوت ) ودرجة تعلمه تنعكس على تأشير ورقة الا قتراع للمرشح الذي يرغب التصويت له ،فغالبا مايقوم من في المركز الانتخابي التأشير بدل عنه حين يكون الناخب ضعيف القراءة والكتابة وهذا يتطلب من مفوضية الانتخابات ان تضع قسما يؤديه كل من له تكليف وواجب في المركزالانتخابي ، لضمان العدالة والنزاهه والشفافية ، اما الناخب فالقانون الحالي ينظر الى بلوغ سن الثامنة عشر لتأهله للتصويت دون النظر للاستمرار الاهليه له لصعوبة تحديدها الا بتقرير شرعي .اذ ان هناك من تجاوز هذا السن وقد فقد الاهلية لذلك لابد التفكير عن اساليب استبعادهم عن التصويت وحاليا هذه النقطة تم التغافل عنها او تجاهلها ، ان الانتخابات ليس حدثا اومهرجانا او كرنفالا كما يصفه البعض ، بل هو نقطة البداية لبناء دولة المؤسسات فكلما كان البناء قوياُ وراسخا كلما تقدم المجتمع نحو التقدم والتطور واكتساب المكانة السامية في المجتمع المحلي والدولي ، وينبغي المراجعة الدورية للقانون الانتخابات وعدم جمودية مواده بل يجري تكيَفه مع التطورات العالمية خاصة فيما يخص الدوائر الانتخابية وتوزيع المقاعد للقوائم الفائزة .