يعد العنف ضد المراءة أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارًا في العالم، اذ لايمر يوم من الايام الا او وتسجل حوادث ضد المرأة في معظم دول العالم وهذا يترك اثاراً واضحة تتمثل بتشوهات جسدية تشكل اضرار بدنية واقتصادية ونفسية خطيرة على النساء والفتيات على الامد القصير والطويل، والتي تمنع مشاركتهن الكاملة في قطاعات المجتمع المختلفة .
و تُعرّف الأمم المتحدة العنف ضد المرأة بأنه أي عمل من أعمال العنف القائم على النساء والفتيات ، يترتب عليه أو يحتمل أن يؤدي إلى أذى أو معاناة للمرأة، جسديًا أو جنسيًا أو عقليًا، بما في ذلك التهديد بأفعال من هذا القبيل، أو الإكراه أو الحرمان التعسفي من حقوقها والحد من الحرية سواء حدثت في الحياة العامة أو الخاصة.”
وتعد مواجهة العنف ضد المرأة والحد منه قضية مجتمع باكملة وليس مقتصراً على جهة معينة ، ولو حددنا لكل جهة محورا يسهم في منع العنف سنكون امام محاور متعددة ، تشمل المؤسسات الاعلامية والتربوية والقضائية والدينية والصحية
ويتمثل عمل المؤسسات الاعلامية في بث الوعي المجتمعي باعتماد الصحافة الالكترونية والورقية في تعريف وتسليط الضوء على اضراره زيادة على تبني القنوات الفضائية والمحطات الاذاعية و تخصيص برامج ومشاهد مسرحية ومسلسلات تنبذ العنف ضد المرأة .فضلاً عن تفعيل دور المؤسسات والمجالس الثقافية بإقامة ندوات لمناقشة ظاهرة العنف الأسري ومعالجته. وامام انتشار الفضائيات وما تبثه من مشاهد العنف والانحرافات الجنسية وغير الأخلاقية بات من الصعب السيطرة على تلك الفضائيات والحد من هذه البرامج ، ويبقى الاعتماد الكبيرعلى الاعلام الملتزم في مواجهة هذه الفضائيات في المؤتمرات الاعلامية لوقف ما يجري فيها من انتهاكات للمجتمع المتمثلة بالتشجيع على العنف ، وتثمين دور الفضائيات التي تتصدى الى ظاهرة العنف ضد المرأة والتي لديها اهتماماً متزايداً على مدى السنوات العشرين الماضية.
اما دور المؤسسات التربوية والتعليمية فيتمثل في اعداد مناهج تتضمن اخطار العنف ضد المرأة كمناهج حقوق الانسان لاسيما حقوق المرأة في المدارس والجامعات بهدف توعية سائر افراد المجتمع الذكور والاناث على حد سواء بحقوقهم بغية القضاء على كافة اشكال العنف الاسري وعلاوة على ذلك اقامة انشطة مدرسية هدفها تعزيز السلوك التربوي الذي يرفض العنف وبيان اثاره الاجتماعية وخطره على التنشئة الاسرية.
ان الاسرة التي تمارس العنف ضد المرأة غالبا ماتكون اسرة فقيرة او تحت خط الفقر، فينبغي اصدار قرارات لزيادة الدخل لهذه الأسرة المشمولة بشيكة الرعاية الاجتماعية لسد احتياجاتها المادية.
اما مايتعلق بالمجال القضائي ودوره في التصدى لهذه الظاهرة فأن قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959، من القوانين المهمة التي لها مساس مباشر بالأسرة وخاصةً المرأة والطفل، ويضع القواعد القانونية التي تنظم الزواج والطلاق والنفقة والعدة والحضانة والنسب وغيرها من الأمور التي لها علاقة بالأسرة،
كان ولا يزال العنف الاسري يشكل خطرا كبيرا يواجه النساء والفتيات في العراق، وتعد هذه الانتهاكات والممارسات امرا عاديا ومسكوت عنها، في اطار المنظومة الابوية التي تستمد تأثيرها من العادات والتقاليد، ولا يسمح للضحية بالإبلاغ ورفع الشكوى ضد معنفها، مما يجعله يتمادى في انتهاكاته، في ظل المادة 41 / أ من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969، التي منحت حق التاديب للزوجة والأولاد، وعدم تشريع قانون العنف الاسري، بالرغم من حملات المدافعة لمنظمات المجتمع المدني بهذا الشأن.وتتولى مواجهة العنف الاسري وزارة الداخلية مديرية حماية الاسرة والطفل واستقبال الشكاوى والاخبارات على مدار ( 24) ساعة على الخط الساخن الخاص بشعبة الإرشاد القانوني والمرقم ( 139) لشبكـــــــات الهاتف استلام القضايا المحالة من المراكز والجهات التحقيقية الأخرى وتلقي الإخبار من المستشفيــــــــات والمراكز والمدارس والجهات الحكومية الأخرى ،عند علمهم بحصول عنف اسري إجراء المقابلة مع المعنفين والمعنفات من قبل ضباط مختصين مع مراعاة جنس الضحية اذ يتم مقابلة النساء من ضباط من العنصر النسوي القيام بإرسال الضحايا إلى الفحص الطبي ومعالجتهم وربط التقارير الطبية التي تؤيد حصـــول الاعتداء عليهم في القضايا التحقيقية متابعة القبض على مرتكبي جرائم العنف الأسري وإحالة قضاياهم إلى المحكمة المختصة .
وفي المجال الصحي يمكن للقطاع الصحي أن يؤدي دوراً حيوياً في الاستجابة ومنع العنف ضد النساء والفتيات. ويشمل هذا الدور المساعدة في التعرف على حالات سوء المعاملة في وقت مبكر، وتوفير الرعاية والدعم للناجين، وإحالة النساء إلى الخدمات الطبية المناسبة
وأظهرت الأبحاث الحديثة أن النساء اللاتي تعرضن للعنف فرصهن اكبر في بأنجاب طفل منخفض الوزن عند الولادة، وكما ان العنف عامل اساسي في الاكتئاب وقد يتسسب العنف في اجهاض المراة ومن المحتمل أن تكون مصابًا بفيروس نقص المناعة البشرية
فالعنف ضد المراة لا يؤثر فقط على صحة المرأة الجسدية والإنجابية، بل يؤثر بشكل خاص على حالتها النفسية والعاطفية. لقد تسبب ذلك في شعور النساء بالخجل وفقدان احترامهن لذاتهن. ويهدد الأمن الشخصي للمرأة.
لذا ينبغي على مؤسسات وزارة الصحة أن تعمل بالتعاون مع من له صلة في مواجهة العنف لمنع حدوث العنف على الإطلاق. وكما ينص نهج الصحة العامة تكثيف برامج صحة المجتمع والاسرة في الوقاية منه .
كما العنف ضد المرأة يحد من التنمية البشرية فهو يعرض صحة المرأة للخطر ويحد من قدرتها على المشاركة في التنمية الاجتماعية تنخفض إنتاجية المرأة العاملة بسبب الغياب المتكرر الناتج عن العنف. ويستنزف الموارد المالية للاسرة
وفي المجال الديني أمر الإسلام بكف الأذى عن المرأه، واحتماله منها، والحلم عند غضبها، وحسن عشرتها، ومعاملتها بلطف، وفي ذلك كلّه اقتداء برسول الله صلى الله عليه واله ، اذ كانت المرأة حاضرة في وصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم الأخيرة قبيل انتقاله إلى الرفيق الأعلى اذ قال: (أيها النَّاس، اتَّقوا الله في النِّساء، اتقوا الله في النِّساء، أوصيكم بالنساء خيرًا ).
فلم تقتصر حقوق المرأة في الإسلام على الحقوق المادية وإنّما تعدى ذلك إلى الحقوق النفسية، وأعطاها حقوقها على أكمل وأحكم وجه، ولم يعنِ أن تكون القوامة بيد الرجل أنّ له حق إهانتها أو ظلمها، وإنّما جعل له ذلك ليذود عنها، ويحيطها بقوته، وينفق عليها، وليس له أن يتجاوز ذلك إلى القهر والجحود.
اما في المسيحية أوضحت الكنيسة أن الديانة المسيحية ترفض تماما أشكال العنف ضد المرأة سواء كان هذا العنف جسديا او لفظيا أو معنويا، كما تناهض الكنيسة أي ممارسات ضارة تؤدي أو يمكن أن تؤدي إلى معاناة للمرأة أو تنتقص شيء من حقوقها وكرامتها كما أنها ترفض أيضا العنف المنزلي والأسري ومن هنا لا يجوز لأى رجل أن يمارس العنف ضد المرأة بأي شكل من الأشكال، “أيها الرجال أحبوا نساءكم ولا تكونوا قساة عليهن”
وفي الديانة اليهودية عند قراءة التاريخ اليهودي ودراسة تطوره، يبدو وكأن المرأة لا وجود لها، فنادرا ما حظيت في الكتابات اليهودية بمكانة لائقة. وتكرس الديانة اليهودية التفرقة بين الجنسين كما تحرم الشريعة اليهودية المرأة من الميراث فهي ليس لها حق الارث وتحرم منه ما دام هناك رجال.
اما في المجال الاممي إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي اقرته الأمم المتحدة في عام 1948 ،يوفر الاتفاقية الدولية الأساسية لمكافحة العنف ضد المرأة، اذ یعلن عن المساواة في الحقوق بين المرأة والرجل، بما في ذلك الحق في الأمن الشخصي .لقد كان للإعلان العالمي اثر كبير على تطویر القانون الدولي لحقوق الإنسان، لكنه یعتبر طموحًا أكثر منه مطلقًا، ومفتوحًا للتأویل، ولا یخلق التزامًا قانونيًا للدول للحفاظ على هذه المبادئ.
في عام 1981 ،دخلت حيز التنفيذ اتفاقية مهمة لمعالجة عدم المساواة للمرأة. وهي اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة CEDAW أول اتفاقية لحقوق الإنسان خاصة بالمرأة (مع التحفظ على بعض موادها)، وهي أداة أساسية في الدعوة إلى تحقيق المساواة للمرأة على الصعيدین الوطني والدولي. لكن اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة لا تعالج العنف. في الواقع، اذ لا یتضمن نص الاتفاقية كلمة “عنف” على الإطلاق.
ولمعالجة هذا الإغفال، أضافت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة في عام 1992 توصية عامة خاصة بالعنف ضد المرأة. كانت التوصية العامة رقم 19 تاریخية. لقد جلبت المشكلة بشكل كامل إلى التداول العالمي، معترفة بأن العنف ضد النساء والفتيات كان منتظماً وواسع النطاق .
. وبالمثل، فإن منهاج عمل بكين، الذي اعتمده المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة في عام 1995 ،یدعو الحكومات إلى اعتماد وتنفيذ ومراجعة التشریعات لضمان فعاليتها في القضاء على العنف ضد المرأة، ولكنها لا تفرض أي التزام قانوني على الدول.
كما ان أتفاقية المجلس الأوروبي لمنع ومكافحة العنف ضد المرأة والعنف المنزلي أو اتفاقية إسطنبول هي اتفاقية مناهضة للعنف ضد المرأة، أبرمها المجلس الأوروبي وفتح باب التوقيع عليها في 11 أيار/ مايو 2011 بإسطنبول تركيا. تهدف إلى منع العنف، وحماية الضحايا، و«وضع حد لإفلات مرتكبي الجرائم من العقاب».