هل انت راض عن نفسك ؟ سؤال متى ما طرح على شخص ؟ الا وكانت اجابته عنه بالنفي ، فمن يجيب عن هذا السؤال هم ممن يشعرون بالقلق والخوف والاحباط وضعف الثقة بالنفس ، فانه يسعى الى تغيير حاله نحو الاحسن ،كذلك الذين يتمتعون بصحة نفسية وحياه هانئة وحالة معتدلة من الذين نراهم يسعون الى تحسين احوالهم نحو الافضل ، وامام هذه الحقيقة نجد ان الجميع يعمل على التغيير نحو الاحسن والافضل . اذ أن الشعور بعدم الرضا عن النفس سمة قد تكون بارزة ، يرافقها الشعور بالحاجه الى التغيير.
ان التغيير من ابرز صفات الانسان بما أوتي من حرية الاختيار والاراده فهو المخلوق الوحيد الذي يستطيع ان يغير في نفسه ومجتمعه وبيئته ، وحياته ومواجهة واقعه السيء.
كما ان التغيير المطلوب هو تبديل التصرفات والصفات السيئة بسمات وصفات حميدة ، فمن كان بخيلاً او جباناً او خجولاً فعليه ان يبحث كيف يبدل هذه الصفات السيئة بالصفات الحسنة ؟ ويعبرعن هذا التغيير باصلاح السريره مصدقا لقوله تعالى ( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ )
ثم ان التشجيع على التغيير ، لا يعني ان السرعة فيه اهم من الدقة ، لذا ينبغي ان لاتضحي بالدقة من اجل السرعة في ابراز سلوكيات وممارسات تدل في مضمونها على ضعف الشخصية ، بل لابد ان يكون التغيير نابع من وعي يستند على الدقة والموضوعية
ويتوهم بعض الناس انهم لا يستطيعون ان يغيروا من عاداتهم وافكارهم السلبية ، وحجتهم في ذلك انهم خلقوا على هذه الطبيعه ، ولا يتمكنون من تغيير حياتهم نحو الافضل ، ومرد ذلك الى فلسفتهم في فهم موضوع القضاء والقدر والاختيار والاجبار او ينسبونه الى الكسل وضعف الارادة والانهزام النفسي ، والقناعة بالوضع الحالي ، ولو عدنا الى الدين والامثلة العملية نجد ان التغيير نحو الافضل مطلوب وان الانسان قادر على ذلك وألا لما حث الله سبحانه وتعالى الناس الى تغيير ما في انفسهم وواقعهم وافكارهم السيئة قال تعالى( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) فالانسان الذي سخر الكون و الطبيعة لخدمته يستطيع ان يغير ما بنفسه ،وهنا لابد من معرفة خطط تغيير النفس نحو الافضل، المتمثلة في التغيير الداخلي فكل ما موجود في نفس الانسان هو ما زرعه الابوين فيه منذ الصغر ولتغيير هذا الحال لابد من العمل على محو الذكريات السيئة وزرع الايجابية مكانها ،اي التخلي عن الرذائل والتحلي بالفضائل ، كذلك على الانسان ان يتدرب على عمل برمجة فكرية لنفسه ومعنى ذلك ان اي فكرة تضعها في ذهنه يستطيع ان يركز عليها ثم الاحساس فيها لتظهر من بعد على شكل مواقف ايجابية في سلوكه ،
ان التغيير لن يحدث ، الا اذا قررت قراراً قاطعاً بتغيير الجذور التي بدأتها ، وهي الافكارالمسيطرة المعوقة للتغيير ، فعلى الانسان ان يؤمن بانه يملك طاقات هائلة للقيام بأعمال ايجابية ، وهذا الايمان نتيجة لما يثبت في فكرة عن وعي وقناعة ومصداقية ، فاذا غير الانسان من معتقداته الغير عقلانية ، استطاع ان يغير حياته بشكل افضل ومن هنا لابد من العمل على برمجة الافكار السلبية لاستبدالها بأفكارايجابية ، بعد ان واجه التفكير السلبي الذي كان يشكل خطراً عليه والمتمثلة في سلسلة من المتاعب التي كانت ممهدة للأمراض النفسيه والجسديه ، فالتفكير الايجابي يمثل الوقوف ضد السلبية التي تسيطر على خياله ومواجهة حالة التعثر الى حالة تتصف برضا وايمان ورؤية مشرقة بالحاضر والمستقبل ، فاذا اردت ان تعيش سعيداً عيش الحاضر بروح متفائلة وتمتع به بمافيه من تقنيات لتعزز الايمان والالتزام بالقيم النبيلة .
فو فرضنا انك لم تستطيع ان تكون ايجابياً يقيناً ستبقى سلبيات الماضي لايمكنك مغادرتها لتتراكم لتظهرقوة تعمل ضدك، فعلى الانسان ان يسعى لان يصحح صورته السلبية عن ذاته فكل انسان يحمل في داخله صورسلبية وايجابية عن ذاته مخزونة في عقله الباطن، فالشخص الذي يرى نفسه فاشلاً فانه سيتصرف على هذا الاساس ، ويسعى بكل الوسائل اللازمه لتاكيد ذلك ، كذلك الحال الانسان بالنسبة للانسانالذي يرى نفسه تعيسا او قليل الحظ ، وبعض من لديهم عاهات جسديه يرونها عائقا كبيرا لهم مما يلجئون الى عمليات التجميل التي في بعض الحالات تساعد على تغيير هذه الصورة لديهم ، ولكن في الواقع اذا حصل هذا التغيير ليس السبب هو تصحيح العاهة فقط وانما الصورة الداخلية للذات كانت مؤهلة لتقبل التغيير الحاصل بعد التجميل ، لذلك ينبغي ان تعرف نفسك جيداً وتبتعد عن نقاط الضعف فيها وتركز على مكامن القوه التي من خلالها تسعى لتجاوز نقاط الضعف ، وهذا يتوافق مع ماذكره الفيلسوف اليوناني سقراط بقوله المأثور (اعرف نفسك)
كذلك على الانسان ان يغيرمن واقعه الذي يبدو في عدم تقبله لنفسه ،الى واقع فيه تقبلاً ايجابيا ليشعر بالعزة والقوة متمثلة في محبه النفس وتقبلها والايمان بان لا ينتقد الانسان نفسه بأي ظرف من الظروف ، فالانتقاد الهدام يجعل استمراراً للتفكير السلبي الذي لا يمكن التخلص منه في الوقت الذي نسعى الى سيادة التفكير الايجابي ، واخيرا وليس اخرا نتمنى للجميع الحياة السعيدة والقدرة على التغيير