د.يوسف حسن
في 1 أبريل 2024، لقد وقع حادث مهم في منطقة الشرق الأوسط، في خضم دوامة الحروب والفوضى الحالية، ما رفع سخونة المشهد وأشعل المنطقة كالنار في الهشيم. حيث نفذت إسرائيل، في إجراء غير مسبوق، عدوانا على بعثة إيران الدبلوماسية في دمشق.
بالتوازي مع ذلك، وبغض النظر عن القرار الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فإنها لم تكتف بتجاهل قرار المجتمع الدولي الداعي لإنهاء الحرب على غزة، بل قررت توسيع دائرة الهجوم لتطال معبر رفح. كما ذهبت إلى أبعد من ذلك، وفي محاولة للهروب للأمام، زعمت أن إيران كانت مسؤولة عن بدء حرب غزة ودعم حماس، فهاجمت السفارة الإيرانية في دمشق بسوريا، مما أدى إلى مقتل العديد من المستشارين العسكريين الإيرانيين. والآن علينا أن نفسر هذه المسألة من وجهة نظر القانون الدولي.
لقد انتهكت إسرائيل، باعتبارها عضواً في الأمم المتحدة وموقعة على اتفاقية فيينا بشأن المقرات والأماكن الدبلوماسية لعام 1961، أحكام هذه الاتفاقية الدولية بهجومها الأخير على السفارة الإيرانية في أراضي دولة ثالثة (سوريا).
ومع ذلك، فإن المسؤولية الرئيسية فيما يتعلق بهذا الهجوم لا تقع فقط تجاه إسرائيل باعتبارها دولة معادية للأماكن ذات الحصانة، رغم أنها بهذا العمل قد هاجمت الأراضي الإيرانية وأعلنت الحرب بالفعل، الأمر الذي يمكن أن يكون له عواقب قانونية وعسكرية. ولكن أيضاً سوريا كدولة موقعة وفقاً للفقرة الثانية من المادة 22 من الاتفاقية المذكورة؛ تصرفت بشكل ضعيف في الدفاع وحفظ الأمن ومنع الاعتداءات على السفارة أمام الجميع، ولم تقم بواجبها الأساسي في هذا الصدد.
فهل يمكن إعفاء سوريا من المسؤولية لأنها تخوض حرباً مع إسرائيل؟ وبطبيعة الحال، الجواب سلبي. ومن الناحية القانونية يجب محاسبة سوريا وتعويض الخسائر الناجمة عن عدم قدرتها على الحفاظ على أمن الإيرانيين والسفارة.
أما بالنسبة لانتهاكات إسرائيل المتتالية للقرارات والقوانين الدولية، فيبدو أن الدول الأعضاء في النظام الدولي لا تنوي التحرك ضد إسرائيل وإيقافها، وهذه البدعة كما هو متوقع، سترسخ نفسها بسرعة. فإذا نقول إن نهاية عمل الأمم المتحدة ودورها الأصلي في إحلال السلام في العالم أصبحت قريبة بعد الحروب الإقليمية وسوء نية القوى العالمية العسكرية والسياسية وتفسير القوانين لصالحهم، و هذه ليست مبالغة.
وفيما يتعلق بالهجوم الإسرائيلي، تجدر الإشارة إلى أن مبدأ المعاملة بالمثل وفقا للمادة 22 من قانون المسؤولية الدولية للدول، لاينبغي أن يؤدي ذلك إلى رد آخر من الدولة المقابلة. والسبب في هذه القضية هو منع انتشار التوترات والصراعات بين الدول. ولذلك فإن السبيل الوحيد لإحقاق الحق والحفاظ على السمعة الدولية والسلام المستقر هو المعالجة القانونية الصحيحة عبر القنوات القانونية، وهي تقديم شكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية وتقديم الأدلة والتوثيقات حول التجاوزات الإسرائيلية على الأراضي الإيرانية.