حصد السيد الصدر أقصى تأييد عربي ودولي بتبنيه خطاباً عروبياً ووقوفه ضد التمدد السياسي الايراني في المشهد العراقي، في وقت حاولت الولايات المتحدة بشتى الأساليب الوصول إليه والتأثير عليه ومناغمته لكنها فشلت مع شعاره (لا غربية ولا شرقية).
كان الخطاب الصدري ونوعه محط تأييد شعبي عراقي سنياً كان أم كردياً وانتقل هذا التأييد إلى المحيط العربي، وقد عزز هذا الخطاب ولادة رؤية عربية ودولية لدعمه ليكون البديل الأنسب للاطار التنسيقي في إدارة الدولة، وقد لا أبالغ إذا قلت: إن هذه الرؤية أصبحت أمراً أقرب إلى الواقع لولا الانسحاب المفاجئ للصدر من البرلمان العراقي، واعتزاله العمل السياسي مؤقتاً الذي كلفه خسارة جزء لا يستهان به من التأييد العربي والدولي، لكنه بقي محافظاً على كونه الرجل الوحيد في العراق الذي يحظى بتأييد شعبي وعقائدي، وعنده جمهوراً لا يعصي له أمراً ولا يتردد في تنفيذ رغبات قائده، أنه جمهور لا يتوافر لدى أية شخصية أخرى في العالم.
والخسارة الثانية كانت عربية هي تلك التي أَعُدها أنا طلاقاً بائناً لا رجعة فيه بين المحيط العربي، وبين الصدر كانت حكومية أم شعبية بعد تبنيه قرار عطلة الغدير.
أما على المحيط الدولي فكانت الخسارة الثالثة بعد محاصرة جمهور التيار الصدري السفارة السويدية وتداعياتها.
وأخر تلك الخسارات الدولية هي دعوته لطرد السفيرة الأميركية من بغداد واصفاً أياها بالسفيهة .
أما على الصعيد العراقي، فقد رتبت أربيل وضعها مع أيران وبدأت تأخذ حقوقها من بغداد بهدوء بعيداً عن الإعلام وصار أعداءها بالأمس من أقرب أصدقاءها اليوم، وأصبح السنة يتسابقون على كسب ود الاطار ولم يعودوا يفكروا بالتحالف مع الصدر بعد زواجهم الكاثيولي الذي تم عقده مع الاطار وربما بدأ يؤتي أُكله.
في ظل هذه الظروف وقواعد الصدر ومعاييره في التحالفات فأنه لن يصل إلى رئاسة الوزراء، ولن يجد من يدعمه أو يتحالف معه، إلا في حالة حصول متغيرات محلية، وهذا ليس ببعيد في بلد مثل العراق، ولا نستبعد حدوث متغيرات دولية قد تُسهم في حصول حالة جديدة يكون فيها الصدر المتصدي الأول لها وحينها تبدأ مرحلة أخرى، ولكنها ليست قريبة بسبب الأوضاع القلقة سواء كانت شرق اوسطية أو عالمية، وهذه أحدى سيناريوهات الصدر في المشهد السياسي العراقي المقبل، وقد يلجأ الصدر في سيناريو أخرى بعد الانتخابات المقبلة لتأسيس شورى سياسية تأخذ على عاتقها متابعة الشؤون السياسية للتيار الوطني الشيعي، في حين يتوجه الصدر لتعزيز وضعه كرجل دين بين مرجعيات النجف.