القوانين المتعلقة بالعمل الصحفي السابقة والمستحدثة، وعدم احترام القوانين من قبل المسؤولين والقوات الأمنية، أبرز معوقات الصحافة والإعلام، هذا ما اتفق عليه عدد من الصحفيين الذين التقتهم “القرطاس نيوز”.
عضو النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين الصحفي قيس العجرش، يقول “حرية التعبير في حرب دائمة مع قوى تعتقد أن أساس وجودها مهدد، بحد ذاته مشكلة تواجه العمل الصحفي”.
ويضيف “المعارضة السياسية في العراق لم تصل بعد إلى مفهوم ممارسة الصحافة الحرة كي تحقق الفائدة سواء كانت في السلطة أم خارجها”، مشيراً إلى أن “العراق يضم عدداً محدداً من المنظمات المهتمة بالشأن الصحفي”.
ويتابع “النقابة الوطنية هدفها خلق بيئة صالحة لحرية التعبير ما يؤدي إلى توفير فرص عمل أكبر للصحفي”، لافتاً إلى أن النقابة “أجرت اتصالات دولية مكثقة مع الشركاء المهتمين بحرية التعبير من أجل تشريع قوانين محلية تحمي الصحفي”.
ويشير العجرش إلى أن “الفقرات الدستورية الخاصة بحرية التعبير لم تعد حامية له، ويجب تشريع قوانين أكثر فاعلية”، مستدركاً “لكن من الصعب تشريع مثل هكذا قوانين في ظل عمل سياسي أعرج لا يؤمن بالدستور إلا ظاهراً ويسكت عن الخروقات الدستورية الكبرى”.
ويؤكد أن النقابة الوطنية “تعمل جاهدة على تحويل النصوص الدستورية إلى قوانين تنفيذية تلتزم بها الحكومات المتعاقبة وتتحول إلى تقاليد ديمقراطية لأن هناك في السلطة من ينظر إلى حرية التعبير وكأنها منَة ولكن في الحقيقة هي من لوازم النظام الديمقراطي”.
تعرض الصحفيين إلى التضييق المتعمد من قبل الجهات الحكومية، أمر أكده المدير التنفيذي لجميعة الدفاع عن حرية الصحافة ياسر السالم، إذ يقول “الصحفيين الميدانيين هم الأكثر عرضة للاحتجاز والتضييق، خاصة وأن القوات الأمنية تمنع الصحفيين من تغطية أحداث الشارع وخاصة الأحداث الأمنية”.
ويبين “قيادات العمليات تمنح بعض التراخيص إلى الصحفيين لمزاولة عملهم الميداني وغالباً ما يتم منح هذه التراخيص بحسب المزاج الشخصي، وهي لا تصدر وفق ضوابط محددة وهذا يمثل انتهاكاً للدستور والقوانين النافذة التي تضمن حرية التعبير”.
ويؤكد السالم أن جمعيته “سعت خلال السنوات الثلاث الماضية إلى تعديل قانون ما يسمى بحقوق الصحفيين الذي أعدته نقابة الصحفيين العراقيين، إلا أنه في الحقيقة أعاد تفعيل القوانين التي شرعها النظام الدكتاتوري السابق، وهو قانون لا ينسجم مع التحول الديمقراطي في البلاد”.
ويوضح “الجمعية وضعت خطة لتعديل هذا القانون ولكن للأسف الكتل المتنفذة في الحكم لا تقبل بوجود صحافة حرة في البلاد”، مشيراً إلى أن “الجمعية تسعى إلى إلغاء مواد النشر في قانون العقوبات رقم 111 والتي تعتبر انتهاكاً لحقوق الصحفيين، حيث أن هذه العقوبات تبدأ بالغرامة وتنتهي بالسجن المؤبد وهي من قوانين النظام المباد”.
يبدو أن الوضع الذي ينتقده العجرش والسالم يختلف عن ما يراه الإعلامي علي وجيه إذ يقول “حرية الصحافة في العراق موجودة، ولكن الكثير من الإعلاميين يعملون في مؤسسات أما مؤدلجة أو تمتلك رسالة سياسية معينة وهذا ما يجعلهم لا يتحدثون بشكل واضح”.
ويضيف “محكمة النشر غالباً ما تلغي الدعاوى المرفوعة ضد الصحفيين من قبل الجهات الحكومية”، لافتاً إلى أن “الصحفي قد يكون محظوظاً في أوقات كثيرة، حيث أن مسألة الاعتداء عليه تأخذ حيزاً واسعاً في الإعلام ولكن المواطن قد يهان ويعتدى عليه ولا يكترث أحد لذلك”.
ويتابع وجيه “الصحفيون دائما يخشون التصفية الجسدية عند التعبير عن رأي معين”، مؤكداً أن “خطورة العمل الصحفي تكمن في ما يتعرض له الصحفي من خطورة الأوضاع الأمنية التي يعاني منها أغلب المواطنين”.
وجيه يرفض تشريع قانون خاص بالصحفيين لأن “الحرية موجودة عبر كتابة رأيك والتي تتضمن في بعض الأحيان الشتائم من قبل بعض الصحفيين، فضلاً عن الحرية في تنظيم أو المشاركة في التظاهرات إلى حد ما”، مستدلاً بأن “مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت وسيلة للانتقاد أكثر من الوكالة الاخبارية نظراً لحجم المتابعين فيه وهذا ما يعتبر حرية للتعبير”.
وحول تضييق القوات الأمنية على عمل الصحافة الميدانية، يقول قثم القيسي، مراسل إحدى القنوات الفضائية، إن “العاملين في الصحافة العراقية لم يصلوا إلى مراحل الصناعة الحقيقية للخبر، حيث أن المراسلين يقومون بنقل المعلومات والأحداث فقط دون الغوص في مكامن الحدث بسبب القيود السلطوية المفروضة على حرية الصحافة هنا”.
ويشير إلى أن “المصور التلفزيوني والفوتوغرافي لا يسمح له بالتصور إلا إذا كان يحمل كتاباً صادراً من قيادة عمليات بغداد يخوله بذلك”.
ويذكر القيسي أنه لم يتمكن من إنجاز عمله في إحدى المرات بسبب “قيام عناصر من القوات الأمنية بمنعه من التصوير إلا بعد الاتصال بقيادتهم للتأكد من صحة كتاب التخويل ما تسبب بتأخير إنجاز التقرير لأكثر من ساعة”، مضيفاً “في الكثير من المرات تمنعنا القوات الأمنية من التصوير ولا نستطيع أن ندخل في حوار معهم خوفاً من تصرفاتهم غير المتوقعة، والحال نفسه لا يختلف عند إجراء اللقاءات في مقار الوزارات والمؤسسات الحكومية”.