التعليم.. بين ..التنظيم.. و ..التطعيم

    ا.د.ضياء واجد المهندس

    ان موضوع التربية والتعليم يعتبر من المواضيع الحساسة جدا وسبق ان تناولت الموضوع كثيرا كما انني اطلعت على تجارب كثيرة منها تجربة الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا والبرازيل… والمعروف ان البلدان تتقدم بالتربية والتعليم وانه اذا تقدم التعليم سوف يتقدم المجتمع بمهارته و انشطتة الاقتصادية والسياسية كذلك ان عامل تقدم التعليم هو عامل انخفاض للفساد والمحسوبية .
    لقد كنت في جميع زياراتي لاغلب بلدان اوروبا وامريكا اخصص وقت كبير لزيارة مراكز التعليم الاولي سواء التعليم الابتدائي او الثانوي حتى ان زوجة صديقي السوري وهي امرأة بلجيكية من المشرفات على التعليم الاولي في بلجيكا قالت لي ذات مرة انت بروفيسور بالهندسة واستاذ لدراسات عليا بالهندسة عادة لِمَ تهتم بالتعليم الاولي ؟ فقلت؛ (فضول)، والحقيقة ليس فضولا ولكن رأيت ان هناك خللا كبيرا في وزارة التربية وفي نظم التعليم الابتدائي ةللمتوسط والاعدادي في العراق وتخبط كثير..يوم علمي وأدبي ويوم احيائي وتطبيقي وادبي ويوم زحف بالمناهج ويوم اضافات حتى بلغ الامر في زمن جائحة كورونا أن اضافوا جائحة التربية والمعدلات العالية حيث تجاوز معدل اكثر من ستة الاف طالب 100%. واكثر من خمسين الى ستين الف طالب بلغ معدلهم 99%، وهذه مشكله حقيقية لان هذه المعدلات العالية تشير الى تفوق عالي في انظمة التعليم والمعلومات وفي مستوى المهارات عند الطلبة وهذه ليست حقيقة وابسط هذه المعايير ان احد ابناء معارفي ارسل لي رسالة بالعربية وجدتها مليئة بالاخطاء اللغوية وليس لمفرداتها اية علاقة باللغة العربية الام الا كلمة واحدة هي (العالمين)، وطلبت منه تغيير هذه الكلمة الصحيحة ونعتبر كلمات الرسالة لغة جديدة مشتقة من اللغة العربية علينا ايجاد قواعد جديدة لها، انها مأساة حقيقية ياسادة.
    شرعت وزارة التربية الان ان يكون الدوام ثلاثة ايام في الشهر وهذه مشكلة حقيقية اضافة الى ان المعلم او المدرس يأتي الى المدرسة في وقت حصته فقط ويذهب بعد انتهاءها، وكأن التربية متخصصة فقط باعطاء الحصة ليوم واحد وهي اشبه بجرعة اللقاح تعطى كل عشرة ايام مرة واحدة دونما تواصل حقيقي.
    توجد لدينا الان مشكلة في التواصل الاليكتروني وكذلك توجد مشكلة حقيقية اخرى في التعليم الافتراضي والتربية الرقمية المتعارف عليها وهي تختلف كليا عما تطرحه وزارة التربية حيث اصبحت هذه الوزارة لتمشية الامور فقط ويليها وزارة التعليم.
    وللاسف ان مانقوله كثيرا مايزعج السادة الوزراء….اذ يتوجب علينا مدح الوزير وكتابة رسائل التبجيل له لانجازاته وعبقريته وابتكاراته في نظم واستراتيجيات التربية والتعليم….والحقيقة ان هناك انتكاس كبير في التربية والتعليم بحاجة الى اعادة نظر في استراتيجية التعليم.
    لقد طرحت وزارة التعليم العالي قبل عشر سنوات استراتيجية كلفت الدولة مليوني دولار لم يتم مراجعتها او قراءتها او تقييمها، واصبحنا في مشكلة حقيقية بان نضع استراتيجية جديدة…لكن من يضع هذه الاستراتيجية وكيف توضع ….اذا بقت هذه الاستراتيجية في كواليس وزارة التعليم العالي بفريقها الاداري المتهالك المتنقل من وزير الى وزير والذي كل عمله ان يحقق متطلبات رضا الوزير، دون ان تكون لديه اي استراتيجية او اليات او تكون لديه خارطة طريق واضحة لتطوير التعليم والخروج من المأزق الحاد في التعليم العالي في العراق . اننا نخرج الان اعداد كبيرة من الاطباء في العراق لكن مرضانا يذهبون الى الاردن و سوريا وتركيا وايران والهند… بسبب انهم لايثقون بالاطباء العراقيين او بالطب المدرس للاطباء العراقيين .
    وكذلك توجد مشاكل كثيرة حتى في الجوانب الهندسية حيث كانت دول الخليج لاتضع اختبارات للمهندس العراقي، اما الان فالمهندس العراقي خارج دائرة القبول في الكثير من الشركات الخليجية والسبب يقال ان مستوى التعليم التكنولوجي و التقني والهندسي في العراق مستوى متدني..
    وهكذا في جميع الاختصاصات.
    الحقيقة نحن بحاجة الى اعادة نظر…. ان موضوع داوم الطلاب ثلاثة ايام في الشهر او مايسمى بالتعليم التطعيمي او لقاح التعليم هذا موضوع بحاجة الى اعادة نظر..نحن بحاجة الى تأهيل الاساتذة خلال هذه الفترة عبر المنصات الاليكترونية المفروض بالاستاذ ان يداوم بشكل يومي عبر منصة اليكترونية لتطوير مهاراته وطرائق التدريس اسلوب المعلومات كيفية الولوج الى التعليم الافتراضي ، كيفية الوصول الى وسائل الابتكار والى تقنيات التعليم المتقدم وإلا فأقرأوا على التربية والتعليم السلام…
    رجائي الى الاخوة ارسال ملاحظاتكم لنبتدأ باطلاق مبادرة للتربية والتعليم نحن ندرك جيدا ان اية مبادرة سترمى في اقرب سلة مهملات من سلال الوزراء سواء وزارة التربية او التعليم لكن نقول (علينا ان ندلو بدلونا) ليس المهم الوزراء الذين يأتون ويرحلون وكل همهم الحفاظ على تواجدهم في المنصب وعلى كراسيهم خلال فترة استيزارهم .
    ان مهمتنا هي المحافظة على مستوى التعليم العالي بشكل متقدم ونحاول ان نطور التعليم في العراق، لان هذا قدرنا وهذا اختيارنا ويجب ان يكون الاخوة جميعا متحمسين لاطلاق مبادرة للتعليم.
    لقد سبق ان اطلقنا مبادرة للتعليم العالي في زمن عبد الرزاق العيسى والدكتور قصي وفي زمن د.نبيل وللاسف لم يهتم احد منهم بالمبادرة وكان جٌلّ ما يقدمونه هو حلول انية ترقيعية ستؤدي الى انهيار مؤسسة التعليم العالي في البلد بشكل كبير.
    تحياتي للجميع وانتظر مقترحاتكم وتوصياتكم.

    أ.د. ضياء واجد المهندس
    مجلس الخبراء العراقي

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة