الإتفاق الذي تم بموجبه إنتخاب محافظ لديالى أنهى أزمة سياسية كانت تحكم المشهد في المحافظة اللصيقة ببغداد، والغريب إنها لصيقة بالسليمانية البعيدة كثيرا عن العاصمة الإتحادية وكركوك وواسط، وتضم مكونات دينية وعرقية وثقافات متنوعة، وعندما تكون في ديالى يمكنك أن تقول إنك ستصل بغداد في وقت قريب بالسيارة. وهذا القول يمكن أن يتكرر عندما تفكر في السفر منها الى مدن الإقليم وصلاح الدين وواسط في الجنوب.
بقيت كركوك عصية على الإتفاق بالرغم من الإشارات الإيجابية من الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي عاد لمزاولة نشاط سياسي في المدينة، ولديه علاقات متشابكة مع مكونات عدة هناك، وهي السبب تاريخيا في الحديث المستمر عن الهوية، وبعد الإنتخابات الأخيرة لإختيار أعضاء مجالس المحافظات، ومع حسم إختيار رؤساء المجالس والمحافظين فإن ديالى وكركوك شهدتا أزمة طال أمدها، وبينما تم الحسم في الأولى فإن كركوك بحاجة الى المزيد من العمل والتفاوض لتحقيق المستوى الكافي من التفاهم على مخرجات إيجابية تبشر بصناعة مستقبل مختلف على مستوى الحكم والإدارة، وعلى مستوى حضور كل مكون ليشعر بأنه ممثل فعليا، ولديه مسؤولية ما، وإذا ماتجاوز الكورد مرحليا فكرة قيام الدولة، وضم كركوك فإنهم على مايبدو لايريدون التفريط بحضورهم كفاعل أساسي في صناعة القرار، وهو مايدفعهم ليكونوا أكثر إنفتاحا على بقية المكونات، وعلى الحلول التي قد تصنعها الحوارات بين ممثلي المكونات والزعامات السياسية.
الزيارة الأخيرة التي قام بها الشيخ خميس الخنجر الى أربيل ومعه وفد ضم عددا من ممثلي المكونين التركماني والعربي في كركوك، واللقاء مع رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني السيد مسعود البرزاني جزء من حراك مستمر لتجاوز الخلافات في مجلس المحافظة، والوصول الى مقاربات تمكن من تحقيق تفاهمات قد تصل بالجميع الى اللحظة الحاسمة التي ينتظرها أبناء كركوك بمختلف إنتماءاتهم وهي لحظة ضرورية لتمكين الجميع من تحقيق مطالبهم دون أن يدفع الثمن طرف من الأطراف وهذا من مسؤولية القوى السياسية الفاعلة في بغداد وأربيل والفعاليات السياسية الحاكمة للمشهد العام في الدولة.