منذ زمن بعيد والغرب صدّع رؤوسنا بأكذوبة صدقها غالبيتنا وتبجح بها الغرب في كل محفل ومؤتمر وبمناسبة ومن دونها، حتى شعرنا بعقدة النقص من جراء اعتقادنا اننا لا نطبقها، وان الغرب الديمقراطي المتحضر يطبقها بكل شفافية ونزاهة، ما اتحدث عنه هو “القوانين الدولية وحقوق الانسان” التي اتضح في اكثر من مناسبة ان قوى الاستكبار الغربي تستخدمها كذريعة وحجة ضد الشعوب والدول الأخرى المستضعفة او من لا تخضع لها ولا تنفذ أجنداتها، ومنها الدول الحرة ذات السيادة.
ان ما يحدث في غزة وباقي مدن فلسطين كشف لنا وللجميع زيف اكذوبة الغرب المتحضر المنادي بحقوق الانسان، والمطبق للقوانين الدولية، والمدافع عن الشعوب المضطهدة، والباحث عن حرية الإنسان وكرامته، وكشف للشعوب خديعة التزام هذا الغرب الكاذب بحماية الحريات المدنية وحقوق الإنسان وحماية الأطفال والنساء والشيوخ، وإبعادهم عن الحروب والنزاعات المسلحة وغيرها.
غزة الجرح الدامي منذ اشهر، وما يحدث فيها جريمة إنسانية يشهدها العالم اجمع كمتفرج وكأن أحداثها فيلم سينمائي، والقتلى والجرحى ممثلون ينتهي دورهم عند نهاية المشاهد التي تعرض في نشرات الاخبار، وسط صمت عربي ودولي مخجل ومخيف في نفس الوقت، كونه يعبر عن انعدام الانسانية والرحمة والضمير لكل متفرج يشاهد الأطفال والنساء والشيوخ بين شهيد وجريح وجائع ومشرد وخائف وتائه، بين بنايات مهدمة وآيلة للسقوط لا يحميهم سقف ولا يملكون قوت يومهم من طعام وشراب ودواء ، حيث أفادت وزارة الصحة في غزة بارتفاع عدد الشهداء إلى 38848 فلسطينياً والمصابين إلى 89459 مصاباً منذ بداية العدوان الاسرائيلي على غزة .
العدو الصهيوني وحلفاؤه يواصلون ضرباتهم الجوية والمدفعية الثقيلة بكل الأسلحة المتاحة، على قطاع غزة من مناطق مختلفة وتستهدف كامل الاحياء والمدن المجاورة والمراكز الداخلية الخاصة، حتى وصل الامر الى قصف وتدمير المستشفيات ومراكز الرعاية الصحية الأولية والأممية منها، وهم يدعون انهم يواجهون ارهاب حركة حماس ويحاولون السيطرة عليها وتدمير قواتها ويريدون من عملياتهم الحالية وقف ذلك الارهاب المزعوم الذي يستهدفهم من حين لآخر.
الشعب الفلسطيني يدفع منذ عقود من الزمن ثمن جرائم الاحتلال من ايام الابادة الاولى على القرى والبلدات التي هاجمتها عصابات (الهاغانا) في دير ياسين وسواها من مدن البلاد المحتلة، وما يزال هذا الشعب يدفع الثمن في ظل تواطؤ الانظمة العربية العملية والقوى الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية ودول اوربا كفرنسا وبريطانيا التي سارعت لتبرير العدوان بدعاوى فارغة لا قيمة لها امام الدماء التي تسيل بلا هوادة وتغطي الارض الفلسطينية كل يوم، خاصة مع العمليات البرية لاجتياح غزة بكاملها لوقف حركة حماس وفصائل المقاومة الاسلامية.
معظم الشعوب العربية اعلنت التضامن وخرجت المسيرات المنددة بالعدوان الصهيوني، ودعا المصلون لنصرة المجاهدين والمقاومين، لكن اللافت للنظر ان هذه الشعوب توقفت منذ امد بعيد في التظاهر لدعم فلسطين، نحن نعلم ان الحكام العرب مسلوبو الإرادة ومستسلمون لما يحدث وكأن على رؤوسهم الطير، ولكن ما الذي حدث للشعوب العربية والاسلامية!
اذا استثنينا محور المقاومة المبادر بتقديم الدعم المعنوي والمادي للشعب الفلسطيني، ومن يقصف إسرائيل من البر والبحر بكل شجاعة وبسالة، ولها مواقف واضحة تجاه القضية الفلسطينية والدفاع عن اهلها وشعبها، نجد ان الحكومات العربية والاسلامية تتخذ مواقف مخجلة وجبانة مما يحدث من قتل وتشريد وتجويع وتدمير للممتلكات العامة والخاصة لاهالي فلسطين عامة وغزة خاصة.
نحن نستنكر صمت القادة العرب وعلماء الدين عن إبادة شعب عربي مسلم فلا مجال لاحد ان يجامل ويفاوض ويتنازل عن مبادئ وحقوق هذا الشعب المقاوم.
سينتصر الشعب الفلسطيني عاجلا ام اجلاً هذا وعد مكتوب، وستمضي الصهيونية الى المزابل التي جاءت منها، وسيتحقق وعد الله بالكامل لعباده، وسيدخل المؤمنون الى بيت المقدس يكبرون الله ويهلكون الصهاينة الذين تطاولوا على المقدسات وقتلوا الشعوب المظلومة، وهتكوا الحرمات وسرقوا الاموال، ودمروا الحرث والنسل، فالويل كل الويل للصهاينة الانجاس.
كلنا مع الشعب الفلسطيني بكل ما نستطيع من مال وسلاح وارواح ونتضامن معهم بكل المقدرات حتى يتحقق الوعد الالهي باذن الله.