بايدن ونتنياهو وزيلينسكي على حافة الهاوية الكاتب والمحلل السياسي رامي الشاعر

     

    – صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على هامش منتدى الشرق الاقتصادي في فلاديفوستوك، بأن واشنطن تعلم جيدا الخطوط الحمراء لروسيا، ودعاها إلى عدم العبث معها.

    الولايات المتحدة تقترب من اتفاق لنقل صواريخ JASSM
    يأتي ذلك على خلفية تسريبات بشأن قرب تسليم الولايات المتحدة صواريخ طويلة المدى JASSM، لتساعد نظام كييف النازي والإرهابي على استهداف العمق الروسي، لا سيما بعد تبني تشكيلات القوات المسلحة الأوكرانية وبرفقتها مرتزقة أجانب نهج الخلايا الإرهابية وحروب العصابات في مقاطعة كورسك، واستهدافهم السكان المدنيين ومنشآت البنى التحتية المدنية، في محاولة يائسة بائسة لتخفيف الضغط على الجبهة في دونباس، وهو ما أتى بنتيجة عكسية تمام، حيث زادت القوات الروسية على محور دونيتسك من سرعة هجومها، وتقترب الآن من مدينة بوكروفسك الاستراتيجية.
    ويتابع وزير الخارجية الروسي بأن الأمريكيين تخطوا العتبة التي وضعوها لأنفسهم، واستشهد بكلمات منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي الأمريكي جون كيربي الذي قال في وقت سابق إنه يجب توخي الحذر الشديد في دعم أوكرانيا، إلا أن الولايات المتحدة، وفقا للافروف، تعتقد أن مصالحها في مأمن، وبدأت في فقدان الشعور بالردع في تعاملها مع روسيا، وهو ما ينسف المبادئ التي تستند إليها اتفاقيات الأمن الاستراتيجي.
    من جانبه قال متحدث الكرملين دميتري بيسكوف إن واشنطن تلعب دورا مدمرا في القارة الأوروبية، وتهدد ليس فقط المصالح الروسية، ولكن كذلك أمن الدول الأوروبية، برفضها الحوار، وهو ما يدفع روسيا للتفكير في تحديث العقيدة النووية في مواكبة للأوضاع الراهنة الناتجة عن تصرفات الغرب الجماعي، ومواصلة تأجيج الصراع الساخن في أوكرانيا.
    لا شك أن التقدم السريع للقوات الروسية في دونباس أصاب الغرب بالصدمة، بعد كل ما أهدر من أموال وعتاد والأهم من ذلك كله بعد كل ما سال من دماء أوكرانية، يعترف النظام في كييف بأنها سالت من أجل عيون أوروبا، لا من أجل أوكرانيا. حيث يصرح الرئيس المنتهية ولايته زيلينسكي علانية: “إننا ندافع عنكم، وعن القيم والمبادئ الأوروبية”.
    من هنا يمكننا استنتاج منطق الإجراءات والتصرفات اليائسة للنظام النازي في كييف ورعاته في الغرب، بضرب المحطة النووية في زابوروجيه، ومحاولات إصابة محطة كورسك، وغيرها من التسريبات التي تتحدث عن تسليم صواريخ JASSM طويلة المدى لضرب أهداف في عمق روسيا، حيث يؤكد ذلك تورط الغرب في الهجوم على روسيا بالسلاح والمعلومات وأحدث الإمكانيات التكنولوجية، وهو ما دفع الكرملين مؤخرا إلى الحديث جديا عن تعديل العقيدة النووية الروسية، الذي قال بشأنه دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إنه “ضرورة في الأجندة الحالية، استنادا لممارسات الغرب واستهدافه أمن ومصالح روسيا وتحديه لها”.
    على الجانب الآخر في الشرق الأوسط، وفي سياق قد يبدو منفصلاً، إلا أنه متصل بما يحدث في شرق أوروبا ما بين روسيا و”الناتو”، فإن تعبير الرئيس الأمريكي جو بايدن عن “مخاوفه” بشأن مسار مفاوضات إطلاق سراح الرهائن، ووقف إطلاق النار، وما أسمته الإدارة الأمريكية “التركيز على التوصل لوقف إطلاق النار في غزة” لن ينقذ بايدن من فشل الولايات المتحدة الذريع في أوكرانيا، أو في احتكارها لمسار التسوية، وتجاهلها لدور الرباعية الدولية لحل القضية الفلسطينية.
    لقد أصبح من الواضح لجميع العسكريين حول العالم الآن استحالة هزيمة روسيا استراتيجيا على أرض المعركة، وأصبح جليا أن كل أوهام “تركيع” روسيا اقتصاديا، ومحاولات الحصار والعقوبات والتهديدات لن تؤثر في إرادة الشعب الروسي الملتف حول قيادته، وأصبحت دول أوروبا الصناعية المتقدمة، التي كانت تعتمد في صناعتها وازدهارها ورفاهيتها على الغاز الروسي الرخيص تغلق المصانع وتسرح العمال وتنزلق نحو عواقب كارثية تهدد سكان القارة بأسرها. لا سيما أن الصواريخ البريطانية “ستورم شادو” أصبحت تنطلق بإشراف من متخصصين بريطانيين، وبإحداثيات من أقمار صناعية تابعة لحلف “الناتو” لتضرب عمق الأراضي الروسية.
    لم يعد هناك أي مخرج من المأزق الراهن سوى التراجع الفوري عن كل المخططات والأوهام الغربية الساذجة لزعزعة الأمن الروسي، والتي كانت تستند إلى عوامل خارجية بأيدي المعتدي الأوكراني، ومن خلال الحصار وحزمات العقوبات التي أصبحنا نخطئ في عددها وأخرى داخلية بأيدي المعارضة العميلة والمندسة، والتي وجدت طريقها إلى رعاتها وقيميها في الخارج. لم يحدث هذا ولا ذلك، وروسيا تمضي بكل ثقة على طريق النصر على النازية، وعلى الحصار، وبذلك تؤسس لنظام عالمي جديد متعدد القطبية يستند في أسسه على دول الجنوب العالمي، التي تسعى هي الأخرى نحو عالم عادل قائم على القوانين لا على القواعد التي يضعها الغرب استنادا لمصالحه، ومصالحه فقط دون اعتبار لمصالح الآخرين.
    لذا فلن يكون هناك أي مستقبل لإسرائيل، ولا للاتحاد الأوروبي ولا لأي مصالح أمريكية في العالم دون الانصياع لإرادة الأغلبية، والمعركة ليست مع روسيا وحدها، أو مع الشعب الفلسطيني الأعزل وحده، وإنما مع كثير من دول العالم التي أصبحت تدرك الدور الذي يسعى إليه اللوبي الصهيوني الإسرائيلي الأمريكي ودول “الناتو” في الهيمنة على العالم. وأصبحت تلك الدول تعي حجم الهزيمة التي لحقت بهؤلاء في فلسطين وأوكرانيا.
    أتمنى وآمل وأعتقد أن قمة “بريكس” المقبلة في قازان عاصمة جمهورية تتارستان الروسية في الفترة من 22-24 أكتوبر سوف تكون تاريخية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، فنحن الآن نعرف أن تركيا تقدمت بطلب للعضوية في المنظمة، وصرح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، خلال كلمته أمام منتدى الشرق الاقتصادي بأن أكثر من 30 دولة حول العالم يرغبون في التعامل مع أو تقدموا بطلبات للانضمام إلى “بريكس”، وسوف يحضر قمة “بريكس”، وفقا لبوتين، الرئيس الصيني شي جين بينغ، ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس وزراء ماليزيا أنور إبراهيم، وستكون هناك كذلك الدول حديثة العضوية في المنظمة، السعودية وإيران وإثيوبيا ومصر والأرجنتين والإمارات، بالطبع إلى جانب جنوب إفريقيا والبرازيل.
    إن إحلال السلام والأمن والاستقرار في العالم يبدأ من الشرق الأوسط، ومن قضيته المركزية القضية الفلسطينية، والقضية الفلسطينية لم تبدأ، كما يحاول المغتصب الصهيوني والحكومة الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل، في 7 أكتوبر 2023، وإنما بدأت بقرار التقسيم عام 1948، وبدأت بعدم الاعتراف بدولة فلسطين، ومن السخف أن يتحدث بايدن عن حل القضية بـ “إعادة الرهائن عن طريق التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة”، دون أن يتحدث عن قيام الدولة الفلسطينية، والاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، وعودة الشتات، وقضايا التعويضات والمياه والموانئ والمطارات والدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة وعاصمتها القدس.
    على الغرب أن يعترف بمسؤولياته وبأخطائه وأن يتوقف عن التمادي في خداع النفس والعالم أجمع بشعارات “الحرية” و”الديمقراطية” و”حقوق الإنسان” بعد أن ثبت بالدليل القاطع أن أحداً لم يمارس ازدواجية المعايير مثلما مارسها الغرب، وأن أحداً لم ينتهك حقوق الإنسان والحريات والديمقراطية قدر ما انتهكها الغرب وما يسميه اصطلاحا ومباركة “العالم المتحضر”. ولنا فيما حدث في مستعمرات إفريقيا والهند وفي العراق وأفغانستان وسوريا ولبنان وليبيا وفيتنام أمثلة حية وحاضرة حتى يومنا هذا.
    لن يفلت أحد من العقاب، وسوف يلاحق العار والذنب والمحاكمات الجنائية كل من زيلينسكي ونتنياهو وبايدن.
    لقد صبرت روسيا كثيراً، وبمجرد أن بدأت في استخدام إمكانياتها العسكرية (15% فقط من قدراتها العسكرية على أقصى تقدير)، بدأت التقارير ومقاطع الفيديو والبكائيات في الظهور. لهذا فعلى الغرب أن تتقي شر الحليم إذا غضب. وما يظنه البعض “تباطؤ” في العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا، إنما هو مخطط زمني واضح ومحدد وصارم، وضعته هيئة الأركان في وزارة الدفاع الروسية، بمراعاة وحرص على تفادي الخسائر البشرية بين المدنيين، وبين العسكريين الروس.
    وبصراحة، فإن وتيرة العملية العسكرية مرتبطة بمعالجة التصدي لسلاح الطائرة المسيرة الحديثة، وهناك ما لا يقل عن 400 خبير ومتخصص من مختلف دول “الناتو” مزودين بما لا يقل عن 10 آلاف طائرة مسيرة انتحارية شديدة الانفجار، يساندون القوات الأوكرانية والمرتزقة الأجانب في مناطق العملية العسكرية الخاصة ومقاطعة كورسك الروسية، إضافة بالطبع إلى استخدام البيانات من الأقمار العسكرية لحلف “الناتو”، وإمكانيات أجهزة التشويش على أجهزة الرادار الروسية.
    لكن المجمع التقني الروسي يعمل بكل نشاط ودأب وحماس من أجل تجاوز كل هذه التكنولوجيات الغربية الحديثة، ويجد الوسائل للتصدي لها، وأعتقد أن أهم ما سيحدث في الأيام المقبلة هو تحرير مدينة بوكروفسك، بعدها ستشرع روسيا في تطهير مقاطعة كورسك من العصابات النازية التي تتواجد في بعض المناطق الحدودية في مقاطعة كورسك، ولن تحتاج روسيا إلى أي تعبئة من أجل ذلك، حيث أن عدد المتعاقدين مع الجيش الروسي تضاعف بعد الهجوم الإرهابي على كورسك، وأعرب كثير من الشباب عن رغبتهم في الدفاع عن أرضهم ووطنهم، في الوقت الذي نسمع فيه يوميا عن القبض على متهربين من الخدمة العسكرية في الجيش الأوكراني، أو يستسلم الجنود الأوكرانيون بعد يأسهم من الوضع الصعب والمؤسف واليائس الذي وضعتهم فيه قيادتهم العسكرية والسياسية.
    إن “الناتو” يدرك جيداً أن مسألة هزيمة أوكرانيا أصبحت مسألة وقت لا أكثر، كل ما هنالك أن الإدارة الأمريكية تحاول تأجيل تلك الهزيمة إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية، وهو أمر لم يعد مضمونا، فيما أصبح تحول العالم من هيمنة القطب الواحد إلى التعددية القطبية أمر مضمون وحتمي لا محالة.

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة