من خلال الدراسة والبحث وقراءة التاريخ ، تجد كيف صنع ذلك الكيان الغاصب ، فقد قامت عصابات في الحركة الصهيونية عام 1948 على الدخول الى الأراضي الفلسطينية المحتلة ، أثناء انسحاب بريطانيا منها، وقاموا بالكثير من مجازر وجرائم إبادة وتهجير للسكان الفلسطينيين من مدنهم وقراهم. وأستغلال ذلك الظرف الكثير من القيادات وعصابات اليهود في العالم إلى دعم “الدولة الوليدة”، والهجرة إليها باعتبارها “الوطن القومي”، الذي وعدت به بريطانيا اليهود على لسان وزيرها في الخارجية بداية القرن العشرين ( آرثر جيمس بلفور ) بعد تبنيه ما عرف بوعد بلفور عام 1917. من هنا نجد نشأة وصناعة أسرائيل من قبل بريطانيا بالدرجة الأساس ، وحلفائها أمريكا والغرب ، للسيطرة ولأستنزاف ونهب خيرات العرب و ثرواتهم .
في كل الحروب السابقة لأسرائيل مع العرب ، لم تكن لوحدها ، فكان الأمريكان وبريطانيا ودول الغرب ، هم الداعم الأكبر في الخطط والبرامج والسلاح والعتاد والمال وتقديم الخبرة الفنية والتقنية والإستخباراتية .
فكان الأنتصار حليفهم في كل حروبهم مع الجيوش العربية ، لأنهم كانوا يعرفون تماما ً ، بأن تلك الجيوش تختلف جوهراً وفكراً وعقيدة ًوتسليحاً وخبرة عن بعضها البعض ، وهم قادرون على تفكيكها وتشتيتها عبر العملاء والخونة ، لأن أغلب الحكام العرب ، تدور حوله الكثير من الشكوك ، بين جبان وعميل وخائف لأجل مصالحه وعدم التفريط بكرسي الحكم .
فكرة أنشاء المقاومة في فلسطين ولبنان ، لم تكن وليدة اللحظة ، بل جاءت عبر مخاض عسير وطويل و بناءً على الأحباط واليأس الذي مرّ به العرب ، بعدم أمكانية تحقيق النصر وأستمرار حروب التحرير في ضل هؤلاء الحكام وأنظمتهم المتهرئة ، وجيوشهم التي غالباً ماتكن الولاء للحاكم ، بل لاتتحرك إلا بأمره ومن أجل مصالحه .
فكانت كل حروب المقاومة شرسة وبطولية ، لأنهم يمتلكون العقيدة والأيمان والفكر ، رغم قلة أمكانيتهم المالية والتسليحية والدعم المقدم لها من بعض الدول العربية والأسلامية ، لكنها أثبتت بالفعل بأسها وقوتها في المناورة والمباغتة في كسر شوكة العدو والتقليل من هيبته وغطرسته .
الكيان الغاصب أستطاع ولفترات من الزمن ، من قضم الأرض وأحتلالها وبناء المستوطنات عليها ، بل بأحتلال وبتأمين جزء كبير من الأراضي في فلسطين ولبنان وسوريا ، مكحرمات وسواتر ودفاعات محصنة أمامية . وبالتعتيم الأعلامي عليه والقليل منه يظهر للأعلام ، وكذلك الظروف القاسية التي يمر بها أبناء الشعب الفلسطيني .
فلذلك ماحدث من فعل بطولي في طوفان الأقصى جاء نتيجة حتمية ، للأحباط واليأس والحرمان منذ 75 عاماً ،
ولو نرجع الى الوراء قليلا في حرب التحرير للأراضي اللبنانية وماقامت به المقاومة ، كان فعل بطولي كبير ، وحرب تموز 2006 في لبنان كانت أختبار رائع ، لقدرات وتكتيك ومناورة المقاومة . وهزيمة الكيان الغاصب .
وكان الحدث الأكبر والمهم هو ( وحدة ساحات المقاومة ) في غزة ولبنان وسوريا والعراق واليمن وأيران ، فكان الدعم والأسناد في المال والسلاح والغذاء ، وأستهداف للعدو في كل مدنه ومعسكراته ومقراته ومطاراته وموانئه ، بل حتى الأساطيل العسكرية العملاقة التي كانوا يرعبون بها العالم ، ضربوها وآهانوها ، وقد كسروا شوكتهم في عرض البحر ، كانت بمثابة ضربة صاعقة لأمريكا وبريطانيا وأسرائيل ودول الغرب . وأعطى ثقة كبيرة للمقاومة وللشعوب العربية وللعالم ، بأن المقاومة ليس أمامها المستحيل ، وتحقق أنتصارات كبيرة رغم الحصار .
الهزيمة باتت واضحة وصعبة ، وتشكل لهم أستنزاف في قدراتهم العسكرية والأقتصادية ، بل أصبحت سمعتهم هزيلة في العالم ، وخير دليل ، الأنتفاضات المنددة لدول العدوان هزت معظم العواصم الكبرى والشوارع والجامعات في المدن الأخرى في أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وأيطاليا وكل دول العالم ، بل أصبحوا مطلوبين للقضاء في دولهم وللمحكمة الدولية .
دور الأستخبارات لدول الشر في أمريكا وبريطانيا وأسرائيل ودول الغرب ، لم يقف مكتوف الأيدي ، بل حاول مرارا ً في التأثير على ( وحدة الساحات ) وضربها والتآمر عليها وتشويه سمعتها وصورتها في الداخل والخارج ، لكن كل تلك المحاولات باءت بالفشل .
فلذلك هو يحاول جاهداً من خلال تأمين وقف أطلاق النار وأكتساب الوقت وعزل القوى المؤثرة في وحدة الساحات وتفكيكها وتشتيتها وضربها من الداخل من خلال بعض الأحزاب والكتل والشخصيات العميلة وطرح أفكار وأسئلة أنهزامية أنكسارية جبانة مثلاً ( ماذا سنجني من الحرب ) !؟ومادامت ليست في أرضنا فهي لاتعنينا ، !؟ ، والأبتعاد عن الدخول في الحروب التي لاطائلة منها ، !؟ ، وبالتالي لسنا مضطرين ولن نكون منتصرين فيها ، لأن الغلبة للأقوى !؟ ، هذه كلها مشاريع واضحة وماخفي كان أعظم لنسف وحدة الساحات .
لأن ( وحدة الساحات ) مهمة جداً ، رغم أمكانياتها التسليحية والأقتصادية ، أرعبتهم ونسفت كل أحلامهم وآمالهم وجهودهم في أيجاد شرق أوسط جديد ، في تهجير أهل غزة وجنوب لبنان وأنشاء ( ميناء غزة العملاق على البحر ) ونهب ثروات الغاز والنفط والمعادن الأخرى ، والطريق البري الذي يربط دول الخليج مع الأردن وأسرائيل ومنه الى دول الغرب ، لتصدير النفط والغاز والبضائع . وكذلك السيطرة على حقول الغاز العملاقة في ساحل لبنان . وسوريا والعراق ومصر والسعودية تباعاً .
وأحلام أسرائيل المريضة في دولة أسرائيل الكبرى ، من العراق الى النيل وبضمنها سوريا ولبنان والأردن والسعودية ومصر .
وأقناع أمريكا والغرب ، بأن سيكون كل شئ على مايرام ومتاح وسهل بمجرد التخلص من محور المقاومة المتمثل في ( غزة ولبنان وسوريا والعراق واليمن وأيران ) .
ومغادرة سيطرة روسيا للغاز والنفط . وبالتالي أضعافها وتفكيكها سياسياً وأقتصادياً .
لاتأمنوا للعدو ، وأثخنوا جراحاتهم ، وأوجعوهم ضربا ً ، لكي لاتسحقكم ببساطيلهم القذرة .
ولاتأمنوا للعملاء والخونة والمطبعين ، وضرورة التخلص منهم أولاً وبكل الوسائل ، فهؤلاء ، ألغام دفنت تحت الأرض ، قد تنفجر في أي لحظة ، وهي حجر العثرة لطريق العزة والمقاومة والتحرير .
وضرورة أن نعي ونفهم بأن نمتلك القدرة في تصنيع سلاح فعال ومتطور للمعارك القادمة ( غير المسدس والبندقية والمدفع ) والأسلحة الكلاسيكية القديمة
علينا التفكير بتصنيع سلاح مضاد للطائرات المقاتلة ، والدبابات والدروع و الصواريخ فعالة فرط صوتي ذات قوة تدميرية ، وطائرات مسيرة تمتلك قدرة التخفي وحمل قنابل صغيرة ومؤثرة ، وكذلك التأثير على الردارات والطائرات والصواريخ المعادية ، من خلال برامج وخطط ومعاهد وجامعات تشجيع الشباب المثقف والمبدع ، بمكافئات مالية ومعنوية عالية .
المعركة لم تنتهي بعد ، والعدو يتربص بنا ، فعلينا الحيطة والحذر والعمل المبدع وبسرية تامة .