وقعت شركة “غازبروم” الروسية وشركة النفط والغاز الوطنية الصينية “CNPC” أمس – الأربعاء – على صفقة هي الأكبر عالميًا في مجال الطاقة لتوريد 38 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز الروسي من شرق سيبيريا الروسية إلى الصين لمدة 30 عامًا وفقًا لشروط قيل إنها مُرضية للطرفين.
وذكرت وسائل إعلام صينية وروسية أن التوقيع جرى بحضور الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” والرئيس الصيني “شي جين بينج”، ووصف الرئيس الروسي هذه الصفقة بالأضخم في مجال الغاز في تاريخ الاتحاد السوفيتي وروسيا، لافتًا إلى أن الحجم الإجمالي للاستثمارات الروسية في تطوير حقول الغاز وبناء خط أنابيب إلى الصين سيبلغ 55 مليار دولار، أما الاستثمارات الصينية فلن تقل عن مستوى 20 مليار دولار، مضيفًا أن عمليات مد الأنابيب وتجهيز البنى التحتية ستكون الأكبر عالميًا في السنوات الأربع المقبلة.
وقال بوتين إن التبادل التجاري بين روسيا والصين بلغ العام الماضي نحو 90 مليار دولار بزيادة نحو 2%، متوقعًا أن يصل هذا المؤشر إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2015، في حال بقت وتائر نمو التعاون الثنائي على ما هي الآن، وكان الطرفان قد أعلنا نيتهما إيصال التبادل التجاري بين البلدين إلى 200 مليار دولار عام 2020.
وذكرت قناة “روسيا اليوم” الناطقة بالعربية أن “أليكسي ميلر” رئيس شركة غازبروم، قال إنه لن يتم الكشف عن سعر الغاز الذي تم الاتفاق عليه وسيبقى سرًا تجاريًا، كاشفًا فقط عن أن السعر الإجمالي للصفقة بلغ 400 مليار دولار لمدة 30 عامًا.
وأثار تكتم الجانبين عن السعر الذي ستبيع به روسيا الغاز للصين تأويلات كثيرة، حيث ذهب بعض المحللين إلى أن روسيا كانت في حاجة لعقد صفقة بهذا الحجم لاستعراض قواتها أمام العالم وكذلك للاطمئنان على عدم خسارة حليفها الصيني بسبب سياساتها في سوريا وأوكرانيا، وهو ما دفعها إلى بيع الغاز بأسعار منخفضة جدًا مقارنةً بالأسعار المعتمدة عالميًا.
وتعادل هذه الكمية 11% من الطلب الصيني السنوي للغاز، و24% من إجمالي الصادرات الروسية إلى أوروبا، ومن المتوقع أن يكلف إنشاء الخط الواصل بين سيبيريا والحدود الصينية 22 مليار دولار، وتزيد إلى 90 مليار دولار إذا ما تضمنت تكلفة إنشاء حقل الغاز.
وذكرت وسائل إعلام روسية أنه من المتوقع أن يبدأ تنفيذ الصفقة في العام 2018 بتصدير 38 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا مع إمكانية رفع هذا الرقم إلى 60 مليار متر مكعب. ومن شأن هذه الصفقة، توثيق العلاقات بين البلدين وستتيح لموسكو تنويع زبائن الطاقة وخلق توازن في الأسعار.
وقال رئيس الوزراء الروسي “دميتري مدفيديف” إن موسكو لا تنوي استبدال الاتحاد الأوروبي بالصين في نظام العلاقات التجارية، مضيفًا: “نريد أن تكون علاقاتنا مع أوروبا جيدة.،حجم التبادل التجاري مع أوروبا يتجاوز 400 مليار يورو، وعلاقاتنا مع جمهورية الصين الشعبية والهند واليابان وغيرها من الدول لا تقل جدية”.
لكن مع ذلك، العقد الماضي، انخفضت حصة الغاز الروسي في إجمالي استهلاك الغاز الطبيعي في أوروبا من 40% إلى 32% على الرغم من أنها لا تزال المورّد الأساسي، وستستمر على ذلك للعشرين عامًا المقبلة، ولعلمها بهذا التوجه، تسعى روسيا لزيادة حصة الصادرات إلى أسيا، وهي المنطقة التي عادة ما تكون الأقل اشتراكًا في الشؤون السياسية الخارجية