المواطنون في مناطق الجنينة والسيمر والمعقل والقبلة والموفقية بمدينة البصرة، أكدوا في أحاديثهم أن التيار الكهربائي انقطع طيلة الليلة الماضية ولم يعود إلا ساعات قليلة من نهار اليوم، ما تسبب بمعاناة حقيقية للأهالي الذين كابدوا ارتفاعاً حاداً في درجات الحرارة يصاحبها موجة جفاف خانقة.
وقال عباس سويلم من منطقة القبلة، إن “التيار الكهربائي مقطوع منذ أيام والساعات النادرة التي يتوفر فيها لا تكاد تؤمن لنا حتى الماء البارد”.
وتسائل عن وعود وزير الكهرباء الذي قال بأن البصرة ستجهز بـ24 ساعة في اليوم قائلاً “استبشرنا خيراً بوعود الوزير لكنها تبخرت مع ارتفاع الحرارة، ولم يفِ بوعوده، وكل الأعذار التي يتذرعون بها واهية وغير مقبولة”.
فيما قال مصطفى سعدون، من أهالي منطقة السيمر، إن “وزارة الكهرباء وقبل بداية كل موسم صيف تثلج الصدور بشعارات رنانة من قبيل تصدير الكهرباء إلى دول الجوار وتحقيق الاكتفاء الذاتي”.
وأضاف “ما إن يبدأ فصل الصيف حتى تنهار المنظومة الكهربائية ويبدأ المسؤولون في وزارة الكهرباء باختلاق الأعذار المخجلة وتراشق الاتهامات بينهم وبين وزارة النفط، فتارة يشكون من عدم تزويد محطات توليد الطاقة بالوقود وتارة يشكون من خطوط النقل والتوزيع بدون خجل من المواطن المغلوب على أمره”.
إلى ذلك، خرج العشرات من سكنة مجمع شقق الموفقية وسط البصرة بتظاهرة ليلة أمس، وقطعوا الطريق الرئيس الذي يربط البصرة بالعاصمة بغداد الذي يمر بمجمع الشقق، وأضرموا النار بإطارات السيارات احتجاجاً على انقطاع التيار الكهربائي”.
وقال مراسل “القرطاس نيوز” في محافظة البصرة، إن فرق الدفاع المدني هرعت إلى المجمع لإخماد النيران المندلعة في الإطارات.
من جانبه، بيّن رئيس لجنة الطاقة في مجلس محافظة البصرة مجيب الحساني، أن “سبب انهيار المنظومة الكهربائية هو خروج الخط الإيراني من الخدمة تماماً، إثر عطل فني في الشبكة الإيرانية ولا شأن للجانب العراقي بذلك”، مؤكداً أنه “سيتم إصلاح الأعطال خلال يومين”.
وتابع أن “سبباً آخر وراء انقطاع الكهرباء في البصرة وهو خسارة ما يقارب 500 ميكا واط، ما يمثل الإنتاج الكلي لمحطة الرميلة الغازية جراء انخفاض ضغط الغاز الذي تزوده وزارة النفظ عبر شركة غاز الجنوب، ما سبب خروجها من الخدمة نهائيا”.
وأضاف الحساني أن “الحلول موجودة ولكنها تتطلب مساعدة الجميع ونطالب وزارة النفط بوقفة جادة من أجل عودة محطة الرميلة إلى العمل”، مشيراً إلى أن “هناك مشروع شراء 200 مولدة كهرباء سعة الواحدة 150 ميكا واط بقيمة إجمالية تتجاوز 10 مليارات دينار، وقد صادق مجلس المحافظة على هذا المشروع والإجراءات متواصلة لتأمين شرائها ودخولها العمل قبل شهر رمضان المقبل”.
في حين يرى الخبير الاقتصادي سلام ساهي، أن “غياب التخطيط السليم للمشاريع الإستراتيجية في قطاع الطاقة والكهرباء هو السبب في تكرار أزمة الكهرباء كل موسم صيف في العراق عموماً والبصرة خصوصاً”.
وقال إن “اعتماد الحكومات المحلية والاتحادية على حلول ضعيفة كشراء مولدات صغيرة توزع على مناطق معينة أو تزويد أصحاب المولدات الأهلية بالوقود المجاني أو سحب خطوط من دول الجوار لا تعدو عن كونها مجرد حلولاً مؤقتةً لا تشكل علاجاً جذرياً للمشكلة المستديمة في الطاقة، والمطلوب هو مشاريع عملاقة تنفذها شركات عالمية متخصصة”.
وتابع ساهي أن “دول الجوار تقوم حاليا بمشاريع محطات عملاقة تراعي فيها الزيادة السكانية في بلدانها على مدار العشرين سنة المقبلة لأن الأساس في النجاح هو التخطيط الإستراتيجي بينما نحن نضع حلولاً ترقيعية غير ناجحة”، مشدداً على أنه “من غير المعقول إطلاقاً عدم وضع حل لمشكلة الكهرباء خلال 11 عاماً منذ سقوط النظام السابق، مع توفر ميزانيات فلكية تقر كل عام”.