ظاهرة الاعتداء على أطباء الطوارئ؟

     

    أسئلة بالتأكيد يسألها بعضكم الآن .. ولكي تتعرفوا على الاجابة اكملوا قراءة هذا التحقيق .
    قبل ذلك نعيدكم الى مكالمة تلقاها الدكتور سامي محمد من زميله وهو يخبره بحصول اعتداء على أحد زملائه العاملين في شعبة الطوارىء حيث تعرض بالضرب بأخماس بندقية أحد المفارز الأمنية حينما جلبت معها احد المصابين. البلاغي قال ايضا ان هذا ليس بالشيء الجديد في مؤسستنا الصحية فقد تناول الإعلام الكثير في هذا الموضوع ، كما ان شيوخ عشائر وقعوا تعهدات ووثائق بهذا الخصوص، بل وصل الأمر الى استنكار المرجعية ايضاً من حالة الاعتداء على الاطباء ونحن في حيرة من أمرنا ، فما حكاية الاعتداءات على الأطباء ؟
    استجابة وزراتي الدفاع والداخلية ضعيفة ! 
    الوكيل الإداري لوزارة الصحة الدكتور خميس السعد أوضح  لقد حصل العديد من الحالات الخاطئة من قبل مفارز وزارتي الدفاع والداخلية في شعب الطوارىء من المستشفيات الحكومية في بغداد والمحافظات والمتمثلة بالاعتداء على الملاكات الطبية والتهديد بالسلاح، بل وصل الأمر بهم إلى داخل أبنية المستشفيات وأمام أنظار المراجعين . 
    السعد وصف حادثة كان هو متواجداً فيها وتحديداً في مستشفى الكندي في بغداد حيث طلبت من المرافقين تسجيل ارقام السيارات وعندما علم احد افراد المفرزة قاموا برفع ارقام السيارات، مشيراً أننا كوزارة الصحة خاطبنا مراراً بكتب رسمية وزارتي الداخلية والدفاع بخصوص هذه الظاهرة والحد منها لكن الاستجابة وللأسف الشديد كانت ضعيفة جداً !!
    قانون حماية الأطباء ساري المفعول
    السعد اضاف أن قانون حماية الأطباء أصبح ساري المفعول وبإمكان أي طبيب أو مؤسسة صحية أن تقيم دعوى قضائية ضد مَن يعتدي على الملاكات الطبية أثناء عملهم سواء من المواطنين أو منتسبي الاجهزة الأمنية ويضمن هذا القانون حبس المدان ، مضيفاً ان عددا كبيرا من الأطباء وأثناء حصول الاعتداء يتفهم الحالة الإنسانية لمرافق المريض او احضار منتسب مصاب، ولهذا يرى الطبيب ان عمله إنساني ولا يدخل في خلافات عشارية او قانونية هو يعلم بحقه القانوني . السعد طالب الجميع سواء منظمات أو قيادات عاملة او رجال دين او شيوخ عشائر الى ضرورة إعادة روح القيم والاخلاق في مجتمعنا لاسيما ان حالات شاذة انتشرت في عموم أفراد المجتمع ومنها حالات الاعتداء على الملاكات الطبية بالرغم من الجهود المبذولة.
    مستشفى الإمام علي الأكثـر عرضة للاعتداء
    مسؤول قسم الإعلام في دائرة صحة بغداد الرصافة قاسم عبد الهادي اشار أن الملاك الطبي العامل في مستشفى الإمام علي هم الأكثر عرضة للاعتداء من قبل المواطنين بسبب هيمنة العشائر والمتنفذين في تلك المنطقة لاسيما أن اية حالة ترد الى الطوارىء نجد عشرات الاشخاص مع المريض أو المصاب ما يُربك الملاك الطبي، اذ توجد حالات ترد الى الطوارىء وهي متوفية اصلاً اذ يقوم المرافقون بتكسير الاجهزة والمعدات في شعبة الطوارىء ما يضطر الملاك العامل للاحتماء او الاختباء خوفاً من اعتداء يقـع عليهم . 
    عبد الهادي أوضح ايضاً أن مستشفى الكندي هي الأخرى الأكثر عرضة للاعتداء على الملاك الطبي العامل في شعبة الطوارىء من قبل بعض المفارز الامنية المرافقة لحالة مصاب، وقد سجلنا العديد من حالات الاعتداء، بل يصل الامر الى التهديد بالسلاح والاهتمام بحالة المريض المرافق الذي يخص المفرزة الامنية المرافقة وترك جميع الحالات .
    التعهد بميثاق شرف لشيوخ عشائر مدينة الصدر
    الحاج الشيخ علي القيسي أحد وجهاء قبيلة القيسية أوضح اننا نرفض بشدة جميع هذه التصرفات التي تطال بحق العاملين في المستشفيات بالرغم من الحالات التي يمكن ان نتعاطف معها لكن الاعتداء على طبيب أو مساعد له أمر يجب الوقوف عند حده ونحن قد وقعنا في العام الماضي في مدينة الصدر وثيقة شرف ضمت جميع شيوخ ووجهاء مدينة الصدر لرفضهم هذا الامر ونحن نقف مع القانون في ردع المسيئين .
    تعرض الطبيب إلى الفصل العشائري 
    القيسي اضاف: لي معلومة أخرى هو قيام بعض الاشخاص بفصل الطبيب عشائرياً بسبب حالة الوفاة التي يتعرض لها المصاب او الراقد في المستشفى، إذ قام بعض الاشخاص بهذه التصرفات بالرغم من علمهم ان حالة الوفاة ليست بإهمال الطبيب او تقصير منه وهذه الحالات كثيرة حصلت ودفع عدد كبير من الاطباء مبالغ كبيرة برغم انه غير مذنب لكن خوفاً من الملاحقة العشائرية .
    القيسي اشار إلى أن هذه الظاهرة هي من الظواهر السيئة جدا التي اجتاحت مجتمعاتنا فلا يجوز الاعتداء على الطبيب حتى اذا كان مذنبا لأننا نعيش في بلد له دستور وهناك قانون يحاسب المخطئ وهل نحن نعيش في غابة؟ بالإضافة الى ان الطبيب غير مسؤول عن وفاة المريض لان الأعمار بيد الله ومهمة الطبيب هي الحفاظ على الحياة حتى وإن اخطأ الطبيب فهناك قانون يحاسبه .
    تشكيل مفرزة دائمية في مستشفى اليرموك 
    هيثم صباح منتسب في وزارة الصحة أوضح  ان حالات الاعتداء على الملاك الطبي بدأت بالزوال بسبب قيام وزارتي الدفاع والداخلية بتشكيل مفرزة مشتركة داخل مستشفى اليرموك نتيجة الاعتداءات المتكررة بشعبة الطوارىء على الاطباء والأمر الآخر هو إن أفراد حماية المنشآت ينأون بأنفسهم عن التدخل مبررين ذلك بحدود وظيفتهم الأمنية التي تتلخص في حماية المباني كالمستشفيات وغيرها وتنظيم عملية دخول المراجعين والموظفين. وأضاف هيثم: ان العديد من المشكلات تحدث ما بين الأطباء وذوي المرضى و تعرض الأطباء خاصة الجراحين إلى التهديد هو من ضمن ما ورثناه من العادات العشائرية السيئة التي أصبحت مشاعة ومتداولة للأسف الشديد، من هنا تبرز الحاجة إلى تطبيق القانون بحق المخالفين وتكثيف الجهد الإعلامي والتوجيهي والإرشادي لبث الوعي المدني ، ومع الأسف الشديد ما نزال نعيش مشكلة تتجسد في طريقة التعاطي من قبل بعض المواطنين مع الأطباء، فبعض المواطنين ونتيجة جهلهم بالإجراءات الطبية المهنية التي يقوم بها الطبيب تجاه المرضى لا يثقون بالطبيب وهذا ليس مبرراً لهم للتطاول على الطبيب .
    عقوبة تصل الى الحبس
    3 سنوات 
    قانــــون حماية الأطباء الجديد الذي تمت المصادقة عليه من قبل مجلس النواب نص على حماية الأطباء من الاعتداءات والمطالبات العشائرية والابتزاز عن نتائج أعمالهم الطبية وتشجيع الأطباء المهاجرين على العودة الى الوطن . وتسري أحكام هذا القانون على الاطباء العاملين في المؤسسات الصحية الحكومية والعيادات الخاصة وغير الحكومية، كما نص القانون على أن لا يجوز إلقاء القبض او توقيف الطبيب المقدمة ضده شكوى لأسباب مهنية طبية الا بعد إجراء تحقيق مهني من قبل لجنة وزارية مختصة، كما تمنح وزارة الداخلية الطبيب اجازة حمل وحيازة سلاح شخصي [ مسدس] بالتنسيق مع وزارة الصحة ونقابة الأطباء يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 3 سنوات وبغرامة لا تقل عن 10 ملايين دينار كل مَن يدَّعي بمطالبة عشائرية او غير قانونية ضد طبيب عن نتائج أعماله الطبية. ويعاقب كل من يعتدي على طبيب في اثناء ممارسة مهنته او بسبب تأديتها بالعقوبة المقررة لمن يعتدي على موظف اثناء تأدية وظيفته او بسببها . وألزم القانون وزارة الصحة متابعة الشكوى القضائية ضد المعتدي على الطبيب أثناء أداء واجبه الرسمي في المؤسسات الحكومية . 
    زيادة أعداد المرافقين إحدى الأسباب 
    الدكتور فاضل عباس علي يشير ان من اهم اسباب هذه الظاهرة الاحتكاك المباشر بين المراجعين والاطباء في شعب الطوارئ هي بسب زيادة عدد المراجعين والمرافقين للمرضي ليصل الى وجود خمسة مرافقين للمريض الواحد ، ويقابله نقص في الملاكات الطبية والتمريضية والتي لا تكفي لاستيعاب تلك الاعداد الكبيرة إلى جانب الحاح المرافقين للدخول مع مرضاهم الى غرف العلاج ورفضهم الامتثال لأوامر الأطباء بالخروج من غرف العلاج لافساح المجال للأطباء للقيام بواجباتهم تجاه المرضى . 
    فاضل طالب من ادارة المؤسسات الصحية بضرورة توفير أماكن انتظار للمرافقين لمنع الاحتكاك ما بين الملاك الطبي والمرافقين ويحول دون نشوب النزاعات والمشاجرات بين الطرفين. مشيراً ان المرضى يتعاملون مع الطبيب وكأنه المسؤول عن الجانب الاداري وهذا غير صحيح بالطبع. وفي ما يتعلق بتقصير بعض الاطباء بواجبهم المهني تجاه المرضى بأنه مع محاسبة الطبيب المقصر في عمله، ولكنه وفي جميع الاحوال يرفض الاعتداء عليه بالضرب، داعيا المواطنين الذين يتعاملون مع اطباء مقصرين في واجبهم المهني الكف عن ذلك.
    حالة الاعتداء يومية 
    الدكتور أحمد الرديني أعرب عن أسفه للحال الذي وصلت إليه الاعتداءات على الأطباء مبيناً اننا بتنا نسمع عن حادثة اعتداء على طبيب وليس في مستشفيات بغداد فقط وانما امتدت الى العديد من المحافظات واصبحت حالة يومية والغريب أن الحلول غائبة فيما الملاكات الطبية تتعرض للأذى ويتم اسكاتها من قبل أهل المريض وليس هذا فقط ، بل أصبح التدخل العشائري في المهنة غريبا جدا فأي ضرر يلحق بالمريض يتحمله الطبيب، وهناك من يريد من الطبيب أن يقوم بمعجزة لشفاء المريض مهما كانت حالته المرضية .
    الرديني اوضح أنه لا يمكن القول إن الطبيب لا يُخطئ، بل هو إنسان قبل أي شيء ولكن الخطأ الكبير هو تعرضه للضرب والاهانة وكان على أهل المريض اللجوء الى القانون لمعرفة ما اذا كان الطبيب سببا مباشرا وخطأ مقصودا من قبل الطبيب او أي عنصر من الملاك الطبي لأنهم لا يقصرون عمداً. 
    الرديني أوضح: يتمثل في عدم توفير حماية جيدة للمستشفيات والاعتماد على الشرطة المكلفة بحماية المستشفى والتي يجب أن تكون قوة منضبطة عسكرية ولكن نرى البعض منهم متطفلون وسماسرة ويختفون عند الحاجة اليهم كل ذلك بسبب عدم تطبيق القوانين والتعليمات ضد من يعتدي على الطبيب من قبل ادارة المستشفى اولا ومن قبل مراكز الشرطة حيث يتم دائما الضغط على الطبيب المعتدى عليه لكي يتنازل وفق أصول عشائرية وقبلية ما يدفع بالمعتدي إلى الاستخفاف بالمؤسسة الصحية إضافة الى القوانين المتخلفة التي شرعت في وقت الحرب والحصار والتي لم يتقدم اي مشرع حتى الآن بمشروع لتحديثها وتطويرها .
    الخوف من التهديد 
    أما الطبيبة رنــا الحامض تؤكد  كلما أسمع عن اعتداء على طبيب أشعر بالخوف وأحيانا أنسى الكثير من واجباتي، أنا اشعر بالذل لمجرد التفكير في أن احداً ما سيضربني فكيف يمكن الاعتداء على شخص محترم وصاحب مهنة عظيمة ؟!
    الحامض أشارت الى ان تخصصي هو نسائية وتوليد وهذا يعنى ان هناك خصوصية ما بين المريض والطبيبة ولكن من المؤسف ان نشاهد اربعة اشخاص في ممر المستشفى لمرافقة أمرأة وهذا ما نشاهده بالرغم من محاولات الادارة بمنعهم لكن يصرخون بصوت عالٍ: هم فوق كل شيء وعند حصول حالات الولادة نرى الأغرب من الامور، وانا لا استطيع تأدية واجبي تحت التهديد وهذا ما ينعكس على أداء عملي . 
    نقول : الاعتداءات على الاطباء ستستمر ما دامت الجهات المختصة لم تنفذ قانون حماية الأطباء بالشكل الصحيح ، لذا لابد من ردع الاجهزة الامنية اولا من الاعتداء على الاطباء لان زميلهم توفي نتيجة اصابته وليس اهمالا من الطبيب ، كما على العشائر ان تعلم ان مريضها الكبير في السن توفي نتيجة كبر سنه وليس بسبب اهمال الطبيب لتطالبه بعد ذلك بفصل عشائري .
    على وزارة الصحة ووزارتي الدفاع والداخلية التعاون في ما بينها لتقليل الاعتداءات على الاطباء ،بل إيقافها حفاظاً على حياة الأطباء والملاكات الطبية الأخرى، لأننا متأكدون أنها ستستمر نتيجة تهاون الجهات المختصة بتطبيق القوانين التي تردع المعتدين سواء أفراد من الأجهزة أمنية أو من العشائر.

     

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة