ولا تستغرب الآن ، أن يصبح بعض المدرسين يتصرفون بعقلية التجار ، فهم بدؤوا بالتعليم الخصوصي ومازالوا ومن ثم انتقلوا إلى التعليم الأهلي ، بل أن بعضهم وبأموال التدريس الخصوصي ومع مرور الوقت ، فتحوا مدارس خاصة بهم .. ليس عيبا في ذلك إلا عندما يكون الهدف بعيدا عن الرسالة الحقيقية المضيئة للتعليم .
المدرسون المعنيون بالأمر ، يعرفون أكثر مني مستوى الفروق بين الجهدين حين يكونوا في المدارس الحكومية والمدارس الأهلية في آن معا ، أو مستوى الجهد المبذول في التدريس الخصوصي ، وكيف تصرفوا لكي يكون الطلاب دائما ، بحاجة إلى جرعات ( خصوصية ) إضافية !!
كما أن الاهتمام بالجانب الأهلي والخصوصي في التعليم ، وإهمال التعليم الحكومي بهذا الشكل الذي نراه ، من مدارس بائسة مع فقر في المستلزمات والأدوات الكفيلة بالتعليم مع أوضاع غير منتظمة للدوام مع زخم أعداد الطلاب وزحام الصفوف وغيرها من المشاكل العديدة ، كل ذلك يخلق الفوارق التي أشرنا إليها ، وهي التي تدفع بالعوائل المقتدرة ماديا إلى إرسال أولادهم إلى المدارس الأهلية أو التعليم الخصوصي ، بينما أبناء الفقراء هم وحدهم من سيدفع الثمن .. مما يولد بمرور الزمن ، مشاكل نفسية واجتماعية كبيرة تبدأ من هذا الشعور ب(الطبقية ) بين أفراد المجتمع ، حيث الطالب الغني يتحصل على تعليم غني ، وذاك الفقير يتحصل العكس !
ونرجو من الحكومة على تقليل هذا التباين الكبير بين المستويين في التعليم ، شكلا ومضمونا ، وأن تمنع التعليم الخصوصي خارج أوقات الدوام وتحاسب المخالفين ، كي يعود المعلم أو المدرس إلى شخصيته الحقيقية كمنارة وليس رجل تجارة ، كما أن على الحكومة أن تدعم رجال التعليم على صعيد المستوى المعيشي وزيادة الرواتب بحيث يشعر أنه يأخذ استحقاقه وما يكفيه على مواجهة الحياة باقتدار وقناعة لمزاولة رسالته التنويرية الخالدة.