ابو فراس الحمداني*
مشكلتنا في العراق ،،، ان هنالك مشروعا قوميا كرديا واضح المعالم عبّر عن نفسه بوضوح في كل مراحل العملية السياسية ،،، له اشتراطاته وحدوده ومطالبه الصارمة ….استطاع ان ينجز الكثير على الارض بحيث تحوّل الى دولة داخل كيان الدولة العراقية؟؟؟
وهنالك مشروع آخر للعرب السنة بدأت ملامحه تتبلور اخيرا خاصة في مؤتمر عمان وأربيل وبدأ بتشكيل وفود خارجية تحمل رسائل وتعطي تصورات لشكل الدولة المقبل !!!! وبدأت اذرعه تعقد تحالفات وصفقات اقليمية ودولية ، وفي نفس الوقت يتحرك جناحه السياسي في البرلمان بالضغط على الحكومة بسقف طائفي ومطالب فئوية واضحة تعبّر عن ستراتيجية امنية واقتصادية وادارية بمعزل عن بغداد واعتقد ان بعض الصقور من السياسيين السنة قطعوا شوطا كبيرا في التنسيق مع لجنة بايدن المشرفة على مشروع التقسيم ..
وكلا المشروعان ( الكردي والسني ) يتحركان بمعزل عن المشروع الوطني الجامع وفي ظل غياب شبه كامل لاي مشروع سياسي للعراقيين الشيعة الذين يشكلون النسبة الاكبر من سكان البلد التي أهلتهم لتشكيل الاغلبية السياسية في البرلمان ،، يجب ان نسلم امام هكذا واقع مستقطب ان العراق كدولة لا يمكن ان يستمر متماسكا الا بوجود مشروع شيعي واضح المعالم لبناء الدولة ومؤسساتها يتحدد فيه شكل النظام السياسي وطبيعة العلاقات الخارجية ،، هذه الرؤية توضح الخطوط العامة للبلد وبوصلة العملية السياسية بالشكل الذي يجعل الشركاء في الداخل يتحركون ضمن سقفه المحدد ،، والاصدقاء والحلفاء في الخارج يتعرفون على مزاج واهداف وتوجه ورغبات هذا المكون المهم !! المكون الشيعي في العراق مازال مبهم امام صناع القرار وخبراء السياسة في العالم لعدم وجود مشروع واضح المعالم يحدد هويته السياسية .
وهنا يجب ان نشير ان الجمهور الشيعي المستقل وهو الغالبية العظمى يدفع فاتورة غياب المشروع وتشتت الجهد السياسي لصالح اجندات حزبية ضيقة ،الذي وّلد تفريطا خطير بالجهد الوطني الشيعي .
هذا الواقع عمّق الهوة بين الاحزاب الشيعية والجماهير!!!! لذلك ترى غياب السياسيين الشيعة عن اي نشاط او محفل جماهيري غير حزبي بشكل واضحا.
هذه الظاهرة تعتبر مناخا مثاليا لاجندات التفرقة والتناحر وما اكثرها في العراق ،خصومنا يتربصون بنا ويعملون على تكريس الفرقة والخلافات وهذا من بديهيات السياسة في منطقة محتدمة كالعراق !!! لا يمكن لشيعة العراق ان يكونوا اقوياء امام الاجندات الخارجية وامام مشاريع الشركاء في العملية السياسية الا بمشروع واضح يجمعنا ،، يتحرك بسقف مشترك وخطوط حمراء تحمي كرامتنا ودمائنا من المخططات الارهابية المدعومة اقليميا ودوليا وداخليا
دعوة مخلصة للابتعاد عن حرب الزعامات التي اضعفتنا، وليضغط كل الحزبيين على قياداتهم لانهم جميعا يتحملون مسؤولية غياب المشروع وضياع الحقوق .
نحتاج الى جهود سريعة مخلصة لتحويل التحالف الوطني الى مؤسسة جامعة تضم نخب وكفاءات تعمل على بلورة مشروع وطني جامع ،، تتحمل مسؤولية طرح خطط بديلة للتعاطي مع اي مستجد لانه لا يمكن ان تبقى افعالنا ردود افعال للاخرين وان نقف مكبلين في قلب العاصفة ……. هذا هو الانتحار بعينه ..
* كاتب وإعلامي