التصفية السياسية داخل الاطار .. بقلم صلاح عبد الرزاق

    (( لا يحبّ الله الجهرَ بالسوءِ من القولِ إلاّ من ظُلِمَ وكان الله سميعاً عليماً))
    قبل أربعة أشهر اتخذ حزب الدعوة قراراً بفصلي من الحزب بدعوى مزاعم فساد حدث قبل سبع سنوات، ولماذا تذكرها الآن وتوقيتها الحالي؟ وسنتحدث عن ذلك في وقت آخر.
    وخلال هذه الفترة طلب مني كثير من الاخوان والأصدقاء توضيح ما حدث لأن السكوت يعطي انطباعاً بصحة موقف حزب الدعوة. كما أن كثيراً من أعضاء الحزب داخل وخارج العراق رفضوا القرار وأبلغوني بأنه يأتي ضمن صراع المحاور داخل الحزب. فوكان لابد من توضيح الحقائق وسط الأكاذيب والافتراءات التي تعامل بها الحزب في هذه القضية.
    دوافع الحزب في قرار الفصل
    رغم محاولة اسباغ القرار صبغة مهنية وشعار مكافحة الفساد لكن القرار تضمن مجموعة مغالطات وتناقضات تكشف الدوافع الحقيقية لقيادة الدعوة تجاه تصفية الشخصيات البارزة التي تستشعر فيها التألق والنجاح والظهور السياسي والاعلامي. الأمر الذي يزيد من تأثيرها داخل الحزب . إن (فريق القيادة) الذي لم يتردد في التآمر على أمينه العام واختطف الحزب بعيداً عن مشاركة الدعاة أو الالتزام بالنظام الداخلي، لن يتوانى في اتخاذ كل السبل لازاحة أحد أعضاء المكتب السياسي ومجلس شورى الدعوة منذ عشر سنوات، خاصة وأنهم يصنفونه ضمن المحور الآخر. وسنكشف تفاصيل ما حدث في آب 2014 في وقت لاحق.
    فريق القيادة لديه هواجس من نتائج عقد المؤتمر العام لحزب الدعوة المقرر نظرياً عقده بعد الانتخابات القادمة في مايس 2018. إذ توجد مخاوف من خسارة أغلب فريق القيادة الحالية مقاعدهم بسبب الأداء السييء داخلياً وسياسياً. هذه المخاوف تتركز في صعود شخصيات جديدة أغلبها خارج محور القيادة الحالية الذي قام بتشكيل الحكومة عام 2014 . ولذلك يرفض فريق القيادة عقد المؤتمر العام رغم تجاوز الفترة القانونية حسب النظام الداخلي.
    إن الخلاف داخل قيادة الدعوة بدأ يتصاعد منذ تشكيل الحكومة الحالية، وبلغ ذروته عندما قررت القيادة عدم دخول الحزب الانتخابات باسمه بل دخل في قائمتين متنافستين إحداهما لديها الجماهير والأخرى لديها السلطة، فصار الطلاق أمراً واقعاً لا يمكن إخفاؤه. ولعله من الصعب عودة الأمور إلى مجاريها بعد أن وصلت إلى مرحلة كسر العظم والتصفيات والتهديدات التي طالت أصحاب الدرجات الخاصة.
    إن قرار فصلي تضمن ثلاثة أمور هي:
    أولاً: القصدية والتعمد في التشهير والتسقيط السياسي ،
    إن حزب الدعوة من الأحزاب السرية المغلقة ولا يكشف عن قراراته وخططه قبل السقوط وبعده. فخلال عمر حزب الدعوة الإسلامية الذي يمتد اكثر من ستين عاماً لم تتسرب أية ورقة تتضمن محاضر وقرارات اجتماعات القيادة أو اجتماعات مجلس الشورى أو المكتب السياسي والمكتب الاعلامي والمكتب التنظيمي أو اللجان التنظيمية في بغداد والمحافظات. لكن الاستثناء الوحيد هو ما تعلق الأمر بي وحدث مرتين: الأولى في نشر قرار تعليق العضوية في 22 آب 2017 ، وقرار الفصل في 20 تشرين الثاني 2017. ومن الواضح تعمد القيادة ومن يرتبط بها في نشر قرار يفترض أنه سري مثل قرارات الدعوة الأخرى، لكن السعي وراء التسقيط السياسي جعلها تدوس على السرية المحكمة في أمورها.
    إن ما جرى هو تشويه سمعة أحد كوادر الحزب المتقدمة واتهامه بقضايا معينة كي تسقط صورته في أعين أعضاء الحزب والجماهير المحبة له. ولذلك أعد الحزب خطة منذ بداية عام 2017 عندما أوعز إلى أحد المدونين في لندن بمهاجمتي في سلسلة مقالات بلغت قرابة سبعين مقالاً وبتوجيه ودعم ومالي من فريق القيادة. ودخل المشروع مرحلة التنفيذ والاقصاء من خلال تجميد العضوية أولاً ثم قرار الفصل ثانياً. وسبق لي أن طلبت من أمين الحزب إجراء تحقيق بعد نشر الكاتب أكاذيبه، مقابل عدم الاستمرار بالكتابة وتفويت الفرصة عليه، لكن للأسف لم يلتزم بالعهد لا الكاتب ولا الوسيط الذي تبنى الموضوع، فاستمرت الكتابة والنشر.
    ثانياً: الاستقالة سبقت الفصل
    لقد قدمت استقالتي من حزب الدعوة في 19 تشرين الثاني 2017 وكان هذا كاف لقطع العلاقة مع الحزب . وكان بإمكان الحزب الاكتفاء بها طالما أن الهدف هو خروجي من الحزب وعدم المشاركة في المؤتمر العام القادم ، ومنعي من الترشح للقيادة. لكن جرى اتخاذ القرار ونشره بعد يوم واحد من إعلان استقالتي، لأن الهدف هو التسقيط السياسي وتوجيه اتهامات بالفساد لتشويه السمعة بين الجماهير وفي وسائل الاعلام والطبقة السياسية العراقية.
    ثالثاَ: القرار يكشف الهدف الحقيقي
    تضمن القرار نقطتين : الأولى، الفصل من الحزب ،
    والثانية، وهي بيت القصيد، عدم ترشيحي من قبل الحزب لأي موقع تنفيذي أو تشريعي.
    والنقطة الثانية تكشف بوضوح أن سيناريو التحقيق في الفساد ونشر القرار هو منعي من الترشح في الانتخابات القادمة أو الترشيح لأي منصب تنفيذي ، وأن القرار كان متخذاً مسبقاً بغض النظر عن الحقائق . فإذا كنت مفصولاً حسب النقطة الأولى فكيف يمكن تفسير النقطة الثانية (بعدم ترشيحه من قبل الحزب)؟ لأن من المعلوم في الأحزاب السياسية أنها لا ترشح شخصاً خارج الحزب لأي منصب ، فلماذا جرى الاصرار على إصدار ونشر قرار الفصل؟ الجواب لأنه يكشف الدوافع الحقيقية للقضية كلها ، والحقد يعمي الأبصار فلا تعي أن عدم الترشيح أمر لا داعي لذكره لأنه تحصيل حاصل. وسنكشف لاحقاً تفاصيل أكثر عن هذا الأمر.
    إن نشر القرار أدى إلى حرماني من الطعن فيه ، ورغم أنني قدمت الطعن لكن مضت الفترة حسب النظام الداخلي ولم يأت الجواب. وهي مخالفة صريحة للنظام الداخلي الذي يدعي الحزب الالتزام به. كما أن التحقيق جرى في جلسة واحدة دون أن تعرض عليّ وثيقة واحدة أو شهادة واحد من الشهود، بل كان حكماً مسبقاً دبّر بليل، وقد قلت ذلك في نفس الجلسة.
    إن الجميع يعلم بخدماتي العلمية والفكرية ومساهماتي الثقافية والاعلامية على مستوى التأليف والمحاضرات واللقاءات الاعلامية. كما يعلم أنني حصلت على (45) ألف صوت عام 2009 و قرابة (69) ألف صوت عام 2013 في الانتخابات المحلية.
    وبالتالي فإن قرار الفصل كان قراراً سياسياً بامتياز وليس مهنياً ولا قانونياً ، بل حتى لم يكن ملتزماً بالضوابط الشرعية الاسلامية.
    18 آذار 2018

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة