في أول زيارة رسمية له، وصل زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، مسعود بارزاني العاصمة العراقية بغداد، أمس الخميس، في زيارة رسمية تستغرق يوماً واحداً، استهلها بالاجتماع مع رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي.
وفور انتهاء اجتماعهما عقد الطرفان مؤتمراً صحافياً مشتركاً، أشاد فيه رئيس الوزراء العراقي، بمواقف زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني، في القضايا السياسية على مستوى المنطقة والعالم.
وقال إن «الرئيس بارزاني أحد القادة البارزين على مستوى المنطقة والعالم»، مبينا أن «زيارته إلى بغداد لها أهمية كبيرة».
وأضاف أن «بارزاني غني عن التعريف، وهو مناضل قديم ومن قادة عمليات التحول الديمقراطي في العراق وإسقاط الدكتاتورية والنضال من أجل الشعب العراقي والكردي».
وتابع: «نستقبل مهندسا كبيرا في عملية بناء العلاقات، ليس في العراق فقط، بل في المنطقة والعالم، ونحن نستقبل زعيما كبيرا يحظى باحترام كبير»، مشيراً إلى أن لبارزاني «برنامجا حافلا ومكثفا من اللقاءات مع القوى العراقية».
بارزاني أبدى دعمه للحكومة التي يرأسها عبد المهدي.
وقال، خلال المؤتمر الصحافي المشترك، إن «زيارتي إلى بغداد هي من أجل تهنئة أخي وصديقي دولة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي».
وأضاف: «نلتزم بالاتفاق الذي أبرمناه مسبقا. ولكي نتسامى فأنا أناديه بأبي هاشم وهو يناديني بأبي مسرور».
وتابع: «كان لأبي هاشم (عبد المهدي) دور كبير في صياغة الدستور وبمواقف كبيرة أخرى»، مردفا بالقول «استبشرنا خيرا بتوليه منصب رئيس الحكومة العراقية».
وعبّر، خلال المؤتمر عن «دعمه الكامل لعبد المهدي»، متعهداً بمواصلة «سبيل تعزيز العلاقات والثقة التي كانت موجودة أصلا ولحل الاشكالات العالقة».
وهدف زيارة بارزاني لبغداد «بحث العملية السياسية وسبل تطبيع وتعزيز العلاقات بين الإقليم وبغداد ومعالجة المشكلات والخلافات القائمة بين الإقليم وبغداد»، طبقاً للموقع الرسمي للحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي أضاف، أن «من المقرر أن يتوجه بارزاني بعد زيارته هذه إلى الخليج، حيث يقوم بجولة يبدأها بزيارة الإمارات العربية المتحدة ويلتقي هناك بالمسؤولين ويبحث معهم سبل تعزيز العلاقات والمسائل ذات الاهتمام المشترك».
وعلمت «القدس العربي» من مصدرٍ مطلع، إن زيارة بارزاني إلى بغداد، ستشمل لقاء رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، والقادة السياسيين، أبرزهم هادي العامري ونوري المالكي وفالح الفياض قبل أن يتوجه مساء اليوم الجمعة، إلى مدينة النجف للقاء زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر.
وطبقاً للمصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن اسمه، فإن من ضمن الوفد المرافق لبارزاني، نجله مسرور الذي يشغل منصب مستشار مجلس أمن إقليم كردستان»، مشيراً إلى أن «رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وزعيم تحالف الفتح هادي العامري، إضافة إلى وزير المالية فؤاد حسين، وعدد من المسؤولين والسياسيين، كانوا في استقبال بارزاني في مطار بغداد الدولي».
وأكد المصدر إن زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني وصل العاصمة بغداد بـ«طائرة خاصة».
وتعدّ زيارة بارزاني، هي الأولى منذ تشكيل الكابينة الجديدة للحكومة العراقية برئاسة عادل عبدالمهدي، فضلاً عن كونها الزيارة الأولى أيضاً منذ إجراء الاقليم استفتاء الانفصال في 25 أيلول/ سبتمبر 2017.
تقريب وجهات النظر
وقالت القيادية في الحزب الديمقراطي الكردستاني، أشواق الجاف لـ«القدس العربي»، إن «زيارة بارزاني تستمر اليوم وغداً (أمس واليوم)»، مبينة أن «بارزاني سيلتقي قادة الكتل السياسية».
واعتبرت أن زيارة بارزاني «مهمة لتقريب وجهات النظر والحديث عن كيفية حل الملفات العالقة بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كردستان العراق، وفقا للقانون والدستور»، نافية في الوقت عينه أن يكون الهدف من الزيارة «الاتفاق على تمرير بقية الحكومة. المشكلة لا تتعلق بنا (الأكراد) بل بوزارتي الدفاع والداخلية».
وأكدت أن «لا علاقة لزيارة بارزاني باستكمال الكابينة الوزارية»، مشيرة إلى أن حل تأخر استكمال الكابينة الوزارية يتمثل بـ«اعتماد مبدأ النقاط والاستحقاقات الانتخابي»، للكتل السياسية.
والتقى بارزاني كذلك، رئيس تحالف «الفتح»، الزعيم الشيعي هادي العامري.
زارها برفقة وفد ضم نجله… ولقاء يجمعه بالصدر اليوم
وقال في مؤتمر صحافي: «زيارتي إلى بغداد جاءت لتوجيه رسالة إلى الداخل والخارج أننا مستعدون لدعم الفرصة الجديدة التي أتيحت لنا في العراق، ودعم دولة رئيس الوزراء الأخ السيد عادل عبدالمهدي».
وأضاف: «كانت فرصة جيدة أن نلتقي مع الأخ السيد هادي العامري وأن نلتقي بالأخوة الآخرين، والهدف هو البحث عن أفضل السبل لتعزيز الثقة وإقامة علاقة متينة وتصحيح الأخطاء التي رافقت هذه المسيرة سابقاً».
وأوضح: «بإذن الله وبتعاون جميع المخلصين سنتمكن من تجاوز كل العقبات ونؤسس علاقة تكون في خدمة كل أبناء العراق، وسنبني علاقة متينة بين أربيل وبغداد».
العامري، قال، في المؤتمر الصحافي نفسه: «نرحب باسم الأخوة في تحالف الفتح بالأخ العزيز المناضل الكبير السيد مسعود بارزاني في بغداد.. ونأمل أن تكون هذه الزيارة المباركة فاتحة خير لعلاقة طيبة وقوية بين بغداد وأربيل نتجاوز فيه الماضي بكل أنواعه وأشكاله ونتطلع لمستقبل واعد بين الجانبين وأن نحل المشاكل بروح أخوية وإيجابية».
وتابع: «نحن عازمون على بناء العراق القوي العزيز المقتدر الذي يحفظ الحياة الحرة الكريمة لكل المواطنين العراقيين عرباً وكرداً وتركماناً وآشوريين وإزيديين وشبك وكل المكونات الأخرى مسلمين ومسيحيين سنة وشيعة، وأن نوفر الحياة الكريمة التي كفلها الدستور لكل العراقيين، ونأمل كذلك أن نبني العراق والشراكة الحقيقية بين كل مكونات الشعب العراقي، هذه الشراكة التي تضمن العيش الكريم المشترك لكل مواطن».
وأشار إلى أن «العراق فيه مشاكل عديدة، وأملنا أنه كما تعاونا سابقاً في محاربة الإرهاب ونجحنا حيث قاتل الجيش العراقي والبيشمركه والشرطة والحشد جنباً إلى جنب في معارك عديدة، نأمل أن تستمر هذه الروح الإيجابية وتستمر معركتنا على الإرهاب والفاسدين، حيث أنه لا بد من القضاء على الفساد الذي ينخر في العراق ونأمل أن نبني العراق ونقدم الخدمات المطلوبة لأبناء الشعب العراقي العزيز الذي يستحق منا كل شيء، خاصة إعادة إعمار المناطق (المحررة) وإعادة النازحين، وأملنا أن تكون الأعوام المقبلة أعوام عودة كل النازحين إلى مناطقهم».
واعتبر النائب عن تحالف «الفتح» عبدالأمير تعيبان، أن «زيارة بارزاني سوف تدخل العراق في مرحلة جديدة من العلاقات الثنائية بين أربيل وبغداد»، مبيناً أن «هذه الزيارة سوف تنعكس إيجابياً على العملية السياسية في العراق».
وأضاف: «الفترة السابقة شهدت فتوراً في العلاقة بين بغداد وأربيل، لذا جاءت هذه الزيارة تعزيزاً للدور الذي تلعبه أربيل في إعادة العلاقة مجدداً إلى سابق عهدها»، مؤكداً إن «هذه الزيارة تأتي تعزيزاً من قبل إقليم كردستان للحكومة العراقية الجديدة برئاسة عادل عبدالمهدي الذي تربطه علاقة وطيدة مع بارزاني».
وأيضاً، بحث بارزاني مع مستشار الأمن الوطني رئيس هيئة «الحشد الشعبي» فالح الفياض التطورات السياسية في العراق.
وحسب بيان صدر عن مكتب الفياض فقد أكد الطرفان «أهمية تعزيز التعاون المشترك بين حكومتي المركز والإقليم للنهوض بواقع البلاد».
وشددا على «ضرورة استثمار الأجواء الإيجابية وروح الثقة بين الجانبين لحل المشاكل العالقة».
زيارة «حزبية»
في المقابل، وصفت القيادية في حركة «التغيير» الكردية، تافكة أحمد، زيارة بارزاني إلى بغداد بأنها «حزبية»، واعتبرت أنها «لا تمثل الشعب الكردستاني لأن هنالك من يمثلونهم في برلمان الاقليم».
وبينت أن «جميع القرارات أو الاتفاقات التي سيبرمها بارزاني مع القوى السياسية أو الحكومية خلال زيارته إلى بغداد، غير ملزمة للإقليم كونها حزبية لا أكثر».
وأضافت أن «ممثلي شعب كردستان موجودون حاليا في البرلمان الاتحادي وبرلمان إقليم كردستان، وهم أصحاب الحق والتخويل في الحديث باسم الشعب الكردستاني، خاصة أن الحكومة الحالية في الإقليم هي حكومة تصريف أعمال»، لافتة إلى أن «زيارة بارزاني إلى بغداد من أجل تقسيم الكعكة واستحصال مكاسب أكبر للحزب في المناصب المتبقية الحكومية والتنفيذية».