خضوع صدام للشاه بالطلب من آية الله الخميني مغادرة العراق في ذروة تعاظم الحركة لاسقاط الشاه كان خطأ شنيعا في وقت كان فيه الشاه مهزوزا ومصابا بالسرطان ولم يعد قادرا على السيطرة على الوضع، وكان تقدير الاستخبارات الذي اطلع عليه صدام يؤكد بوضوح أن سقوط الشاه أصبح حتميا، وكان على القيادة أن تتصرف وفق المصالح العليا بالتأسيس لعلاقات إيجابية مع خصوم الشاه، إلا أنها تصرفت خلاف ذلك.
كان الرئيس البكر ضد التوجه للحرب خلاف صدام الذي كان يمسك بمراكز السلطة، وبدأت التحضيرات (عراقيا) للحرب، وكانت إيران منشغلة (كليا) بالوضع الداخلي والمحافظة على كيان الدولة والنظام الجديد..
المعارك الحدودية التي بدأت في 4/9/1980 بدأت (بقرار من صدام) بتخطيط مركزي مسبق لشن الحرب الواسعة في 22/9/1980، وفق حسابات خاطئة، وكنت في موقع يسمح لي بالاطلاع على تفصيلاتها.
وحصلت كارثة الحرب التي شنها صدام بامكانات ضعيفة ظنا منه بأن تفكك الجيش والأجهزة الإيرانية بعد سقوط الشاه سيساعد في تحقيق غاياته وتفكيك إيران وشق طريق الزعامة، ولم يحسب حسابا للمد الشعبي الإيراني الهائل المؤيد للنظام الجديد آنذاك ولم يدرس الارادة الصلبة للقيادة الجديدة.
وخرج العراق من الحرب مثقلا بديون كان ممكنا بمرور الوقت، اعتبارها بسيطة لدولة نفطية عظيمة.
ومع غرور ووهم القوة والنشوة بوجود أسلحة دمار من الجنون التفكير في استخدامها بدأ صدام بتوجهاته لغزو الكويت البلد الآمن بحكمة قيادته.
وأخذه الغرور والحسابات الخاطئة وغزا الكويت ظلما، وحاولت الاستخبارات بتقاريرها (وأنا شخصيا وجها لوجه) حثه بأسلوب عسكري استخباراتي على الانسحاب من خلال تقديم صورة واضحة تؤكد أن البقاء في الكويت وقبول الحرب مع التحالف الدولي سيكون كارثيا على العراق، ولم تقلل تقارير الاستخبارات من عزم وإرادة الحشد الدولي بشن الحرب المقابلة لتحرير الكويت قطعا، لكن صدام كان يعول على كسب الوقت وحسابات رقمية نظرية فاشلة، وقد اتهم الاستخبارات (خطيا) بأنها تروج للأسلحة الغربية وكأن من يكتبها تاجر سلاح، وذلك على هامش تقرير كتبته خطيا.
وحصلت حرب عاصفة الصحراء بقصف جوي تمهيدي لحوالي ستة أسابيع قبل الهجوم البري بينما كان صدام يتوقع أن يبدأ الهجوم البري مع بدء الضربات الجوية (فأنهكت القوات البرية كليا)، ولو كانت تقديراتنا خاطئة لألقى صدام المسؤولية علينا.
وبعد مرحلة الحرب والانتفاضة، جاءت مرحلة تسليم وتدمير أسلحة الدمار الشامل التي لدى المفتشين معلومات كافية عنها ومنها ترسانة ضخمة من الأسلحة (البيولوجية) (والكيمياوي المزدوج)، وقد اتبع صدام سياسة خاطئة تماما عندما قام هو بتدمير معظمها تدريجيا دون اشراف المفتشين ولم يسلم الوثائق الحساسة، ولو سلمهم كل شيء بهدوء لما حدث ما حدث لاحقا.
هذه حقيقة ما حدث اضافة للاستبداد الداخلي، وعندما عارضنا صدام كنا على صواب ونعتز بذلك، فهو من تسبب في ما لحق في العراق والمنطقة من دمار