يعتزم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الدخول في مفاوضات غير سهلة مع أطراف سياسية وفصائل مسلحة مرتبطة بإيران، تهدف لإخلاء المدن التي تتواجد بها تلك الفصائل منذ سنوات وإعادة سكانها النازحين إليها، وفقاً لما أكده ثلاثة مسؤولين عراقيين في بغداد.
وقال هؤلاء إنّ هناك مساعي لإقرار خريطة طريق شاملة لتطبيع الأوضاع في المدن ،وانه من المؤمل أن تنطلق المفاوضات بعد استكمال تشكيل الحكومة، وإنهاء الشغور في الوزارات السبع المتبقية .
وتعتبر فصائل “كتائب حزب الله” العراقية، و”النجباء”، و”الإمام علي”، و”سيد الشهداء”، و”الخرساني”، و”البدلاء”، و”الطفوف”، و”العصائب”، و”بدر”، وفصائل أخرى مسلحة ، أبرز من يسيطر على ملف تلك المدن والمناطق ، مثل جرف الصخر، والفارسية، وصنيديج، والعوجة، وعزيز بلد، والعويسات، وذراع دجلة، والصينية، وعكاشات. بالإضافة إلى قرى الطوز وشمال شرق ديالى، وإبراهيم بن علي، والضابطية، ومجمع بيجي السكني، ومناطق أخرى .
ووفقاً لمسؤول بمكتب رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، فإنّ “القائد العام للقوات المسلحة العراقية (الكاظمي)، يعتزم بعد إكمال الكابينة الوزارية، التوجه نحو فتح ملف النازحين الممنوعين من العودة إلى مدنهم ، بدعم من رئاسة البرلمان وبعثة الأمم المتحدة”.
وأوضح المسؤول أنّ “رئيس الوزراء يمتلك معلومات ورؤية كاملة عن ملف النازحين من خلال رئاسته لجهاز المخابرات”، لافتاً إلى أنّ “الكاظمي يسعى إلى التمهيد للمهمة عبر توافق سياسي واسع وتفاهم مع تلك الفصائل بإقناعها بمغادرة المدن وترك السكان يعودون إليها، خصوصاً أنّ عددهم كبير جداً ووضعهم غير إنساني في المخيمات”.
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، النائب عن تحالف “القوى العراقية”، عبد الخالق العزاوي ، إنّ “العمل جارٍ حالياً على ملف النازحين والمغيبين أيضاً، وتحقيق ذلك من قبل حكومة الكاظمي كان أحد شروطنا لتمرير الحكومة”. وأوضح العزاوي أنّ “آخر إحصائية لعدد المغيبين في عموم المدن الشمالية والغربية، بيّنت أنّ عددهم بلغ أكثر من 60 ألف شخص، قسم منهم تمّ قتلهم ودفنوا بمقابر جماعية لم يكشف مكانها بعد، وقسم آخر نعتقد أنهم ما زالوا في السجون السرية التابعة للمليشيات المسلحة”.
وأضاف العزاوي أنّ “هناك جهات سياسية وجهات أخرى مسلحة، ترفض عودة النازحين، علماً أنّ مناطقهم محررة منذ سنوات.
وشدّد عضو لجنة الأمن والدفاع على أنّ “حكومة مصطفى الكاظمي ملزمة بتطبيق فقرة عودة النازحين، المؤكد عليها في البرنامج الحكومي، من خلال الحوار مع الجهات التي تمنع عودة الأهالي إلى مناطقهم، أو فرض القانون عليها بأي شكل من الأشكال”.
من جانبه، قال عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق، أنس أكرم، إنه “من بين التحديات الرئيسة التي تواجه الكاظمي، إنهاء ملف النازحين وضمان عودة كريمة لجميع هؤلاء إلى مناطق سكنهم”. وأشار أكرم إلى أنّ “هناك بعض الإشكاليات التي تمنع عودة الكثير من النازحين في مدن عراقية مختلفة وعلى رأسها جرف الصخر والعوجة ويثرب وعزيز بلد والعويسات والعلم، وغيرها. ولهذا، على حكومة الكاظمي تحمّل المسؤولية بشكل كامل لإرجاع النازحين لهذه المناطق، خصوصاً أنّ الحكومات المحلية أدّت ما عليها بشأن هذا الملف، لكن هناك عراقيل ومشاكل، بعضها سياسي، وبعضها الآخر إثني وطائفي ومذهبي، تمنع عودة النازحين لمناطقهم”.
وأكد أكرم أنه “على الحكومة وضع خطة على أرض الواقع تضمن تنفيذ فقرة عودة النازحين إلى مناطقهم، وعلى القائد العام للقوات المسلحة، إلزام أي قوة تعمل تحت مظلة الدولة العراقية، تأمين عودة كريمة وسليمة للنازحين كافة، وغلق ملف النزوح بشكل كامل”. وكشف عضو مفوضية حقوق الإنسان في العراق أنه “وفق آخر إحصائية للمفوضية، فإنّ عدد النازحين في عموم العراق، لا يقل عن مليون وثلاثمائة ألف نازح”. وتابع: “هناك تحدٍ أصعب من عودة النازحين، وهو المتعلّق بالمغيبين، خصوصاً أنه يفترض أنّ الكاظمي لديه رؤية كاملة عن هذا الملف، كونه كان يترأس جهاز المخابرات العراقي، ومن المؤكّد أنه يمتلك الكثير من المعلومات المتعلقة بالمغيبين”.