الحرب الالكترونية تشتعل قبل اشهر من موعد الانتخابات المرتقبة في اكتوبر 2021، سيناريو يتكرر مع كل موسم انتخابي، يتم من خلاله تجنيد مجاميع مهمتهم الوحيدة دعم هذه الشخصية السياسية او تلك عبر (الميديا) من خلال تشكيل ما يعرف بالجيش الالكتروني أو (الذباب الالكتروني) ..
والجيوش الإلكترونية هي مصطلح يطلق على مجموعات مدربة تعمل وفق أجندات خاصة وتهدف إلى التأثير على الخصوم، والترويج لوجهة نظر معينة، وإسكات وتشويه سمعة المناوئين، إلى جانب ترويج الإشاعات والأكاذيب وخلق البلبلة، عبر حسابات بأسماء وهمية تدار عن طريق روبوتات (Bots).
من ابرز الحروب الالكترونية التي تشهدها الميديا اليوم على صعيد الانتخابات العراقية، الحرب بين رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي، والسياسي خميس الخنجر، والتي شهدت العديد من الدعايات الانتخابية التي تهدف لأسقاط الآخر، الخنجر والحلبوسي لم يكتفيا بتغريدات يطلقونها عبر تويتر لتسقيط بعضهما البعض أو بتصريحات اعلامية رنانة، تحول الأمر لاستخدام صفحات وهمية تعمل على تسقيط الخصم من خلال مثلاً (نشر صور الخنجر على معلبات لبعض الاطعمة التي يذكر انها ستوزع على احدى المناطق كدعاية انتخابية للاخير) …
الأمر لم يتوقف لدى الخنجر والحلبوسي، فالصراع السني في هذه الانتخابات بات اكبر بكثير من نظيره الشيعي، حدّ أن الهدوء الذي تتمتع به الكتل الشيعية يبدو غريباً وكأنه يسبق عاصفة ما، فبين النائب محمد الكربولي وحيدر الملا هنالك تراشقات واتهامات كثيرة، لفيديوات تجسد سجالهما، هذه الفيدوات باتت تستخدم من قبل صفحات وهمية، وبرامج تلفزيونية مدفوعة الثمن بهدف الاطاحة بالخصم.
ورغم اعلان التيار الصدري الانسحاب من الانتخابات، إلا أن جمهور التيار لم يسلم من جمهور دولة القانون، لتتهم الاخيرة التيار الصدري بأن انسحابه يهدف الى تعطيل الانتخابات وتأجيلها.
جيوش ومال سياسي
عمل الجيوش الالكترونية قبيل الانتخابات جزءٌ من لعبة المال السياسي، والذي تعتمد عليه الكتل الكبيرة والقادرة على دفع اموال ضخمة في سبيل الحصول على مقعد انتخابي ، يقول المحلل السياسي عبد الله الكناني لـ “المطلع ” أن ” الجيوش الالكترونية بدأت تواصل بالتأثير على الانتخابات وخاصة من سياسيين لديهم امكانية مالية كبيرة، فمن خلال اموالهم هذه يعتمدون على اناس تعمل على انتشارهم عبر الشبكات الالكترونية، وبالتالي العراقي الواعي لا يتأثر بهذه الشبكات ولكن البسطاء ممكن ان يتاثروا بهذه الجيوش لذلك يجب على وزارة الاتصالات متابعتهم ورصدهم ومحاسبتهم”.
بعد مصادقة المفوضية العليا للانتخابات على عدد المرشحين الذي بلغ 3243 اعلنت الاخيرة عن انطلاق الحملات الدعائية الانتخابية، ومن هنا انطلق الذباب الالكتروني لاداء مهامه.
وقال الخبير في الأمن السيبراني تحسين الزركاني لـ”المطلع” إن “عمل تلك الجيوش معروف، من خلال وجود آلاف الحسابات الوهمية، التي يديرها، مئات المجندين، باستخدام الوسوم، ضمن الحملة الواحدة، ويتم تحديد ساعة الصفر، لنشر التغريدات الصادرة من مركز التحكم التابع لهذه الجيوش”.
يضيف أن “عمل تلك المجموعات تركز خلال الفترة الماضية، بحسب رصدنا على حملات الكراهية، والتحريض، ونشر إساءات للنشطاء، وللقوى والشخصيات السياسية المؤيدة للدولة، لكن استخدام تلك الجيوش في الانتخابات لم يبدأ لغاية، بشكل رسمي”.
مؤكدا أن “القائمين على تلك الجيوش، مدربين بشكل جيد، ويعمل معهم مئات الأشخاص المتدربين أيضاً، ويتم استدعاؤهم فقط حين بدء الحملة، وليس بشكل يومي”
غياب الرقابة
وتغيب الرقابة بشكل تام في العراق، على مواقع التواصل الاجتماعي، وتعجز القوات الأمنية، غالباً، عن التوصل إلى المتورطين ببعض الأعمال، بسبب غياب القوانين التي تؤطر ذلك، فيما بقي قانون جرائم المعلوماتية، في أدراج مجلس النواب، لدورة كاملة، بسبب احتوائه على مواد تقيّد حرية التعبير.
وقد حذر مركز الاعلام الرقمي قبل ايام من وجود المئات من الصفحات الوهمية التي باتت تظهر عبر مواقع التواصل الاجتماعي قبيل الانتخابات، وذكر المصدر في بيان نشره أن “الأيام الأخيرة شهدت ظهور عشرات الصفحات على منصة فيسبوك، والتي تزعم وتقدم نفسها على أنها وكالات إخبارية متخصصة في نشر أخبار تتعلق بالأحداث العراقية”.
وأكد المركز أن “فريقه رصد إنشاء وتفعيل عشرات الصفحات السياسية الممولة التي تظهر أمام المستخدم خلال تصفحه فيسبوك، والتي لا تتضمن رقم هاتف وليس لديها موقع الكتروني أو معلومات رقمية على الشبكة العنكبوتية تُثبت تاريخ الوكالة ونتاجها الاعلامي”
وبقراءة بسيطة يتبين للمتابع للشأن السياسي في العراق اعتماد ابرز الكتل المرشحة على الجيش الالكتروني للوصول الى المقعد الانتخابي، ويؤكد المحلل السياسي علي صاحب لـالمطلع أن ” هذه الصفحات والجيوش هي الورقة الاخيرة للوصول الى المقعد الانتخابي بعد ان فقدت هذه الكتل ثقة الناس العقلاء والبسطاء”.
ويرى مراقبون أن في هذه الانتخابات بإمكان الفوز للجهة التي تمتلك اكثر عدد وعدة من الجيشو الالكترونية فضلا عن الدعم العشائري، ويؤكد صاحب ” أن الدولة غير قادرة على محاربة هذه الجيوش والحد من انتشارهم او السيطرة على ما يروجون له من افكار والسبب عدم ارتقاء اجهزتنا الاستخباراتية وضعفها الواضح”.