أعلنت الحكومة التركية في الثلاثين من الشهر الماضي، شروعها بالعمل على افتتاح اربع مراكز وصفتها بــ “الثقافية” جديدة في العراق، بهدف “نشر الثقافة التركية وتطوير معرفة السكان المحليين بالعراق بالعادات والتقاليد واللغة التركية”، حيث بينت صحيفة الدايلي صباح، ان المراكز التي سيتم افتتاحها في العراق تابعة لمعهد يونس امري للثقافة التركية، والذي تعود تسميته الى شاعر من أصول تركية تعود حقبته الى القرن الثالث عشر الميلادي. وأوضح مدير المركز شريف عاتس، ان المعهد سيفتتح المراكز الأربع في كل من بغداد، الموصل، أربيل وكركوك، وسيعمل على “مكافحة الفكر الإرهابي خصوصا في المناطق التي تم تحريرها مؤخرا من التنظيمات الإرهابية” على حد تعبيره، كما وأضاف “ان هنالك حاجة ملحة الى افتتاح هذه المراكز في العراق خصوصا مع التطورات الأخيرة في البلاد”. وبين عاتس “الثقافة تعني بناء العقول” في إشارة الى نشر الثقافة التركية، مشددا “تركيا بدات الان تعمل على بناء موقعها الثقافي في المنطقة”، في إشارة الى العراق وسوريا، حيث قامت تركيا بافتتاح مركز خلال العام الماضي في الشمال السوري، حيث شهد المركز نجاحا في تحقيق أهدافه، دون الإشارة اليها. أفلام وصفحات تواصل اجتماعي.. الوصول الثقافي لتحقيق “الأهداف” وأعلنت الصحيفة، ان أنشطة المركز ستتضمن التعاون مع بعض المخرجين الأمريكيين، لانتاج أفلام خاصة بالدول التي يعمل بها المركز وخصوصا سوريا والعراق، تهدف الى “نشر الثقافة التركية”، و “تعزيز مصالح تركيا في المنطقة والعالم”، مضيفة، ان أنشطة المركز ستتضمن العمل على مواقع التواصل الاجتماعي لتحقيق الوصول المناسب للسكان المحليين في العراق، بالإضافة الى تقديم دروس في اللغة والثقافة التركية للشباب. وتابعت “افتتحت تركيا خلال الأعوام الماضية بعض المراكز في دول مثل رواندا، حيث تقوم بتقديم الثقافة التركية والمعلومات وتعليم اللغة، بالإضافة الى التدريب العسكري للقوات الرواندية وكذلك السنغالية”، امر تسعى تركيا لاستنساخه في العراق. وأوضحت الصحيفة، ان “المركز يعين أهمية التاثير الثقافي لتحقيق المصالح المشتركة في العراق وسوريا، الامر الذي يجعل من نجاح المشروع التركي المقبل امرا حيويا لامن واستقرار المنطقة، ومكافحة الإرهاب”، على حد تعبيرها. شبكة الدي دبليو الألمانية، أوردت في تقرير لها نشرته في الخامس من يونيو الماضي، ان الجيوش الالكترونية العاملة في الشرق الأوسط تحت رعاية معاهد ثقافية مختصة تابعة لدول اجنبية، باتت تقود الراي العام في تلك المناطق، وخصوصا في سوريا والعراق، حيث تقف هذه الجيوش خلف “حملات إعلامية منظمة تستهدف الناشطين والصحفيين وأصحاب الراي في تلك المجتمعات، وتحاول الدفع باهداف سياسية للدول الداعمة لها من خلال التاثير على الراي العام”. العراق ارض خصبة للجيوش الالكترونية والمعاهد “الثقافية” وأوضحت الدي دبليو، “ان الباحث في جامعة اروهوس الدنماركية روبن دي كروز، اكد، بان الجيوش الالكترونية المدعومة من قبل المعاهد والأحزاب السياسية في العراق، كانت وراء عمليات اغتيال طالت مجموعة من الناشطين والصحفيين في البلاد، من خلال التحريض المباشر على قتلهم، والتبرير لعمليات اغتيالهم”. وتابع دي كروز “ان استخدام المحاور السياسية للتاثير على الراي العام نحو التبرير لعمليات العنف او التاثير على السياسة العامة للبلاد باستخدام نظريات المؤامرة او التسقيط المباشر، كانت الأكثر انتشارا في العراق من اقرانها في دول المنطقة، ومنها الجيوش الالكترونية التي تعمل لصالح ايران، وكذلك جيوش الكترونية تعمل لصالح السعودية، وتؤثر على الراي العام السعودي كما مثيله في باقي بلدان المنطقة”. كما واثبت تحقيق قامت به مؤسسة صوفان المتمركزة في الولايات المتحدة، ضلوع جيوش الكترونية سعودية وايرانية في التحريض على وتسقيط شخصيات إعلامية وناشطين في مجال الحقوق السياسية وحقوق الانسان في دول المنطقة، وخصوصا العراق وسوريا، بحسب ما أوردت الدي دبليو. وبينت تحقيقات المركز، ان “الجيوش الالكترونية تمارس أيضا مهام نشر المعلومات المغلوطة حول الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلدان والمجتمعات التي تستهدفها، كما تقوم بذات المهام داخل المجتمعات التابعة للدول التي تمولها، مثل مهاجمة الناشطين والصحفيين الذين يكشفون عن عمليات فساد داخل تلك الحكومات”. كما وأوضح الباحث في شان الدعاية الالكترونية المتمركز في لندن محمود الغزالي، ان “بعض المشاكل التي تواجهها هذه الجيوش في العمل هي مشاكل اللغة، والتي يمكن حلها من خلال الاعتماد على وسائل اعلام او صفحات او مؤثرين محليين، من خلال التمويل المباشر والدفع نحو مساعدتهم على تحقيق المصالح الخاصة بتلك الدول”. الاعتماد على الجيوش الالكترونية اتى نتيجة لتوجه الشباب نحو الحصول على الاخبار والمعلومات حول الأوضاع العامة، من مواقع التواصل الاجتماعي او عبر المواقع الرسمي لوسائل الاعلام على الانترنت، حيث بينت دراسة لمعهد بحوث الشباب العرب نشرت خلال العام الماضي، ان ما يقارب 79% من الشباب في الشرق الأوسط بين اعمار 18 الى 24 عام، لا يتابعون وسائل الاعلام التقليدية، ويعتمدون بالكامل على الانترنت. معهد صحافة الحرب والسلام.. اتهامات وتاثيرات على الوضع والراي العام أورد مركز ال اس أي للدراسات في تحليل نشرته في الرابع والعشرين من شهر اغطسطس العام الماضي، ان الجيوش الالكترونية والاتهامات بالعمل لصالحها، كان السبب وراء عمليات اغتيال وقعت في العراق وطالت ناشطين وصحفيين ومدافعين عن حقوق الانسان. وبين المركز “ان نظرية المؤامرة المتعلقة بدور القنصلية البريطانية في محافظة البصرة، كان احد النماذج التي قادت الى عمليات تحريض من الجيوش الالكترونية على ناشطين وصحفيين في البلاد، حيث يتهم بعض الناشطين بالعمل لصالح مركز صحافة الحرب والسلام البريطاني، ضمن مشروع سياسي يعارض توجهات بعض الجهات والأحزاب السياسية في العراق، والتي تملك بدورها جيوشا الكترونية خاصة بها”. وتابع المركز “ان العديد من المشاكل السياسية التي حصلت حتى بين الأحزاب داخل العملية السياسية العراقية، كانت تقف ورائها جيوش الكترونية تتهم باتباع جهة او أخرى، خصوصا مع ظهور موجة الاحتجاجات ضد الحكومة العراقية خلال عام 2019″، على حد تعبير المركز. الجيش الالكتروني التركي.. اخر الإضافات الى جيوش المنطقة كشفت دراسة قامت بها جامعة جورج مايسون بحسب ما أوردت مجلة اسوم تيك في العاشر من شهر أغسطس الماضي، ان حزب العدالة والتنمية التركية، قام بتشكيل جيوش الكترونية متخصصة للداخل التركي، والخارج أيضا، حيث تقع مصالح الدولة التركية. وبينت الدراسة، ان الجيش الذي انطلق بنحو 6525 حساب على موقع تويتير للتواصل الاجتماعي، والتي تم كشفها من قبل الموقع وايقافها، تطور الى “أداة سياسية تركية لا تؤثر فقط على الدول المجاورة بل عملت على تقويض الديمقراطية داخل تركيا ذاتها”. وبين الباحث التركي في معهد اوريون للدراسات السياسية سليمان اوزرين بحسب المجلة، ان الجيوش الالكترونية التي توظفها تركيا، باتت تتطور خلال الفترات الماضية لتشمل التاثير على وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي لدول المنطقة، خصوصا بعد انطلاق العمليات العسكرية التركية في الشمال العراقي. وبين اوزرين الذي وصف الجيوش الالكترونية بــ “الجيوش المقزمة”، تعمل من خلال ذراعين “يتولى الأول مهمة السخرية من الجهات المعارضة للحكومة التركية والحكومات التي تحاول التاثير على بلدانها، لخلق ثقة لدى المتابعين تخولها اطلاق المعلومات المغلوطة عن تلك الحكومات، فيما يتولى الجانب الاخر مهاجمة وتسقيط الجهات والشخصيات التي لا تريد لها تركيا ان تتصدر المشهد، او تكون ذات راي معارض لمصالحها”. وأشارت مجلة اسوم تيك، الى ان الجيوش الالكترونية التركية قد باشرت العمل مسبقا نحو التاثير على المجتمعات والراي العام والأوضاع السياسية في بلدان المنطقة، وخصوصا في سوريا والعراق، الامر الذي يماثل النموذج الذي قدمه معهد صحافة الحرب والسلام خلال الفترات السابقة، والمتهم بالضلوع بعمليات تاثير على الراي العام من خلال مواقع التواصل الاجتماعي.
اقرأ المزيد على الرابط : https://mutalee.com/news/على-غرار-معهد-صحافة-الحرب-والسلام-تركيا-تدخل-الى-عالم-الجيوش-الالكترونية-في-العراق