الفشل السياسي …

     

    يتداول كثيرون أن الفشل السياسي والفساد الذي رافق العملية السياسية في العراق انما هو فشل للأحزاب الإسلامية التي (حكمت العراق) , وهذا الكلام فيه إشتباه كبير سنحاول أن نبينه بإختصار , ولا بد لنا من إجابة على أسئلة مهمة :

    س/ هل العملية السياسية ونظام الحكم في العراق أسسته الأحزاب الإسلامية ؟

    س/ هل النظام (البرلماني) هو إختيار الأحزاب الإسلامية ؟

    س/ هل الدستور العراقي كتب بأيادي الأحزاب الإسلامية ؟

    س / هل الأحزاب الإسلامية متفردة بالحكم حتى يحسب النجاح والفشل لها أو عليها ؟

    – كل هذه الأسئلة وغيرها إجابتها واحدة (( كلا ))

    التغيير الذي حصل في العراق لم يكن بفعل الأحزاب الإسلامية العراقية أو غيرها من الأحزاب , فلم يتم الإطاحة بالبعث عن طريق ثورة أو إنتفاضة عراقية , وإنما جاء هذا التغيير بفعل ((الاحتلال الأمريكي)) الذي إحتل العراق وفرض وصايته عليه وأسس العملية السياسية (الديموقراطية) فيه .

    شكل العملية السياسية ونظام الحكم في العراق إختاره الإحتلال الأمريكي وفرضه على العراقيين بمختلف إنتماءاتهم لأنه أراد (لبننة) العراق كما يعبرون بمعنى إستنساخ التجربة اللبنانية الواضح فشلها) من أجل إبقاء العراق ضعيفاً مُحتاج لهم دائماً , وأمريكا هي من أسست النظام البرلماني في العراق الذي يشبه النظام البرلماني اللبناني المعتمد على المحاصصة بين (الشيعة – السنة – المسيح) وجعلته في العراق مُعتمد على (الشيعة – السنة – الكرد) ، وكلا النظامين لم ينتج منه خيراً لا في لبنان ولا حتى في العراق .

    كذلك الدستور العراقي صحيح أن من كتبه عراقيين وحصل تصويت شعبي عليه ولكننا جميعاً نعلم حجم ((التدخل الأمريكي)) في كتابته ، كما نعلم أن هذا الدستور كتب في ظروف مُعينة وخلفيات وتبعات مُعينة نعلمها جميعاً , ونعلم أيضاً إن الشعب العراقي لم يطَلع على ما صوت عليه بالإستفتاء , كذلك الكل الآن أصبح يعلم أن هذا الدستور فيه من الثغرات الكبيرة التي تهدد وحدة العراق وإستقلاله وتعرقل نهوضه في كل المجالات والتي يجب مُعالجتها وتصحيحها حتى تستقيم العملية السياسية على المسار الصحيح .

    واذا ما نظرنا إلى الأحزاب الحاكمة في العراق فسنرى إن جميع الأحزاب بمُختلف إنتماءاتها وآيديلوجياتها مُشاركة في الحكم فلماذا يُحسب الفشل على الإسلاميين (الشيعة) فقط ؟!

    فالكرد لديهم رئيس جمهورية ووزارات والسنة رئيس برلمان ووزارات والشيعة (رئيس مجلس الوزراء) وليس رئيس الوزراء وهنا الصلاحيات تختلف وتتقيد طبعاً لمن لا يعرف الفرق بين العنوانين ,

    العلماني والشيوعي والليبرالي والمدني والكردي والسني والشيعي مًشاركين في الحكم في العراق وبفعالية ومناصب مُهمة فلماذا تتوجه السهام صوب (الإسلاميين الشيعة) فقط ؟!

    طبعاً نحن هُنا لا نحُاول تبرئة المتصدين من الأحزاب الشيعية من الإخفاق والفشل أبداً , فهم لم ينجحوا بتلبية طموح ومُتطلبات وإحتياجات الشعب العراقي , فلهم نصيبهم من الإخفاق والفشل كما إن للآخرين نصيبهم منه ،

    كذلك المغالطة الكبيرة التي أوقعوا الناس بها وجعلوهم يتصورون إن (ممثل الإسلام الرسمي والوحيد هو تلك الأحزاب الإسلامية) ولا نعلم من أين جاءوا بهذا الامر ؟
    هل أعطى أحد تخويلاً لهذه الأحزاب بأن تكون مُمثلة عن الإسلام ؟
    هل لديهم إجازة من مرجع ديني يسمح لهم بذلك ؟
    إنما هي أحزاب بخلفيات إسلامية إن أصلحت فلها إصلاحها وإن أفسدت فعليها فسادها مَثَلُها مَثَل الأحزاب الليبرالية والشيوعية والعلمانية التي شاركت في الحكم لا أكثر ولا أقل ،

    نستنتج من كل هذا الكلام أن التجربة الفاشلة في العراق هي ليست تجربة إسلامية , وإنما هي (التجربة الديموقراطية) التي جاءت بها أمريكا وأرادت تنفيذها في العراق , فالفشل الأساسي هو فشل للمشروع الأمريكي (الديموقراطي) وليس فشلاً للمشروع الإسلامي , ولا ننكر أن جزءً من هذا الفشل كان بسبب مُشاركة (#بعض) الأحزاب الإسلامية في هذا المشروع , مما يعني إن فشل الأحزاب الإسلامية هو (جزء من كل) شاركهم فيه باقي الأحزاب والتيارات المختلفة الأخرى .

    ٢١ جمادي الآخرة ١٤٤٤

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة