مقدمة
تعتبر الأحزاب الركيزة الأساسية في الحياة السياسية وهي من اهم التنظيمات السياسية التي تؤثر بشكل أساسي على فاعلية النظام السياسي وضمان استقراره واستمراره. وهي أداة من أدوات التنمية السياسية والركن الأساسي لبناء القاعدة الصلبة لصناعة القرار متمثلة في (البرلمان) التي تصنع تحت سقفه القرارات السياسية والتشريعات القانونية.
وتقاس فاعلية تلك الاحزاب بأدائها وقدرتها على النهوض بمسؤولياتها ووظائفها ونشاطها ورؤاها وتطلعاتها في التنشئة السياسية للجماهير وتحقيق مصالح المجتمع. كما ان النظام السياسي في أي بلد يعتبر انعكاس للنظام الحزبي سلباً او ايجاباً.
ومن أسمى التطبيقات العملية للأحزاب الحاكمة في أداءها السياسي هو ايمانها بالديمقراطية كشرط أساسي في التداول السلمي للسلطة دون اقصاء او قمع ضد أحزاب المعارضة. لكي تتسم بالوطنية والولاء للامة والمجتمع التي تحفظ وتؤمن استقرار المجتمع من النزاعات والصراعات والأزمات السياسية والأمنية. وفي الأنظمة البرلمانية يستلزم التوازن في القوى السياسية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية كي لا تهيمن سلطة على أخرى فينهار مبدأ الفصل بين السلطات.
تأثير الأحزاب خارج صندوق السلطة:
هناك أحزاب لم يحالفها الحظ في الانتخابات البرلمانية او لم تشترك لأسباب سياسية او تنظيمية. لذلك تعمل هذه الأحزاب بوظائف سياسية من خارج الصندوق، منها تحريك الشارع واثارة الرأي العام حول قضايا المجتمع العامة.
فيكون تأثيرها محدود أحيانا في السلطة الحاكمة التشريعية او التنفيذية.
وهناك بعض الأحزاب يكون لها تأثير أوسع, فيكون تأثيرها على السلطة ونظامها السياسي كبير جدا باتباع اساليب الضغط والتوعية والتثقيف الإعلامي ورصد عيوب الأحزاب الحاكمة عبر وسائل الاعلام والمنصات الإعلامية المتعددة.
او الذهاب الى تعبئة الجماهير عبر تنظيماتها الحزبية وذلك من خلال تعزيز الشعارات الحزبية وتعظيم القيم السياسية للمجتمع والتركيز على مطالب المجتمع وتذكيرهم بحقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والخدمية. وتعريف الجماهير بدور الدولة وادارتها التنظيمية للمؤسسات في توزيع وإدارة الموارد البشرية وتوزيع الوظائف الحكومية وإدارة الموارد المالية وابواب صرف الموازنات السنوية.
فيصبح النظام السياسي وسلطته الحاكمة بمواجهة الشارع وقواه السياسية فتقوم بتحويل تصوراتها وطلباتها الاحتجاجية إلى الواقع العملي عبر سياسات وقوانين تشرع وتنفذ لمصلحة الجميع. وبالتالي تساهم هذه الأحزاب بالتأثير غير المباشر على سلطة النظام الحاكم. وهذه الخطوة تعزز من علاقة الأحزاب خارج الصندوق مع قواعدها الجماهيرية من جهة وأفراد الشعب من جهة أخرى، ويمنحها قوة وحضور في الانتخابات القادمة لتنال من حظوظها في الفوز.
تأثير الأحزاب داخل صندوق السلطة:
الأحزاب الحاكمة او ما تسمى أحزاب داخل صندوق السلطة: هي التي تكون السلطة وتحدد بنيتها السياسية واختيار الحاكمين فيها للسلطات التشريعية والتنفيذية وتقوم بوظائف صنع القرارات السياسية.
وقوة الأحزاب وضعفها يؤثر سلبا أو إيجابا في صنع النظام السياسي القائم ومساراته وقراراته وعلاقاته الداخلية والخارجية. فالأحزاب داخل البرلمان تقوم بوظائف تشريعية وسياسية: فهي المحور الأساسي في التشريعات وسن القوانين والتصويت على القرارات المالية والميزانية السنوية اما الوظيفة السياسية تتمثل برقابة الحكومة ومؤسساتها التنفيذية والاستجواب وسحب الثقة من الحكومة واعضاءها.
فكلما كانت الأحزاب التي تشكل الأغلبية داخل البرلمان والحكومة متوافقة ومتفقة لمصلحة الشعب على أسس ومعطيات سياسية ضمن الاطر القانونية والدستورية كلما سارت الحكومة بالاتجاه الصحيح وعظم شأن النظام السياسي الحاكم. فتقوم أحزاب السلطة بطرح الرؤى والتصورات والمبادرات للنقاش فيما بينها ووضع سياسات تشاركية تنسجم مع تطلعات الشارع، وتسويقها للدوائر الإعلامية كمادة تغذي الرأي العام وتغطي القضايا العامة التي تهم المواطن عامة والناخب السياسي خاصة. كمشاريع السكن والرعاية الاجتماعية وتشغيل العاطلين وغيرها من البرامج والمبادرات. حيث تقوم هذه الأحزاب برسم مسؤولياتها السياسية من خلال برامجها المعلنة التي تتفق مع حاجات ومشكلات المجتمع السياسية والاقتصادية والخدمية. وبالتالي لا تستطيع هذه الأحزاب ان تتخلى عن مسؤولياتها او تلقي اللوم في حالة الفشل.
فأحزاب السلطة تقوم عادة من خلال الحكومة بتحسين مستويات الحياة للمجتمع وضمان حقوق وحريات الشعب بكل الوسائل الممكن لكسب تأييد الرأي العام واقناعه، لذلك تذهب الى نشر الدعاية السياسية للحزب الحاكم وأهدافه ومواقفه السياسية من ثوابت الامة وضروراتها.
تقييم السلطة (الحكومة) وسياساتها العامة
تعتبر الأحزاب داخل صندوق السلطة او خارجه من اهم الجهات الأساسية التي تتولى عملية التقييم لسلوك وسياسة الحكومة ونظامها السياسي الحاكم, وذلك من خلال رصد الانعكاسات الإيجابية والسلبية المترتبة عن تلك السياسة، وتتبع أثر مخرجاتها وفعاليتها وكفاءتها في تحقيق برنامجها الحكومي. فالسياسة العامة لا تحقق غاياتها دون عملية رصد وتقييم علمي وموضوعي فعال.
فأحزاب السلطة تقييم أداءها وتصحح مساراتها ضمن نطاق السلطة ومسؤولياتها، واما أحزاب المعارضة فتقوم برصد أخطاء واخفاقات الأحزاب الحاكمة وتقديمها كمعلومات امام الرأي العام , لذلك تعتبر أحزاب المعارضة ضرورة ملحة في الأنظمة السياسية لأنها ركن مهم لتقويم السلطة ونظامها السياسي كما تشكل ضغطا على السلطة الحاكمة من اجل تصحيح مسار الحكومة وتساهم في التأثير على صنع السياسات العامة وتعديلها او تغييرها حسب حاجات المجتمع ومطالب الجماهير.
الخلاصة
ان الأحزاب السياسية داخل وخارج السلطة تلعب دور كبير في بنية النظام السياسي والمؤسسات الحكومية وسعيها للهيمنة على مكتسبات السلطة، أو التأثير على الجماهير من خلال التعبئة والتوعية السياسية. والدور الرقابي في رصد وتقييم عمل الحكومة وتأثيرها على النظام السياسي.