تراث أهل البيت عليهم السلام، الذي اختزنته مناقبهم ومآثرهم وسيرهم الوضاءة، يعبر تعبيرا قويا عن مدرستهم القائمة على التقوى والبر والاحسان، والتي تربي الفرد والمجتمع على القيم والمثل السامية في كل زمان ومكان، لهذا لم تزل ثورة الامام الحسين عليه السلام، تتوسع وتهز عروش الطغاة والظالمين والمستكبرين، لإنها قامت على نصرة دين الله واعلاء رايته، فشق دم الامام الحسين عليه السلام طريق الفداء، وكان وسيبقى الملهم للثوار والمجاهدين وأولي الالباب في كل حين .
لحظة الموت رحمة للأحياء قبل أن تكون بردا وسلاماً على الراحلين، فمن رحماته إنه يدرأ الشر والظلم عن نفوس جبلت على القلق من حتمية النهايات، ويستعيد نفوساً أخرى لمواطن البذل والعطاء والتسامح لأنها مدركة أنه حق لا ريب فيه، وهي التي جبلت على الخير وإلا فكثير من القلوب قدّ من صخر، لا ذكر الموت ينفعهم، ولا إنحدارهم من قمة العمر لأسفله يوطن نفوسهم على بذل الخير، الكثير ممن نهلوا من فكر ونهج آل البيت سلام الله عليهم، على إعتبار أنهم مدرسة متكاملة شجاعة وأنسانية، يحق لهم أن يفتخروا بالشهادة التي نالوها منها، فهي تصل بهم الى أعلى مراتب الفوز برضى الله تبارك وتعالى والناس .
نعيش هذه الايام ذكرى أليمة لإستشهاد رجالات تخرجوا من مدرسة الطف، ونالوا أعلى مرتبة فيها وهي الوفاء والاخلاص لموطن الطف، والحفاظ على نهج وسيرة رجالاته سلام الله عليهم أجمعين، قادة النصر ومن معهم، كانوا في ذلك اليوم في غاية سعادتهم وهم هدفا لأعتى وأظلم جيوش العالم وأكثرها همجية، حيث محاربة الانسانية بكل الوسائل لنشر الظلم، الذي أرسل نبينا الكريم لأجل أزالته من مجتمع الجاهلية، حيث التمييز بين الانسان وأخيه الانسان وحكم سلب الكرامة من بسطاء القوم، ومنحها لمن لا يستحقها الظالمين والقتلة .
الثالث من أول شهر من اربع سنوات مضت ولا زلنا وسنبقى نستذكر أستشهاد رسل الانسانية، الذين أفنوا حياتهم كل حياتهم لأحياء مبادئ الحياة الكريمة، وهي القاعدة والاساس لبناء ونشأة الدين الاسلامي الحنيف، أستشهدوا وبإستشهادهم أنطفأت منارة كبرى، كانت ترسل إشعاع خيرها ونورها للعالم أجمع، وأنفطرت لرحيلهم القلوب لكونهم حماة البلاد وصمام أمن قيمه ومبادئه، نقف اليوم بمشاعر عميقة تشتعل فيها الحسرة والألم، في موقع رثاء رجال بأمة رجال على أيديهم ومن معهم كان الانتصار، رحلوا عن الحياة وأنطوت صفحة أجسادهم الطاهرة، لكن شجاعتهم وفكرهم المبثوث في أرجاء الوطن وربوعه لازالت متأججة يافعة، وستسمر بمن يحملها من بعدهم المنتمين لمدرسة أهل البيت الانسانية، وهي ذاتها مدرسة الطف لتعليم أصول الشجاعة والوفاء، مدرسة التضحية بكل شيء لأجل حياة كريمة، لبلد تكالب عليه الطامعون والسير به الى حيث المجد والسؤدد .