كيف يتفاعل المثقف العراقي مع قضايا المجتمع وازماته ؟

    .عدوية الهلالي .. كلما عصفت أزمة ما بالبلد ، يجد المثقفون مادة جاهزة للنقاش والتحاور أو كتابة المقالات وتبادل الآراء عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، ومنهم من يقوم بتحليل الازمات وتقديم حلول لها بل هنالك من يذهب بعيدا في تفاعله مع الازمة فيتضامن مع الفئة التي يقتنع بصوابها كأن يشارك في تظاهرة او اعتصام او تقديم مساعدات من أي نوع لها .. مع ذلك ، يتساءل العديد من الناس عن دور المثقف في مواجهة الازمات وان كان يشكل جزءا فاعلا من المجتمع أم ينزوي عنه بين كتبه واوراقه وأحلامه الخيالية …

    مثقف كلاسيكي

    يرى عدنان اللامي / موظف/ ان اغلب المثقفين يفضلون الجلوس مع نظرائهم ولايخالطون من هم أقل منهم مستوى ثقافيا لتوعيتهم وتثقيفهم ، على الرغم من ان بعض المثقفين يحتاجون أصلا الى التثقيف والتوعية لأنهم لايفقهون الثقافة الا قشورها .

    بينما يجد عبد الله حسين / مدرس/ :” ان المثقفين في العراق مغيبون وليس لهم دور فاعل ربما لأنهم لايمتلكون الادوات ولأن اغلب الوسائل الاعلامية تابعة للأحزاب ، لكنهم قادرون على تصدير آرائهم المتفاعلة مع المجتمع عبر وسائل أخرى غير مسيسة لو أرادوا ذلك ” ، مشيرا الى ان المثقف العراقي واجه صعوبات كبيرة خلال سنوات الحروب والحصار والصراع الطائفي واضطر فيها الى التخلي عن قلمه او التخلي عن كتبه لقاء لقمة العيش فيما هرب آخرون خوفا على حياتهم الى خارج العراق “.

    من جهته ، يعتقد فاروق البدري / محامي / :” ان سياسة المال والقوة والسلاح هي التي تتحكم بالمجتمع العراقي وبضمنه المثقف الذي يعجز عن الصمود امام السياسيين الذين يعملون على تخلف الشعب ويشغلونه بالسعي لتحصيل لقمة العيش فقط مايؤدي الى خلق جيل متخلف ثقافيا وفكريا “.

    أما ياسين سلطان / مهندس / فيرى :” ان اغلب المثقفين ابتعدوا عن الحيادية ، فمنهم من يدعم حزبا او جهة معينة ومنهم من ينزوي ولايدلي برأيه ويختار الصمت “، مؤكدا :” ان المثقفين ، من اكاديميين وأدباء واعلاميين ، هم نتاج المجتمع ، لكن الانظمة الحاكمة دفعتهم الى ممارسة اعمال لاتليق بهم ولم تستفد من خبراتهم ، كما ان المثقف العراقي لازال يتعامل بشكل كلاسيكي ويتكلم بلغة معقدة لاتهبط الى مستوى المواطن العادي”.

    احباط ..وصعوبات

    امام اعتقاد البعض بأن المثقف العراقي يعيش في برج عاجي ولايتفاعل مع قضايا المجتمع ، يوضح الكاتب علي عزيز السيد جاسم :” ان مئات الادباء والصحفيين والمبدعين في شتى صنوف المعرفة يتعرضون الى ظروف اجتماعية ومالية عصيبة جدا ، دون ان تلتفت اليهم الجهة المعنية وهي وزارة الثقافة ، فلكي يقوم المثقف بدوره في صناعة ثقافة وطنية والتفاعل مع المجتمع لابد من اعادة الاعتبار له وتمكينه من اداء دوره الحقيقي ازاء الازمات التي يمر بها البلد “.

    اما الكاتبة والصحفية عالية طالب فتؤكد :” ان المثقف العراقي غادر الابراج ونزل الى الشارع وتفاعل مع المواطنين البسطاء لكنهم – اي المواطنين – وبسبب كثرة ازماتهم يطلبون الحل من السياسي والمسؤول ولايجدون الحل لدى المثقف لأنه كان يرفع صوته على مدى عقود سابقة ويؤشر الخلل والنقاط السلبية ،لكنه يواجه مسؤولا لايهتم ولايأخذ كلامه على محمل الجد ، خاصة وان المثقف لايملك سلطة سياسية او مالية او قاعدة تنظيمية جماهيرية ليحدث التغيير ولايجد غير الكتابة سبيلا لطرح آرائه ، لكنه لم يقف عند هذه النقطة وقال كلمته من خلال التظاهرات مطالبا الجهات التشريعية والتنفيذية باصلاح مواطن الخلل في البلد “.

    من جانبه ، يصنف الباحث الاجتماعي باسم علوان النخبة الثقافية الى فئة اهتمت بالشأن العام وملاحقة قضايا الناس ومحاولة معالجتها ، وفئة اخرى انشغلت بقضاياها الشخصية واختارت التملق للسلطة ، مشيرا الى :” ان المثقف قوي بفكره وقلمه لكنه ضعيف في موقعه على السلم الاجتماعي العراقي والسياسي ، فهو يمتلك افكارا ويمكنه التحليل والنقد لكنه لايجد من يسمح له بتطبيق افكاره .

    ويحسم مدير المرصد العراقي للحريات الصحفية هادي جلو مرعي الجدل بقوله :” ان المبدع عندما لايجد من يوليه اهمية ويوفر له ضمانات الكرامة والتقدير والرعاية فان الاحباط يرافقه الى النهاية ، الا اذا وجد الفرصة وتعلق بها واستثمرها بطريقة ما ليتغير حاله الى الاحسن ، وتكون البيئة المحيطة به عاملا مضافا يمكنه من تحقيق ابداعه وانتشاره وتأكيد تأثيره في الحياة والمجتمع ، وينبه الناس لقيمته ودوره كصانع ومغير ومؤثر لايمكن تجاهله.

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة