نشرت وكالة “رويترز”، اليوم الجمعة، تقريراً استقصائياً عن اوضاع محافظة نينوى بعد مرحلة دامية من سيطرة تنظيم داعش على ثاني اكبر محافظة في العراق.
وتطرق التقرير لمعركة بسط النفوذ والسيطرة السياسية على المدينة بعد انجلاء غبار المعارك ووصول جهات حولت دفة الصراع باتجاه واجهات حزبية بعيداً عن من حلم به الموصليون.
وقال التقرير انه قبل ثلاثة أعوام احتفل العالم عندما حررت القوات العراقية بدعم من الولايات المتحدة وإيران مدينة الموصل القديمة من الحكم الوحشي لداعش، تصاعدت الآمال في نفوس سكان الموصل في إعادة بناء حياتهم بعد ما لحق بها من دمار، لكن اليوم تدور رحى معركة مختلفة.
وتدور وقائع هذه المعركة إلى حد كبير خلف الكواليس، من قاعات الحكومة المحلية التي تطل على شوارع خربها القصف في المدينة إلى قاعات الاجتماعات بفنادق في بغداد.
وما تلك المعركة سوى صراع على النفوذ بين أحزاب وساسة ورجال فصائل مسلحة. بعضهم تدعمهم إيران وآخرون يفضلون الولايات المتحدة.
وعلى المحك، السيطرة السياسية في محافظة نينوى التي تمثل الموصل عاصمتها وهي منطقة غنية بمواردها الطبيعية وتمثل همزة وصل في طريق إمداد يمتد من طهران إلى البحر المتوسط. ويخدم هذا الطريق فصائل تدعمها إيران وتعد ألد أعداء الولايات المتحدة هنا منذ هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية.
وسجل حلفاء إيران انتصارات في هذه المعركة. فقد عينوا محافظا تفضله إيران قبل عام، لكن النفوذ الإيراني واجه تحديات تمثلت في احتجاجات مناهضة للحكومة وعقوبات أمريكية واغتيال القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني، لاحقاً استطاع المعسكر المؤيد للغرب إبدال محافظ نينوى بحليف قديم للولايات المتحدة.
على مدار عام حاورت “رويترز”، حوالي 20 مسؤولا عراقيا يشاركون في هذا الصراع السياسي على نينوى، روى هؤلاء كيف كونت إيران وحلفاؤها شبكات لبسط النفوذ على الحكم المحلي وكيف حاول مسؤولون مؤيدون للغرب التصدي لهم وكيف عرقل هذا الشد والجذب نهوض الموصل من كبوتها.
ويعتقد كثيرون من المطلعين على بواطن الأمور أنه إذا كان لجانب من الجانبين أن ينتصر فسيكون في النهاية الطرف المتحالف مع إيران.
وقال علي خضير عضو مجلس محافظة نينوى إن إيران تدعم حلفاءها بالمال والمساندة السياسية ولا تفارقهم، وأضاف أنه على النقيض فإن “سياسة الولايات المتحدة لم تؤثر على العراق”.
وأصبح جانب كبير من الموصل عبارة عن أطلال، حيث تتعثر حركة السيارات عبر جسور مدمرة ويبيع المعاقون من ضحايا الحرب المناديل الورقية والسجائر والشاي عند التقاطعات، وتلك صورة من البؤس يخشى المسؤولون العراقيون أنها تمثل الأرض الخصبة المثالية لعودة داعش للظهور.
وكان من شأن تغيير المحافظ مرتين في 2019 عدم قيام الإدارة المحلية بإحالة عقود مشروعات جديدة لا تقل قيمتها عن 200 مليون دولار في العام الماضي.
ويقول مسؤولون، بحسب التقرير، إن من هذه المشروعات مستشفى جديدا للطواري وشراء عربات لنقل الركام من البيوت التي تهدمت في القصف وتدعيم أسطول فرق الدفاع المدني التي لا تملك المعدات الكافية.
وتعد أسرة رشا سعيد الصغيرة واحدة من آلاف الأسر التي تعاني من مظاهر فشل مجلس المدينة، وقد عادت الأسرة إلى الحي الذي كانت تقيم فيه بعد تحريره من داعش ولا تزال في حالة حداد على مقتل ابنها وهو في التاسعة من العمر في غارة جوية شنها التحالف بقيادة الولايات المتحدة في 2015.
وجدت الأسرة بيتها مدمرا بالقنابل وقد سوي بالأرض، وتعيش رشا وزوجها لؤي شاكر وأطفالهما الثلاثة الباقون بالاستدانة في شقة مؤجرة أجريت بها إصلاحات جزئية على مقربة من البيت.
وتراقب الأسرة العشب ينمو على قطعة الأرض التي كان بيتها القديم قائما عليها، ويقول سكان إن جثث بعض مقاتلي داعش مدفونة تحت الأرض.
كان لؤي عاملا يدويا يعمل قبل الحرب في نقل البضائع إلى المتاجر في أسواق المدينة القديمة بالموصل، غير أنه لا يمكنه العمل الآن إذ يمر بمرحلة نقاهة من عملية جراحية لإزالة ورم خلف أذنه.
ولضيق الأماكن في المجمع الطبي في غرب الموصل حيث كان من المفترض بناء مستشفى جديد فإن المتابعة العلاجية متقطعة وبطيئة، وقالت رشا “أكو انتظار بالمستشفى، الطبيب المتخصص بإصابة لؤي يقدر ياخد بس 3 مواعيد في الأسبوع مثلا”.
والمجمع الطبي عبارة عن مجموعة من الهياكل سابقة التجهيز مقامة على موقع واسع تعرض للقصف كان به خمسة مستشفيات مجهزة بالكامل بها مئات الأسرة، ويقول أطباء إن بالمجمع الآن حوالي 80 سريرا لعنابر الطوارىء والعناية المركزة تخدم ما يزيد على مليون شخص يعيشون في المنطقة.
وقالت رشا، “قبل داعش والله طموحاتنا بسيطة. كنا نريد حياة بدون عنف وحرب وبيت أكبر إلنا وتعليم لأطفالنا والآن مستحيل”.
ويتحدث الأطباء عن نقص المعدات والأدوية بما في ذلك الكمامات والقفازات وهو ما يمثل مصدر قلق خاص مع ارتفاع حالات الإصابة بكورونا.
* تغيير في مجلس المدينة
يمثل الصراع السياسي على نينوى جانبا من الصورة الأوسع في المحافظات الشمالية ذات الغالبية السنية وهي من المعاقل السابقة لصدام حسين وتمثل قيمة استراتيجية لطهران وتريد واشنطن أن تحد من النفوذ الإيراني فيها.
تحد سهول نينوى الخصبة من الغرب سوريا التي حارب فيها الحرس الثوري الإيراني إلى جانب قوات الرئيس السوري بشار الأسد. وخلفها يقع لبنان حيث حزب الله المتحالف مع إيران.
وتشكل بقية هذا القطاع من الأراضي التي يغلب عليها السنة محافظات الأنبار التي يشقها نهر الفرات وصلاح الدين التي يقع فيها ضريح شيعي مهم وديالى المتاخمة لإيران.
ويرابط عدد كبير من 5 الاف جندي أمريكي في قواعد منتشرة عبر ثلاث محافظات وكثيرا ما تتعرض لهجمات صاروخية يحمل المسؤولون الأمريكيون مسؤوليتها لفصائل تعمل لحساب إيران وتريد إخراج القوات الأمريكية.
وكانت إيران قد أكدت هيمنتها على بغداد والمحافظات الجنوبية الشيعية في العراق بعد الاجتياح الأمريكي عام 2003 والإطاحة بصدام، غير أن المناطق السنية في البلاد والتي تعيش فيها أيضا أقليات من الأكراد والمسيحيين والتركمان الشيعة واليزيديين كانت تمثل تحديا.
وأصبحت هذه المناطق مراكز لتمرد سني على القوات الأمريكية في منتصف العقد الأول من الألفية الثالثة ومعاقل لتنظيم الدولة الإسلامية الذي اتخذ من الموصل عاصمة له في 2014.
وبعد أن ساعدت الفصائل المدعومة من إيران في إخراج داعش من الموصل في 2017 بقيت الفصائل في المنطقة، اذ ترفرف أعلام هذه الفصائل في مختلف أنحاء شمال العراق جنبا إلى جنب مع رايات ولوحات إعلانات تكرم قياداتها بمن فيهم القائد الإيراني المقتول سليماني.
روى 20 من مسؤولي الحكم المحلي والنواب في بغداد والقيادات العشائرية حاورتهم “رويترز” كيف عملت إيران على تدعيم نفوذها السياسي إلى أن أصبح لها حلفاء في كل إدارة إقليمية تقريبا.
وقالت تلك المصادر إن من الشخصيات المحورية لتلك الجهود في نينوى اثنين من أصحاب النفوذ من السنة هما خميس الخنجر وهو رجل أعمال من محافظة الأنبار اتجه إلى العمل بالسياسة وأحمد الجبوري المعروف على نطاق واسع بكنيته أبو مازن وهو محافظ سابق لمحافظة صلاح الدين وعضو في البرلمان العراقي حاليا.
كان الخنجر خصما جريئا لإيران. فقد أيد احتجاجات السنة على الحكومة العراقية المدعومة من إيران في 2013 واتهم فيما بعد الفصائل الشيعية المسلحة المتحالفة مع إيران بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. وكان أبو مازن في فترة من الفترات حليفا للولايات المتحدة. وقد وصف كيف تعاون بشكل وثيق مع القوات الأمريكية بعد اجتياحها العراق في 2003.
وفي 2018 انضم الخنجر وأبو مازن على غير المتوقع إلى تكتل من قيادات الأحزاب والفصائل المدعومة من إيران في البرلمان العراقي.
وقال الخنجر في تفسير هذا التحول مشيرا إلى حل مشاكل مثل النازحين والسجناء ”من يقدر ينفذها؟ الأقوياء على الأرض أو الضعفاء؟ الأقوياء اللي يستطيع أن ينفذ ولذلك أذهب مع التحالف اللي موجود على الأرض. هذا التحالف عنده امتدادات إيرانية … مو إحنا متهمين، وكأنه عندنا امتدادات خارجية“.
ونفى أنه حليف لإيران. أما أبو مازن فامتنع عن التعليق في هذا التقرير.
ثم تدخل الخنجر وأبو مازن في مايو أيار 2019 في اختيار محافظ نينوى الجديد وفقا لما قالته تسعة مصادر منها عدد من أعضاء المجلس الإداري الإقليمي وأقارب للاثنين.
وقالت المصادر إن أغلبية من أعضاء مجلس نينوى التسعة والثلاثين المكلفين بانتخاب المحافظ الجديد أيدوا في البداية مرشحا ينتقد إيران. لكن أبو مازن والخنجر وجها الدعوة لنحو 24 عضوا تقريبا من أعضاء المجلس قبل يومين من موعد التصويت لحضور اجتماع في فندق في أربيل التي تقع على مقربة من الموصل وفقا لما قاله عدد من الأشخاص حضر أحدهم الاجتماع.
وقالت المصادر إن أعضاء المجلس حصلوا على وعود بتولي مناصب في الحكومة المحلية أو بتلقي مبالغ تصل إلى 300 ألف دولار للواحد إما من الرجلين أو من مكتبيهما إذا صوتوا لمرشح مختلف هو منصور المرعيد وهو سني كانت تؤيده إيران وحلفاؤها في بغداد.
وقال عضو بالمجلس لرويترز إنه قبل المال واستخدمه في شراء منزل جديد.
وتم انتخاب المرعيد بأغلبية 28 صوتا من أعضاء المجلس.
وأكد الخنجر أنه وأبو مازن التقيا بأعضاء المجلس في أربيل للاتفاق على الحاكم والتفاوض على المناصب الإقليمية. كما أكد أنه أيد المرعيد لكنه نفى شراء الأصوات.
وقال ”لا أدفع مبالغ من أجل تحقيق مكاسب سياسية … لم أدفع دينارا واحدا“.
وقال المرعيد المرشح الفائز إنه لا علم له بأي رشاوى قدمت لأعضاء المجلس ونفى أنه موال لإيران بأي شكال من الأشكال. وأضاف ”لكن ما عندي علم من هذا. أعضاء المجلس ينباعو. فأنا ما استغرب نوع هذا الشيء“
ولم يكن لقاء أربيل الاجتماع الوحيد الذي انعقد في ذلك الوقت. فقد وصف ثلاثة من أعضاء المجلس حاورتهم رويترز اجتماعات واتصالات أخرى بمسؤولين كبار في الفصائل العراقية كانوا يحاولون كسب التأييد للمرعيد.
وروى عضو آخر بمجلس نينوى أنه وأحد زملائه دعيا إلى فندق في بغداد عقب التصويت للقاء دبلوماسي إيراني رفيع وأحد قادة الفصائل العراقية الموالين لإيران.
وقال العضو الذي سبق أن رفع صوته بانتقاد تعيين المرعيد إنه تلقى عرضا بمنصب في حكومة نينوى إذا تخلى عن معارضته للمحافظ الجديد. وأضاف أنه امتنع عن قبول العرض.
ولم ترد السفارة الإيرانية على أسئلة عن هذا الاجتماع. ولم تستطع رويترز الاتصال بقائد الفصيل العراقي. ولم ترد هيئة الحشد الشعبي التي تشرف على الفصائل، في غضون بضعة أشهر دارت الأحداث في الاتجاه المعاكس.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على قادة الفصائل المتحالفة مع إيران وعلى حلفائهم العراقيين من السنة ومنهم أبو مازن في يوليو تموز والخنجر في ديسمبر كانون الأول.
وقالت الخزانة الأمريكية إنها قررت تجميد أصول أبو مازن لأنه حما ”مصالحه الشخصية وتصرف بما يلائم وكلاء تدعمهم إيران يعملون خارج سيطرة الدولة“.
واستهدفت الوزارة الخنجر في جولة من العقوبات على قادة فصائل مدعومة من إيران واتهمته بالرشوة وقالت إنه أنفق ”ملايين الدولارات على شخصيات سياسية عراقية من أجل الحصول على تأييدها“.
ونفى أبو مازن والخنجر ارتكاب أي أخطاء في ذلك الوقت ونددا بالعقوبات الأمريكية باعتبارها تدخلا في الشؤون الداخلية للعراق.
وقال أحد أقارب أبو مازن وخمسة من أعضاء مجلس نينوى إن أبو مازن شعر بأنه تحت ضغط نتيجة للخطوة الأمريكية. وأضافوا أن هذه الإجراءات ساهمت في إقناعه بسحب تأييده للمرعيد وتأييد قائد عسكري سابق حليف للولايات المتحدة هو اللواء نجم الجبوري لكي يحل محله في منصب المحافظ.
وفي نوفمبر تشرين الثاني صوت 23 من أعضاء المجلس التسعة والثلاثين بالموافقة على عزل المرعيد وتعيين الجبوري.
ويقول مسؤولون محليون إن تعيين الجبوري والضغط على حلفاء إيران في مختلف أنحاء البلاد بالضربات الجوية والعقوبات الأمريكية حد من نشاط الفصائل المسلحة في الموصل.
وتقلص وجود الفصائل العسكري في الشوارع الداخلية بالمدينة بعد أن كانت رايات شيعية وأعلام الفصائل ترفرف في وقت من الأوقات فوق المساجد.
ويأمل المسؤولون المؤيدون للولايات المتحدة في الموصل أن تحوّل حكومة رئيس الوزراء الكاظمي والانقسامات بين الفصائل المدعومة من إيران في أعقاب مقتل سليماني الدفة عن النفوذ الإيراني. والكاظمي مقبول لدى الولايات المتحدة وإيران.
لكن هؤلاء المسؤولين يشكون أيضا من أن المحافظ الجبوري لا حول له ولا قوة في مواجهة فصائل إيران وحلفائها السياسيين في الموصل.
وقال علي خضير عضو مجلس الموصل ”نجم الجبوري ضعيف سياسيا … بسبب قوة فصائل الحشد. هو المفروض يتعامل معهم بالبطء والحذر“.
وقال الجبوري لرويترز إن أي محافظ سيواجه انتقادات، ودافع عن سجله. وسلم بأن المنافسات السياسية تعرقل تحقيق التقدم في إعادة بناء المدينة. وقال ”أكيد أكو صراع سياسي كبير وينعكس سلبيا على وضع الإعمار … نعم (شغلي) أصعب“.
وقال أربعة مسؤولين محليين إنه تم تبديل شاغلي بعض المناصب الإدارية وإن هذه المناصب لم تعد تخضع لسيطرة حلفاء الفصائل المدعومة من إيران لكن مناصب أخرى لا يزال يشغلها مسؤولون على صلة بجماعات الفصائل.
وللفصائل أيضا مكاتب في الموصل وعقود أعمال أخرى رغم أن هذه المكاتب ألغيت بمرسوم من الحكومة المركزية العام الماضي. ولم ترد الفصائل المسلحة على أسئلة من رويترز عن أنشطتها.
* مدينة مدمرة
قال مسؤول رفيع بالإدارة المحلية ومسؤول ثان إن فراغ السلطة بين المرعيد والجبوري حال قبل أسابيع فحسب من نهاية 2019 دون إحالة عقود في وقت حرج يتعين فيه إنفاق الميزانية السنوية.
وأظهرت وثيقة مذيلة بتوقيع عبد القادر الدخيل مدير بلديات نينوى اطلعت عليها رويترز أن السلطات الإقليمية لم تحل عقودا لمشروعات تتجاوز قيمتها 200 مليون دولار في محافظة نينوى في 2019.
وقال الدخيل لرويترز إن من هذه المشروعات مستشفى جديدا للطواريء ومعدات لمستشفى آخر في موقع قريب منه وشراء عربات إضافية لأجهزة الدفاع المدني وإصلاح 13 مدرسة.
وقد عمل الدكتور عمر حمودات، الذي يساعد في إدارة المجمع الطبي في الجانب الأيمن من الموصل، في مستشفيات المدينة في ظل العقوبات الدولية خلال التسعينيات وفي ظل احتلال الدولة الإسلامية. وقال حمودات إن البنية التحتية للرعاية الصحية هي أسوأ ما شاهده على الإطلاق.
وقال في مكتبه المزدحم في المجمع إن المستشفى كان يستطيع في وقت من الأوقات إجراء 200 عملية جراحية طارئة في اليوم الواحد. أما الآن فقد أصبح العدد حوالي 15 عملية.
وقبل أن يصل تنظيم داعش كان عدد الأسرة الإجمالي بمستشفيات محافظة نينوى حوالي 4000 سرير، والآن أصبح العدد أكثر قليلا من الألف سرير بما في ذلك ما يسميه حمودات ”كرافانات“ في إشارة إلى الهياكل سابقة التجهيز.
وقال حسام خليل مدير الدفاع المدني في الموصل إن توفير عربات الطوارىء مثل سيارات الإطفاء والإسعاف لم يتحقق رغم أنه كان من المتوقع أن يتم في 2019.
وأضاف ”أحيانا لازم نعتمد على سياراتنا الخاصة للشغل بس مو لإطفاء الحرائق أو الإنقاذ“.
وقد أشاد سكان الموصل بتعامل الجبوري مع أزمة كوفيد-19 حيث كان إغلاق المدينة حتى الآن سببا في تحاشي انتشار المرض على نطاق واسع غير أن البعض يشعر أنه ليس أهلا لمهمة إعادة بناء المدينة. ويقول كثيرون إنهم لا يريدون سوى محافظ كفؤ بغض النظر عن انتمائه السياسي.
قال ناشط اسمه صفوان (30 عاما) تطوع للعمل في مشروعات مساعدة السكان بالمدينة منذ 2011 وأعمال إعادة البناء منذ سقوط الدولة الإسلامية ”حقيقة من الفترة بعد داعش هو (المرعيد) الأفضل … ليش؟ لأنه بعد استلامه للمنصب بأشهر فقط شفنا أكو تغيير … هو مهندس مدني ورجل أعمال فعنده ارتباطات قوية مع الشركات“.
وخلال الستة أشهر التي قضاها المرعيد في منصب المحافظ تم إصلاح بعض الجسور في المدينة.
وقال صفوان ”المرعيد … عند خبرة. كمحافظ هو أفضل من نجم الجبوري … المرعيد عند دعم قوي من بغداد. الموصل يحبون نجم الجبوري لأنه قائد عسكري لكن الكثير يريد أن يرجع المرعيد“.
* نفوذ باق
في بقية المحافظات السنية الواقعة بين نينوى وبغداد يقول أعضاء المجالس المحلية وقيادات عشائرية وأعضاء في البرلمان العراقي إن مساعي إيران لتدعيم وضع حلفائها السياسيين المحليين ستكون على الأرجح أكثر قدرة على الصمود من الأساليب الأمريكية من ضربات جوية وعقوبات اقتصادية.
ويتحسر أصدقاء أمريكا المحتملون على ما يرون أنه غياب الاهتمام أو القدرة لدى الجانب الأمريكي على تقليص النفوذ الإيراني في العراق الذي اجتاحته قوات الحلفاء قبل 17 عاما.
وفي فبراير شباط 2019 سافر أحمد الكريم رئيس مجلس محافظة صلاح الدين إلى واشنطن للمطالبة بدعم أمريكي لمنطقته والمساعدة في التصدي لإيران.
وقال نائب عراقي كبير من أقارب الكريم إن الزيارة لم تكن مثمرة.
وأضاف أن كل من قابلهم الكريم لم يبدوا اهتماما بمقترحاته لتعزيز الوجود العسكري الأمريكي والاستثمار الأمريكي.
وامتنعت غرفة التجارة الأمريكية التي استضافت الكريم في مناسبة خاصة خلال تلك الرحلة عن ذكر تفاصيل. وامتنع الكريم نفسه عن التعليق.
وعلى النقيض من ذلك قال مسؤول بمحافظة صلاح الدين إن ”الإيرانيين بما في ذلك دبلوماسيون في السفارة يتواصلون مع أفراد لا تتوقع أن يتواصلوا معهم على مستوى محلي“.
وسئل مورجان أورتاجوس المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية عن الدور الأمريكي في العراق فقال ”سنواصل الوقوف إلى جانب الشعب العراقي لدعم مطالباته بالإصلاح والتغيير ومساعدته على الوصول إلى عراق مزدهر اقتصاديا وبلد محوري في المنطقة خال من التدخل الأجنبي“.
وقد قابل آخرون من مشايخ السنة في صلاح الدين مسؤولين من الفصائل الشيعية لمناشدتهم الموافقة على عودة الأسر السنية التي نزحت بسبب الحرب مع الدولة الإسلامية وتفرقت في مخيمات وبيوت مؤقتة في مختلف أنحاء شمال العراق.
ويشعر هؤلاء المشايخ بالقلق من تقلص الوجود العسكري الأمريكي في العراق قائلين إنه يفتح المجال في مناطقهم أمام خطر عودة الدولة الإسلامية.
وقال الشيخ خالد الناصري وهو من قيادات عشيرة صدام حسين إنه لم يكن ليتعامل مع مسؤولين تدعمهم إيران منذ بضعة أعوام. أما الآن فإنه على استعداد للتعاون مع أي طرف من أجل توفير الخدمات لعشيرته وإعادة الأسر من المخيمات إلى البيوت.