لا شك في أن الحكومة الحالية تضع في اولوياتها صون سيادة العراق وتعزيز القانون وحصر السلاح بيد الدولة وجمعه من الميليشيات الخارجة عن القانون، لضمان منع دول أخرى من تحويل أرض العراق إلى ساحة للصراعات أو منطلق لتوجيه هجمات ضد دولة ثالثة، وهذا ما أكده الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول حيث ذكر أن الكاظمي ومن خلال برنامجه الحكومي يعمل على بناء دولة قوية بمؤسسات أمنية تعيد للدولة هيبتها.
المحلل السياسي الدكتور عصام الفيلي أعرب عن اعتقاده أن “حلول حصر السلاح بيد الدولة بما يخص الاجراءات القانونية والدستورية تتلخص بأن هنالك سلاح من الممكن ان يتم حصره عبر الاجراءات القانونية والدستورية والمتمثل بالاسلحة المتوسطة والثقيلة التي تمتلكها العشائر، وربما يكون هذا بحد ذاته كخطوة اولى من اجل بعث رسالة طمأنينة الى المجتمع العراقي باكمله”.
وأضاف أن “هناك دولة حاضرة من اجل اثبات هيبتها ووجودها؛ ولكن تبقى الاشكالية في السلاح الآخر والمتمثل بسلاح الاحزاب، ونعتقد هذا الموضوع خارج نطاق التشريعات القانونية والدستورية لان من يحمل السلاح في هذا الاطار هو في الاساس لا يكترث لا بالدولة ولا قوانينها ولا هيبتها”، مشيرا إلى أن “العلاج لهذه المشاكل هو ان يكون هناك مؤتمر وطني عام تحضره كل الجهات العراقية في هذا الاطار سواء كانت احزاب او اذرع مسلحة او فصائل مسلحة ويتفقون فيما بينهم على ضرورة ان لا يعلو سلاح فوق سلاح الدولة لان الاشكالية القائمة في العراق هو هذا السلاح الموجود في كل مكان”.
وشدد الفيلي على “ضرورة ان تكون هناك محاسبة لكل عجلة لا تحمل ارقاماً رسمية وكل عجلة تحمل علامات او اشارات لجهات حزبية معينة، ويجب ان يكون هناك تدقيق ومشكلتنا في العراق عدم مأسسة كثير من الاجهزة وبالتالي المشكلة انه حتى رجل الامن حينما يعترض على بعض السلاح المنفلت نجده اما ان يفقد حياته او المحصلة النهائية قد يفقد وظيفته او تركب له تهمة في هذا الاتجاه”، لافتا إلى “ضرورة أن تكون هناك قيادات امنية مستقلة بالتعاون فيما بينها في هذا الاطار ومع تشريعات قوية تدعم القضاء العراقي في هذا الاتجاه”.
وبالعودة إلى اللواء يحيى رسول يقول فيما يتعلق بسلاح الحشد الشعبي، إن مؤسسة الحشد تعد أحد أجهزة الدولة الأمنية، ولها قانون أقره البرلمان منذ سنوات ينظم عملها”، لافتا إلى أن “الكاظمي ماض في حصر السلاح بيد الدولة، لكن ذلك بحاجة إلى آلية دقيقة لترسيخ مبدأ العدالة في البلاد”.
وينص الدستور العراقي في مادته التاسعة (أولا) على حظر تكوين مليشيات عسكرية خارج إطار الدولة، كما لا يجوز لأفراد القوات العسكرية في جميع الوزارات والمؤسسات الأمنية الترشح للانتخابات أو دعم جهات معينة.
النائب عن تحالف القوى رعد الدهلكي كشف أن كتلته لديها ثقة كبيرة في الكاظمي فيما يتعلق بحصر السلاح بيد الدولة، خاصة أن هناك تخوفا كبيرا من أن السلاح المنفلت وعودة نشاط تنظيم الدولة قد يؤديان إلى انهيار أمني قريب في بعض المناطق.
ورأى أن “رئيس الحكومة سيتمكن خلال الفترة القادمة من تحجيم السلاح المنفلت نسبيا، خاصة إذا ما أيدت الكتل الشيعية الوطنية مساعيه، مستدركا أن تأسيسه لمثل هذه المرحلة سيعد إنجازا كبيرا”.
لو نظرنا إلى الحشد الشعبي ومنذ تأسيسه عام 2014 سنجد أنه شهد تزايدا مطردا في قوته وتسليحه وانتشاره ودخوله العمل السياسي كذلك وبهذا الشأن يقول الباحث بقضايا الشرق الاوسط والمتخصص بالشأنين العراقي والايراني وملفات التطرّف أحمد الياسري في حديثه لـ”الإخبارية”، أن الكاظمي ينظر إلى الفصائل التي تحمل السلاح على أنها فئات، الأولى لها تأثير وفاعلية سياسية وعسكرية كونها ضمن الحشد المؤطر بقانون مثل حركة عصائب أهل الحق وبدر، وقد يلجأ الكاظمي إلى التفاوض معها بنزع سلاحها مقابل المال، أو بجرد أسلحتها وتخزينها بإشراف لجنة مشتركة تديرها”.
وأضاف أن “هناك فئة أخرى وهي فصائل خارج القانون لأنها خارج منظومة الحشد وهي لا تملك أذرع سياسية، لكنها ذات تسليح قوي مدعوم من إيران مثل كتائب حزب الله والنجباء وهذه الفصائل قد يتم التعامل معها بفتح نافذة حوار وطني ومحاولة التوصل إلى أرضية متوافقة بنزع السلاح وعدم تنفيذهم الأجندة الإيرانية في البلاد، وكنه يرى أنه من الصعب أن يغير الولائيون ولاءاتهم بسهولة”.
ويرى مراقبون أن “تسريح عشرات آلاف المقاتلين سيفرض على الدولة مواجهتهم كعصابات ومافيات وتنظيمات، فضلا عن أنه في ظل التدهور الاقتصادي، ليس من المنطقي أن يضاف مقاتلو الحشد إلى جيوش العاطلين المنتظرين لمعونات الدولة”.
وبينوا أن “زيارة الكاظمي لمقر الحشد رسمت ملامح خطته، إذ سيستغل الخلافات الداخلية بين الفصائل والضغط الأميركي وتراجع الدعم الإيراني، وبالتالي سيفرض إرادته لإعادة هيكلة الحشد بما يتناسب مع رؤية الحكومة لإدارة الملف الأمني في المرحلة المقبلة”.
وكانت المرجعية الدينية العليا قد شدد مرارا وتكرارا على حصر السلاح بيد الدولة والاعتماد على الطاقات الشبابية التي قاتلت عصابات داعش الارهابية وانتصرت عليها من صنوف القوات المسلحة الرسمية ضمن الاطر الدستورية والقانونية التي تحصر السلاح بيد الدولة وتبعده أيضا عن أيدي العشائر وترسم الطريق الصحيح لحفظ البلد والوقوف بوجه المحاولات الجديدة للنيل من العراق.