الانتخابات المبكرة والتغيير السياسي في العراق

    الانتخابات المبكرة تعني تجديد ثقة الشعب بالمنظومة السياسية الحاكمة نتيجة حدث كبير او رفض جماهيري حاشد لقرار معين، وهي احدى وسائل الديمقراطية وآلياتها للحفاظ على الاستقرار وابعاد شبح التغيير القسري او الاجباري والذي يعرف بالانقلاب.

    وتختلف الانتخابات المبكرة عن التصويت المبكر، لان الاولى يجب ان تسبق الموعد المقرر بسنوات او اشهر بينما التصويت المبكر يسبقها بأيام ويخص فئة معينة من الشعب. وتحتاج الانتخابات المبكرة الى تشريع قانون او وجود نص في الدستور حتى تأخذ اطارها الصحيح ضمن العملية الانتخابية، وتعتبر من الوسائل الناجحة في ضمان انسيابية الديمقراطية ان اتسمت بالشفافية والحيادية والنزاهة في كل مراحلها بدءا من الحملات الانتخابية وتساوي فرص المرشحين بالترويج مرورا بالصمت الانتخابي الذي يشمل الجميع دون استثناء قبل 24 ساعة من فتح صناديق الاقتراع، وصولا الى يوم الاقتراع وضوابطه في منح الناخب حرية التصويت امام صناديق الاقتراع دون اي مؤثرات. وتختتم العملية بالعد والفرز الذي يجب ان تقوده جهة محايدة تحت إشراف مراقبين دوليين وصحافة حرة قادرة على نقل مراحل الحدث خطوة بخطوة، والاهم من كل ذلك القدرة على اعلان النتائج الأولية الحاسمة خلال الاربعة والعشرين ساعة التالية لاغلاق صناديق الاقتراع لكسب ثقة الناخب اولا؛ وضمان عدم التلاعب والتزوير ثانيا؛ وفرز الفائز عن الخاسر ثالثا؛ واسكات الأصوات المشككة بالنتائج او القائمين عليها رابعا.

    إذن كل انتخابات جديدة مبكرة كانت ام محددة ومجدولة مسبقا تحمل بين طياتها آفاق التغيير نحو الافضل للمواطن – الناخب، الذي دائماً ما يحلم بغد افضل وحياة حرة كريمة في بلد آمن مستقر، ولكن مع الاسف فالموضوع مختلف بالعراق. فما ان يقترب موعد الانتخابات او الحديث عنها تتشنج الامور وتنطلق حملات التسقيط السياسي وتخرج فضائح وملفات فساد كانت غائبة لسنوات وتنطلق معها حالة من عدم الاستقرار يستغلها الارهاب بالعبوات والتفجيرات، حتى ان افق التغيير بالعراق قد يضيع مع الاحداث التي تسبق كل انتخابات والهادفة بالاصل الى تقليل نسبة المشاركة وتضييق فسحة الأمل بنتائجها.

    ان ما نحتاجه اليوم، ليس الالتزام بموعد انتخابات مبكرة فقط بل ما نحتاجه فعلا هو اعادة ثقة المواطن بالمنظومة السياسية برمتها حتى لا تتكرر احداث تشرين 2019 وبشكل اكبر، من خلال:

    1. بث دماء جديدة في الميدان الانتخابي القادم.

    2. اعفاء الفاشلين ومنح فرصة للشباب على حساب المخضرمين.

    3. تلبية طموحات الناخبين في المشاريع الانتخابية والعمل على تحقيقها مستقبلا، لا ان تبقى حبرا وشعارا على ورق.

    4. والاهم من كل ذلك، تحييد السلاح اثناء الانتخابات وما قبلها.

    ويبقى للانتخابات طعما مختلفا في العراق فهي تجري دائماً في اجواء من عدم الاستقرار والخلاف والصراع وعدم الاتفاق، لذا تضيق فرص وافاق التغيير السياسي بوجود نفس اللاعبين اي المرشحين وامتلاكهم زمام السلطة والمال والنفوذ ويضاف هذه المرة السلاح الذي قد يقودنا لا سامح الله الى صدامات مسلحة قد تلي اعلان النتائج، فتضيع آفاق التغيير وتسقط الانتخابات في فخ التأويل والطعن والتدويل… ان لم يتدارك الساسة الامر وينظروا بحكمة الى الانتخابات القادمة باعتبارها مستقبل وتغيير.

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة