لا تزال الالغام غير المنفجرة تشكل هاجساً خطيراً بالنسبة للعراقيين القريبين من المناطق التي تشهد وجود هذه الألغام، وأيضاً للسلطات المحلية والمنظمات الحقوقية والمتخصصةبالبيئة إذ إنها تواصل حصد أرواح العراقيين، حتى مع كون بعضها يرجع إلى ثمانينيات القرن الماضي، وهي تلك التي تعود إلى (1980 _ 1988).
وأكدت المتحدثة باسم لجنةالصليب الاحمر في العراق هبة عدنان أخيراً، أنّ “العراق واحد من البلدان شديدة التلوث بالأسلحة في العالم، وأنّ المساحة المتبقية الملوثة بلغت 2600 كيلومتر مربع، وهي قريبة من حجم 364 ألف ملعب كرة قدم”.
أوضحت أنّ “البصرة تعتبر من أكثر مدن العالم تلوثاً بالأسلحة غير المنفجرة، حيث يبلغ معدل التلوث فيها 1200 كيلومتر مربع وتشمل الألغام الأرضية والذخائر العنقودية وغيرها من مخلفات الحرب، ويعود تاريخ معظم حقول الألغام المعروفة إلى الحرب العراقية الإيرانية”.
وأضافت، في تصريح نقلته وكالة الأنباء العراقية (واع)، أنّ “آثار الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب تستمر على الأشخاص الذين يعيشون في المناطق الملوثة أو العائدين إليها أو المارين بها لسنوات، وفي حين أنّ العدد الدقيق لحوادث الذخائر المتفجرة غير معروف لكن دائرة شؤون الألغام تفيد بأنّ عدد الضحايا نتيجة للألغام في العراق تجاوز 30 ألفاً، فيما تعتبر المحافظات التي شهدت النزاعات الأخيرة والتي انتهت في العام 2017 من المناطق الملوثة بالأسلحة والمخلفات الحربية، وعلى سبيل المثال المدينة القديمة في الموصل وصلاح الدين وكركوك”.
وفي مارس/ آذار الماضي، كشفت وزارة البيئة العراقية عن توجهها لاستخدام طائرات بعمليات المسح للكشف عن الألغام في البلاد، ضمن خطة تساهم باختصار 90% من الوقت في عمليات التخلص منها.
وذكر مدير دائرة الألغام في الوزارة ظافر محمود أنّ وزارة “البيئة استخدمت طائرات الدرون في عمليات المسح للكشف عن الألغام، وقد أثبتت نجاحاً وفاعلية هائلة بالنسبة للمسح غير التقني”، مبيّناً، في تصريح صحافي، أنّ “الوزارة بصدد استخدام طائرات أخرى في المسح التقني، تكون قادرة على مسح أكثر من مائة ألف متر مربع باليوم الواحد”.
في السياق، قال الناشط المدني من محافظة البصرة منتظر الشمري إنّ “البصرة تحتوي على مساحات واسعة من الأراضي الخطرة والتي تحتوي على الألغام والمخلفات الحربية لا سيما القريبة من الحدود مع إيران”، مبيناً في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّ “المخلفات الحربية والألغام في هذه المناطق تحصد باستمرار أرواح العراقيين، وتحديداً المزارعين والأطفال، وأنّ الوعود من الحكومة المحلية لإزالتها لم تتحقق”.
من جانبه، أشار الخبير البيئي وسام الزبيدي إلى أنّ “البصرة والمناطق الحدودية مع إيران، إضافة إلى المناطق المحررة من سيطرة داعش، لا تزال تشهد تحدياً أمنياً بالغ الخطورة بسبب الألغام، وهناك بعض البلدات في الموصل وصلاح الدين محظورة بسبب الألغام المنتشرة فيها، ولا يستطيع أهلها العودة إليها من جرّاء ذلك”.
وأضاف الزبيدي، متحدثاً لـ”العربي الجديد”، أنّ “هذه المواد غير المنفجرة والألغام والمخلفات الحربية جميعها تؤدي إلى بتر الأطراف والقتل دون تمييز، وتعطيل الحياة، وكذلك إعاقة إعادة الإعمار وتأهيل البنية التحتية المدمرة، لذلك فإنّ استخدام التقنيات الحديثة بات ملزماً، ومن الممكن استيراد فرق من الخارج من أجل إنقاذ الوضع البيئي في البلاد”.
وتعدّ الألغام والأجسام المتفجرة غير المنفلقة التي خلّفتها الحروب والأزمات الأمنية التي ضربت العراق منذ مطلع ثمانينيات القرن الماضي حتى اليوم، أحد أخطر الملفات التي تحتاج إلى حلول لمعالجتها، وخلال الفترة السابقة، سجّلت المحافظات العراقية حوادث أسفرت عن قتل وجرح العشرات من الشباب والأطفال، خاصة ممن يمارسون الرعي في المناطق المفتوحة.
ويصنّف العراق من الدول الأكثر تلوثاً نتيجة انتشار الألغام والعبوات الناسفة، ويعود سبب ذلك إلى الحرب العراقية الإيرانية إبان ثمانينيات القرن الماضي وآثار احتلال تنظيم “داعش” لمحافظات عراقية عدة في صيف العام 2014.