تراجع السياسيين عن تصريحاتهم… مرآة لضعف المصداقية وقلة الشجاعة

    ويعكس سلوك التراجع عن الكلام، بحسب مراقبين، عدم استقلالية آراء العديد من النواب والمسؤولين، وهو يعد سلوكاً “منافياً” للأخلاق، وربما يترجم قلة ثقافتهم، وذلك في المحصلة يهز ثقة الجمهور بمن يطل عليهم يوميا بسيل من التصريحات.

    أمر مألوف

    ويقول مدير مرصد الحريات الصحفية زياد العجيلي إن “إطلاق التصريحات ثم نفيها أو التراجع عنها بات أمرا مألوفا في السياسة العراقية”، مبينا أنه “يرتبط بطبيعة المشهد السياسي ونوع الصراع والجهة المستهدفة”.

    ويشير العجيلي الى أن “اغلب السياسيين في العراق يتوجهون الى شرائح اجتماعية ليست معقدة ويرون أنها تتقبل التصريحات التي تؤجج على العنف، ثم تتلقف التصريحات الداعية الى التسامح والتهدئة عندما تكون في مرحلة الركون الى الهدوء، وبذلك بعد سجال طويل ومعاناة”.

    ويوضح العجيلي أن “السياسيين يتراجعون عن اغلب تصريحاتهم لأنهم يتصلون بأكثر من طرف ويخاطبون أكثر من شريحة ولديهم مصالح مع جهات عدة يتطلب التواصل معها تغيير القناعات”، لافتا الى أن “ذلك لم يعد أحد أشكال النفاق ما دام النفاق أصبح من المسلمات لانه يحاكي طبيعة الثقافة العراقية ونوع الصدام الذي تعاني منه الدولة في أشكال مختلفة”.

    تصريحات غير مرخصة

    أما رئيس تحرير وكالة أنباء بغداد الدولية عادل فاخر، فهو يرى أن “تصريحات السياسيين خاضعة لمركزية في العادة”، موضحا أن “كل مسؤول يصرح يعكس وجهة نظر الحزب الذي ينتمي إليه، حتى وإن كان وزيرا أو نائبا”.

    ويقول فاخر  إن “بعض السياسيين يصرحون دون موافقات مسبقة من أحزابهم أو بما لا ينسجم مع سياسة الأحزاب التي ينتمون إليها، فيتلقون اللوم، وسرعان ما يتراجعون عما أدلوا به”، مشيرا الى وجود “ازدواجية في حديث المسؤولين، ولا شك أن ذلك يهز الثقة بين السلطة الحاكمة وبين الجمهور”.

    ويلفت الى أن “الجمهور لديه تجارب سابقة مع الطبقة السياسية الحاكمة، لذا فإن الجماهير لا تعول كثيرا على تصريحات المسؤولين وأخذها بنظر الاعتبار، سواء تراجع المسؤول عما قال ام لم يتراجع”.

    أما بخصوص الوعود، يؤكد فاخر أن “من النادر جدا تحقيق وعد قطعه سياسي او وزير او نائب، اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار الفترة الحالية، حيث تفسر كل التصريحات والوعود على انها دعاية انتخابية”.

    جبن سياسي

    وفي السياق ذاته، يعتبر رئيس الجمعية العراقية للدفاع عن حقوق الصحفيين إبراهيم السراجي، تراجع بعض السياسيين عن تصريحاتهم، بأنه سلوك “مناف للأخلاق والأعراف”، مبينا أنه “يأتي من قلة ثقافة المسؤولين الذين لا يمتلكون الشجاعة ولا يعيرون أهمية للمجتمع”.

    ويقول السراجي  إن “التراجع عن التصريحات جبن سياسي واضح وصريح”، مؤكدا أنه “سلوك يؤدي الى اهتزاز ثقة الجمهور بالسياسي، وبالتالي لا يمكن للشعب أن يمنحه الثقة أو يصوت له، بل سيضعه في خانة الكذابين”.

    ويبين أن “العلاج الأنسب لهذا السلوك هو سن قانون او ميثاق شرف بين السياسيين يحد من الحالات الشاذة التي لا تخدم العراق والعملية السياسية، وأن يتحلى السياسي بالشجاعة والثقة بالنفس”.

    وينوه السراجي الى أن “التراجع عن التصريحات يؤدي الى فقدان السياسي لهيبته وثقته وتقاطعه مع الجمهور، الى جانب عدم احترامه كممثل لفئة من الشعب، وبالتالي خسارته لجمهوره”.

    يذكر أن التراجع عن التصريحات أصبح سمة بعض المسؤولين والسياسيين، الذين كثيرا ما يطلقون تصريحات تحدث ردود فعل واسعة، ويلقون باللوم على الإعلام ويتهمونه بالنقل غير الأمين.

     
     
    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة