لا ينبغي الانخداع بإغراءات ترامب الخادعة

    سمير باكير – دونالد ترامب، الذي بدأ أسبوعه الأول في البيت الأبيض كرئيس للولايات المتحدة، أدلى بتصريحات مثيرة للجدل زعم فيها أنه يفضل أن ينتقل سكان غزة إلى دول أخرى للعيش بسلام وهدوء. هذه التصريحات التي حاول من خلالها ارتداء قناع “المنقذ الإنساني”، تكشف عند التمعن فيها عن نوايا مبيتة تتجاوز كل شعارات الإنسانية.

     

    في أولى قراراته التنفيذية، ألغى ترامب العقوبات المفروضة على المستوطنين المتطرفين، ومنح إسرائيل الضوء الأخضر لمواصلة توسعها في الضفة الغربية. كما رفع الحظر عن إرسال القنابل الثقيلة لهذه الدولة، وأكد على دعمه اللامحدود لها عبر تسليحها بشكل أكبر. لم يكتف ترامب بذلك، بل أدرج حركة أنصار الله اليمنية، التي تمثل الصوت الحقيقي للشعب اليمني في المحافل الدولية، ضمن قوائم الإرهاب فقط لأنها تدعم فلسطين. وفي أول لقاءاته الرسمية، منح الأولوية لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وصرّح بأن حركة حماس يجب ألا يكون لها دور في مستقبل غزة.

     

    كل هذه الإجراءات والقرارات من قبل ترامب تحمل رسالة واضحة واحدة: تعزيز الثقة الزائفة لدى إسرائيل، مما يترتب عليه استمرار الاحتلال والجرائم والانتهاكات في الضفة الغربية وغزة. إسرائيل أثبتت أنها لا تلتزم بأي من القوانين الإنسانية أو الحربية، حيث تنكر أبسط حقوق الأسرى الفلسطينيين، وتعتدي على المستشفيات والمدارس أثناء حملات القصف والإبادة الجماعية، وذلك بدعم كامل من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة.

     

    في 27 يناير، اجتمع زعماء أوروبا والولايات المتحدة في معسكر أوشفيتز في بولندا لإحياء ذكرى المحرقة المزعومة خلال الحرب العالمية الثانية، والتي لم تُثبت وجود أي أدلة قطعية عليها. وفي المقابل، لم يتحدث أي من هؤلاء الزعماء عن “الهولوكوست الحقيقي”، أي الإبادة الجماعية في غزة، حيث يشكل النساء والأطفال 70% من الضحايا. هذا الصمت الدولي يعني ضوءًا أخضر لاستمرار جرائم الاحتلال ومشاركة غير مباشرة في هذه الانتهاكات.

     

    المفارقة أن ترامب، بذريعة الإنسانية، يروج لفكرة التهجير القسري لمئات الآلاف من الفلسطينيين، وهو مطلب إسرائيلي بامتياز، بينما السلام الحقيقي لغزة لا يحتاج إلى مثل هذه الحلول الوهمية. إذا كانت الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون جادين في تحقيق الاستقرار لسكان غزة، فعليهم ممارسة الضغوط على إسرائيل بدلًا من استهداف المقاومة الشرعية والمشروعة. الغرب اليوم أطلق العنان لإسرائيل كـ”كلب مفترس”، بينما قيد الفلسطينيين وحاول إخماد صوتهم تحت مسميات حقوق الإنسان.

     

    هذا النفاق الغربي يثبت أنهم لا يتمتعون بأي صدق، وأن الطريق الوحيد للشعب الفلسطيني نحو الحرية والأمن والاستقرار هو التمسك بخيار المقاومة. الدبلوماسية و”الحلول الأمريكية” ليست إلا خدعة، لأنها تخدم أهداف إسرائيل ولا شيء سواها. هذه الحقيقة أصبحت واضحة للبنانيين والفلسطينيين على حد سواء، حيث شهدنا عودة اللاجئين إلى جنوب لبنان وشمال غزة، ومقاومة الضفة الغربية المستمرة ضد الاحتلال، كأدلة حية على أن التحرر لا يتحقق إلا بالمقاومة.

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة