العلماء والمجاهدون: علاقة التكامل والاعتدال في أمة الإسلام

     

     

    مفهوم العلماء والمجاهدين:

     

    إن العلماء في أمة الإسلام هم عماد هذه الأمة ورسل الفهم، وهم الذين يرشدون الناس إلى الطريق الصحيح، ويوضحون لهم ما يصح وما يفسد في الدين، ولكن يجب أن يكون العلماء حقاً قادة للأمة، ليس بالوراثة أو بمجرد الزعم، بل بتطبيق العلم الصحيح الذي لا يشوبه هوى أو التبعية لأحد، لا خضوعاً لسلطان ولا خوفاً من تهديد، فالعالم الحق هو الذي لا يخشى في الله لومة لائم، والذي لا يتردد في قول الحق مهما كانت الظروف.

     

    يجب أن تنفض الأمة غبار التبعية عن علمائها، حتى لا تتحول الفتوى إلى مجرد سلاح في يد السلطة أو وسائل الإعلام المسمومة، فالعالم الذي يتبنى المواقف التي تشتت الأمة ويضفي الشرعية على أفعال لا تصب في مصلحة الإسلام، هو عالم منحرف عن مساره، ولو كانت له شهرة أو مكانة، العالم الحق هو من يتبع ما جاء في الكتاب والسنة ويستنبط من فقه العلماء السابقين الذين كانوا يعلمون أن خدمة الأمة لا تأتي إلا بإحقاق الحق وإرساء العدالة.

     

    الفتوى بين العلماء والمجاهدين:

     

    لكننا أيضاً يجب أن نفهم بوضوح العلاقة التكاملية بين العلماء والمجاهدين، العلماء هم من يفتون ويرشدون، والمجاهدون هم من يطبقون هذه الفتاوى في ميادين الجهاد والنضال ضد أعداء الأمة، ومع ذلك، لا يمكن للمجاهدين أن يمضوا في طريقهم دون أن يكون هناك علماء يوجهونهم وفق الكتاب والسنة.

     

    ولكن، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نعتبر أن كل عالم له الكلمة الأخيرة أو الفتوى الصحيحة، إن علماء الأمة الحق هم الذين يدعمون قتال الكفار المعتدين، سواء كانوا صهاينة أو غيرهم، لا أولئك الذين يحرفون الحقائق أو يخلطون الأمور، فعندما يذهب العلماء في فتاويهم إلى تحريف النصوص أو تبرير مواقف تضر الأمة أو تخدم أعداءها، فإنهم يصبحون علماء السلطان الذين لا يخدمون الإسلام ولا الأمة، بل يبيعون ضمائرهم لأغراض شخصية أو سلطوية.

     

    الدماء الزكية والموقف الصحيح:

     

    أما المجاهدون، فهم أبطال الأمة الذين يقدمون دماءهم الزكية في سبيل الله، دفاعاً عن الأرض والعرض والمقدسات، هؤلاء المجاهدون هم من يحملون راية الحق، وهم من يواجهون بشجاعة أعداء الأمة، لا يترددون في الوقوف ضد الاحتلال والإرهاب الصهيوني لذلك، فإن دماءهم الزكية يجب أن تكون محط تقدير وتكريم من الجميع، فلا يجوز التفريط في حقهم أو التقليل من شأنهم.

     

    لكن، عندما يتم التفريق بين العلماء والمجاهدين، يجب أن نتذكر أن العلماء الذين يفتون بقتال الكفار، وبضرورة دحر المحتلين، هم الذين يستحقون أن يتبعهم المجاهدون، أما الذين يتبنون مواقف تدعو للتخاذل أو التي تتنصل من دعم المجاهدين في جهادهم ضد الاحتلال، فتلك مواقف غير شرعية لا يمكن أن تمثل العلماء الحقيقيين.

     

    قسمة غير عادلة:

    وما من شك أن قسمة الحق بين العلماء والمجاهدين يجب أن تكون عادلة، فلا يمكن أن يكون العلماء الذين يفتون بقتل المجاهدين أو يكفرونهم أو يبررون الفتنة بينهم وبين أعدائهم جزءاً من المسيرة الصحيحة هؤلاء ليسوا علماء الأمة، بل علماء السلطان الذين لا يفقهون ما يوجب عليهم أن يفعلوه تجاه الأمة.

     

    إذا كانت الفتوى تساند الاحتلال أو تبرر القتل والدمار ضد المسلمين، فهي فتوى منحرفة لا تتفق مع المنهج الإسلامي الصحيح وإذا كانت الفتوى تدعو إلى إعاقة الجهاد أو تحرفه عن مساره، فإنها قسمة غير عادلة ولا يمكن أن تمثل العلم الصحيح أو الفقه السليم.

     

    الخلاصة:

    إن العلماء والمجاهدين لا بد أن يكونوا في تناغم تام، حيث تكمل فتاوى العلماء العمل البطولي للمجاهدين، ويستمد المجاهدون قوتهم من إرشادات العلماء الصادقة لا يمكن أن يكون العلماء الذين يسايرون السلطة أو يروجون لفتاوى تؤذي الأمة جزءاً من المشروع الصحيح في الأمة الإسلامية.

     

    إنما العلماء الذين يرفعون راية الحق، والمجاهدون الذين يقاتلون من أجل الحفاظ على هذه المبادئ، هم الذين يمثلون وجه الأمة الإسلامية الصادق.

     

    فلنكن حذرين في اختياراتنا، ولنكن منصفين في قسمة الحق بين العلماء والمجاهدين، ولنضع جميعاً يداً في يد لتصحيح مسار الأمة وإحياء قيم الجهاد والعدالة في سبيل الله.

     

    الشيخ حسام العلي أبوعبيدة

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة