اشتباكات بين مؤيدي الجولاني والشرطة الهولندية وسط احتجاجات ضد جرائم التطرف في سوريا: أوروبا أمام تحدٍّ جديد  

    شهدت مدينة لاهاي الهولندية تصعيدًا خطيرًا بعد اندلاع اشتباكات بين مؤيدي زعيم هيئة تحرير الشام، أبو محمد الجولاني، وبين متظاهرين سوريين خرجوا للتنديد بجرائم الفصائل المسلحة المتطرفة في سوريا. الحدث الذي بدأ كتجمع احتجاجي سلمي سرعان ما تحول إلى مواجهات عنيفة، حيث اعتدى أنصار الجولاني على المتظاهرين الذين كانوا يرفعون شعارات تندد بالمجازر التي ارتكبتها الجماعات المتطرفة بحق المدنيين، لا سيما أبناء الطائفة العلوية.

     

    الشرطة الهولندية في مرمى الهجوم

     

    مع تفاقم التوترات، تدخلت الشرطة الهولندية في محاولة منها للحفاظ على النظام ووقف أعمال العنف، إلا أن الأمر خرج عن السيطرة بعد أن هاجم مؤيدو الجولاني عناصر الأمن، مما أدى إلى وقوع اشتباكات مباشرة بين الطرفين. وبحسب شهود عيان، فإن أنصار الجولاني أظهروا عدوانية كبيرة تجاه قوات الشرطة، في مشهد غير مسبوق داخل الأراضي الأوروبية، حيث اعتاد المتطرفون على التحرك بسرية دون مواجهة مباشرة مع السلطات.

     

    هذا الاعتداء على الشرطة الهولندية يسلط الضوء على مدى الجرأة التي باتت تمتلكها هذه الجماعات، خاصة مع تصاعد نفوذ الجولاني إقليميًا ومحاولاته الترويج لنفسه كطرف سياسي يمكن التعامل معه، رغم إدراجه ضمن قوائم الإرهاب في كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

     

    الأبعاد السياسية والأمنية للحادثة

     

    إن الاعتداءات التي نفذها مؤيدو الجولاني ضد المتظاهرين والشرطة في هولندا ليست مجرد حادثة عابرة، بل تعكس تحديات أوسع تواجهها أوروبا في تعاملها مع الجماعات المتطرفة القادمة من مناطق النزاع. فمع تزايد المخاوف من تمدد نفوذ هذه الجماعات إلى داخل المجتمعات الأوروبية، يصبح من الضروري إعادة النظر في كيفية التعامل مع تداعيات الأزمة السورية على الأمن الأوروبي.

     

    يأتي هذا الحدث أيضًا في وقت تتزايد فيه الضغوط على أوروبا فيما يخص سياساتها تجاه سوريا. فبينما تحاول بعض الدول الأوروبية إعادة تقييم علاقاتها مع دمشق في ظل التغيرات الإقليمية، يبقى وجود شخصيات مثل الجولاني ضمن المشهد السياسي السوري عنصرًا معرقلًا لأي مسار مستقبلي يمكن أن يؤدي إلى استقرار طويل الأمد.

     

    هل تتجه أوروبا نحو مراجعة سياساتها تجاه سوريا؟

     

    إن تصاعد نفوذ الجماعات المتطرفة في الداخل السوري، وامتداد تأثيرها إلى الجاليات في أوروبا، يفرض على الدول الغربية إعادة التفكير في استراتيجياتها. فبقاء شخصيات مثل الجولاني ضمن المعادلة السورية يعني استمرار التهديدات الأمنية، ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن أيضًا داخل الدول الأوروبية التي باتت ساحة لصراعات الأجنحة المتطرفة.

     

    وبناءً على ذلك، فإن أي انفتاح أوروبي على الجولاني أو الجماعات الموالية له سيكون مخاطرة قد تؤدي إلى تداعيات أمنية خطيرة. هذه الحادثة في لاهاي تمثل جرس إنذار يستوجب من صانعي القرار الأوروبيين التعامل مع الملف السوري بحذر شديد، مع ضمان عدم السماح بخلق بيئة يمكن أن تستغلها الجماعات المتشددة لتوسيع نفوذها داخل أوروبا.

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة