وكالة اخبار وطن
وكالة عراقية مستقلة

المفاوضات بين طهران وواشنطن.. “عن الجمهورية وأمريكا والإعلام العربي الذي لا يريد أن يفهم” 

  • 32 مشاهدة
  • أبريل 16, 2025

 

سمير السعد

 

عند قراءة معظم المقالات والتقارير العربية، أو تلك المترجمة إلى العربية، حول المفاوضات بين الولايات المتحدة و الجمهورية الإسلامية ايران ، يلاحظ القارئ بوضوح التباين بين ما يُنشر في وسائل الإعلام الغربية وما يُتداول في الإعلام العربي. الإعلام الغربي، رغم ما قد يعتريه من تحيزات خفية أحيانًا، يقدّم في الغالب صورة أقرب إلى الواقع، مبنية على معلومات وتحليلات موضوعية، لا على مواقف أيديولوجية أو عاطفية. أما في إعلامنا العربي، فتغيب هذه الموضوعية، وتتكرر بدلاً منها عبارات وأوصاف مأخوذة عن الإعلام الغربي نفسه، لكنها تُستخدم غالبًا دون تمحيص أو إدراك للسياق.

 

ما يُنشر في الصحافة العربية لا يعكس غالبًا قراءة تحليلية حقيقية للمشهد، بل يبدو وكأنه مجرد صدى لمواقف سياسية جاهزة. البعض ينطلق من موقف عدائي مسبق تجاه الجمهورية ، والبعض الآخر من رفض مطلق للولايات المتحدة، فينحاز التحليل وفقًا لهذا الانقسام، وتُطرح التوقعات لا كقراءة واقعية، بل كأمنيات وأحلام أيديولوجية.

 

واللافت أن مقاربة الحدث، في كثير من هذه التغطيات، تنحصر في كونه مجرد صراع لإثبات الهيمنة أو فرض الإرادة بالقوة، وهو خطاب لم نعد، للأسف، نراه مستفزًا أو مذلًا. بل إن نبرة الانتصار والإخضاع تغلب على الرؤية التحليلية، ويُنظر إلى التفاوض وكأنه إذعان من طرف وخضوع لإملاءات الطرف الأقوى.

 

ورغم خطورة اللحظة، نجد أن كثيرًا من المقالات تحمل بين سطورها نبرة متعطشة للصدام، ورغبة ضمنية في التصعيد، على عكس ما نجده غالبًا في الصحافة الأجنبية، حيث تسعى الأقلام هناك، ولو بحدود مهنية مدروسة، إلى حفظ شيء من التوازن في الطرح.

 

من ناحية أخرى، لا يمكن إغفال أثر التبعية السياسية للمؤسسات الإعلامية، التي تكتب وفق مزاج جمهورها ومالكيها، لا وفق ما يقتنع به الكاتب أو المحلل. لذا تبدو معظم التحليلات أقرب إلى تدوير المواقف العامة لا إنتاج قراءة جديدة، وهذا ما يفقدنا الفرصة في استيعاب ما يجري فعلًا.

 

في ظل هذا الواقع، يصبح من الطبيعي أن نُفاجأ بما يحدث من تطورات، لأننا لم نفهمها في حينها، أو ربما لأننا لم نرغب أصلًا في أن نفهم. في حين أن الجمهورية الإسلامية ايران ، التي تخوض هذه المفاوضات من موقع قوة، تنطلق من مبدأ أساسي في العلاقات الدولية ، الدفاع عن النفس ورفض الإملاءات. ولعل هذا ما يجعل من قراءة الموقف الإيراني مهمة تستحق التعمق، لا التهويل أو التبسيط.

 

المطلوب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، هو خطاب إعلامي عقلاني، متحرر من ثقل الانحيازات، يقرأ الحدث بعيون الواقع لا بعواطف الانتماء. فالتاريخ لا يكتبه المتحمسون، بل من امتلكوا الجرأة على الفهم أولًا، ثم على نقل هذا الفهم للناس بصدق ومسؤولية

أخبار مشابهة