دعوات تسليم السلاح… تساؤلات شرعية ووطنية

في ظل ما يشهده لبنان والمنطقة من تمدد للعدو وانتهاكات صارخة للشرائع والقوانين، يبرز سؤال جوهري وأمانة شرعية ووطنية تجاه بعض الدعوات المطالبة بتسليم السلاح، خاصة تلك التي تصدر دون علم كافٍ، أو إلمام بالمآلات الدينية والسياسية لهذه المطالب.
فهل من الحكمة – في هذا الوقت الحرج – طرح هذه الدعوات وكأن السلاح هو المشكلة، لا العدو المتربص؟ وهل أصبحت منصات الإعلام والتواصل وسيلة لترديد شعارات قد تضر أكثر مما تنفع، في لحظة تتطلب التماسك لا التفكك؟
من المنظور الشرعي، فإن حمل السلاح في وجه العدوان واجب مشروع، استناداً إلى نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية،
يقول تعالى: *”وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين”* [البقرة: 190].
ويقول النبي ﷺ: *”من قُتل دون ماله فهو شهيد، ومن قُتل دون نفسه فهو شهيد، ومن قُتل دون أهله فهو شهيد”*.
أما من الناحية القانونية، فالقانون الدولي الإنساني يجيز الدفاع عن النفس، ويضع شروطاً لحمل السلاح، مثل التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، والتناسب، وتقليل الأضرار، وهذه الضوابط لا تتعارض مع حق الشعوب في مقاومة الاحتلال والعدوان.
وهنا يأتي دور المراجع الدينية والوطنية، التي ينبغي أن تكون صمام الأمان، والحكم الرشيد في توجيه الناس نحو ما يحفظ الوطن وكرامة أهله، إذ لا يجوز السكوت عما يحاك لهذه الأمة، ولا الوقوف على الحياد في قضايا مصيرية تتعلق بالوجود والسيادة.
إن الدعوة إلى تسليم السلاح في مثل هذا التوقيت قد تُفهم – ولو بحسن نية – على أنها تلبية لمطالب العدو، لا لمصلحة الوطن ولذا، فإن المسؤولية تقع على الجميع: علماء، ومثقفين، وإعلاميين، وناشطين، لتوجيه الخطاب بما يخدم أمن الوطن، ويحفظ كرامة الأمة، ويوحد الصفوف في مواجهة الخطر الحقيقي.
الشيخ حسام العلي
مدير عام جمعية الإصلاح والإنماء الإجتماعي في لبنان