نصر واحد وتسعة آباء هل هذا ممكن؟ هذا نموذج يحدث في العراق فقط، حيث الصمت ونظريات المؤامرة تنتشر كنار في العشب الأصفر، مع ذلك لا يزال هناك انصار لكل نظرية من تلك النظريات، على الأقل تخبرنا الكثير عن عراق ما بعد النصر على داعش، فالنصر على داعش يستمر بكونه أكثر البطولات التي وحدت الهويات العراقية.
ومع ارتفاع التوترات الإنتخابية كما الآمال، صارت البطولات مها كانت صغيرة، موضوع دعاية انتخابية للاحزاب والحشد والعشائر التي شاركت في هزيمة داعش.
ومما يدعو للدهشة أن المرجعية في النجف، من بين كل المرجعيات الدينية العراقية، بقيت في واحة الهدوء والإيماء والأشارات، خلال هذه الأيام الحرجة من عمر الدولة العراقية الحديثة، فقد كان ثمة تفاهم تام بين الدستور والمرجعية حول مسألة إسناد الأنتخابات، لكن اليوم يبدو الأمر مختلفا.
ما يعوّل عليه قادة الأحزاب في العراق؛ الوطنية العراقية، لكن المفارقة تبقى موجودة فهم يمارسون الديمقراطية بعشائرية ومناطقية طائفية واثنية وقومية تغطي على جميع الهويات.
المراقب لسير انتخابات 2018 يدرك أن العلاقة بين الشيعة والسنة والكرد والتركمان والمسيحيين وباقي المكونات، تمثل فسيفساء هشة.
ويرى المراقب المؤمن بحسن نوايا الدكتور العبادي، أن هناك صراعا داخل البيت السياسي الشيعي قادما سوف تدور رحاه، فبعد اختياره لمنصب رئيس مجلس الوزراء حاول العبادي قبل كل شيء التحالف مع الشعب العراقي بجميع مكوناته ضد داعش، واستحضر بذلك “الوطنية العراقية” وبعد ذلك أعلن برنامجه لمكافحة الفساد الذي لا يقل أهمية عن اعلان الحرب على داعش، لكنه على وشك أن يغادر منصبه، ولم يقم بمحاولة كبيرة لإصلاح المؤسسات الحكومية، وعجز أن يأتي بشخصيات تكنوقراط وبمفاهيم جديدة لمكافحة الفساد، وربما اصبح أكثر يقينا أن مكافحة الفساد أصعب بكثير مما كان يتوقع، والكل ينتظر منه الاطاحة بالفاسدين من حزبه، وهذه الفرصة الأخيرة في متناول يده لتعديل موقفه من أجل تجديد الولاية الثانية له.
يتمتع الصدر بدعم شعبي يتجاوز الطائفية والقومية. أصبح رمز المحبطين بسبب معارضته فساد الطبقة السياسية، واختياره أن يكون مع المطالب المجتمعية والخدمية على حساب المكاسب الحزبية.
كانت الأنتخابات حلم عند من يسعى للتغيير إبان العقد السابق .
اليوم هي عائق كبير امام التغيير بسبب مخاوف الشعب من تكرار نفس الوجوه، فهل يستطيع الصدر أن يعدل موازين القوى، ويبدد مخاوف الفقراء والمعدمين من ابناء الشعب العراقي؟
تعتقد الطبقة الوسطى والحراك الشعبي أنّها يمكن أن تُحقِّق غايتَها بالصراخ والدِّعاية ومواقع التواصل الأجتماعي. إنها طبقة تؤمن بالمثالية وجمهورية افلاطون وبسحرِ الكلمة، التغيير لن يكون إلا بالعمل والمثابرة والصبر الاستراتيجي، ومن أجل خلق طبقة سياسية نبيلة وشريفة، يجب استحداث جهاز لمكافحة الفساد على غرار جهاز مكافحة الإرهاب.
آفة الفساد هي المشكلة المركزية التي تدور حولها الدعاية الانتخابية لمعظم الكيانات السياسيّة، والتي جرى التعبير عنها ونقاشها منذ عام 2003.
هل يمكننا أن نشرح من باب المقارنة التطور التاريخي لثلاثة انتخابات برلمانية 2005،2010،2013، ماذا تحقق للعراق على المستوى الاقتصادي والثقافي والسيادي والدستوري والاجتماعي والأمني والديمقراطي..؟
منذ بداية التحضيرات لأنتخابات 2018، والكيانات الكبيرة، بقيادة التحالفات الساعية الى مناصب الرئاسات الثلاثة، تفصل قانون الانتخابات وقرارات المفوضية على مختلف قياساتها وأحجامها، ما يفت في عضد الكيانات المتوسطة ويسحق فرصة الكيانات الصغيرة خاصة الجديدة في المحافظات الكبيرة (بغداد، نينوى، البصرة، أربيل).
الولايات المتحدة وايران والسعودية وتركيا، مشروعها الاستراتيجي في العراق، أما سوريا ولبنان واليمن والبحرين فشيء مختلف، المبادرات الأقليمة والمساعدات المالية والإعلامية والسياسية، رغبة في ملأ الفراغ في ميدان الفوضى السياسية في مرحلة ما بعد داعش وأخذ دور أقوى.
وهم الأزمة بين بغداد وكردستان، تستثمر فيه الكيانات السياسيّة لمصلحتها أولاً إزاء البعد القومي والطائفي، ولصالح دول إقليمية أخرى لها حسابات مختلفة، التخبط الواضح يدل على عجزها عن حسم الأمور بالحوار والتفاوض المباشر.
الأيرانيون يدركون جيداً ما تسعى إليه الولايات المتحدة، لذلك يستثمرون في خلاف بغداد-اربيل، كما فعلوها من قبل زمن نظام البعث ايام الشاه.
الحسابات الخليجية والتركية والأمريكية تقول بأنهم يخسرون كثيرا على الصعيد الاستراتيجي بصعود كيانات شيعية وكردية حليفة لإيران، أمام هشاشة حلفائهم خاصة بعد انتكاسة العبادي الاخيرة وفشل السنة من تأجيل الانتخابات.
تحالف النصر اذا لم يعدل موقفه سينتهي بسيناريو معاكس للخلدونية: التحالفات الشعبية الإسلامية ستقضي على شعبيته بدل أن تعطيه مددا. الأنسحابات المتتابعة هي بداية النهاية وضربة معلم من سياسي خبير، وقد تكون النهاية مخيبة للآمال الدكتور العبادي امتطى صهوة مكافحة الفساد فأراد قتله فأسقطه أرضا..
تحالف الوطنية بين علاوي والجبوري والمطلك تكاملي، وكذلك تحالفي برهم مع التغيير والجماعة الإسلامية، وتحالف القرار العربي الخنجر وحلفائه، تحالف سائرون بين الصدر والحراك المدني لتطوير التعاون، تحالف الفتح بدر وحلفائها للاندماج..
شكل التحالف في دولة القانون مستقر وواعي، تحالف النصر ليس له شكل بحسب قوالب وإستراتيجيات التفاوض الحزبي والسياسي.
وهذا يرجع الى التحديد المسبق للهدف والاستراتيجيات والى مهارة الفريق المفاوض وخبرة كبير المفاوضين مع عدم أهمال المؤثر الخارجي والفاعل الداخلي.
التحالفات الانتخابية الرصينة هي التي تبنى على نتائج محدثة لمراكز الدراسات المختصة، وليست على انطباعات آنية، فمزاج الناخب العراقي متقلب مع الحوادث والنوازل الدينية والاقتصادية والأمنية، الانطباعات التي تشكلها المهرجانات والمؤتمرات الشعرية والندوات الإغاثية وتصفيق الاعلام الحزبي، لا لك ولا عليك..
اسم مسؤول الحملة الانتخابية لأي تحالف وحده دعاية انتخابية، وقد يقابله المتحدث باسم التحالف، وايضا اسم كبير المفاوضين ورمزيته وكارزمته وحده ورقة تفاوضية ضاغطة.