حتى الآن، تأكدت نية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمصري عبد الفتاح السيسي، والملك الأردني عبد الله الثاني، في حضور قمة بغداد التي يفترض أن تعقد نهاية الشهر الحالي.
العراق أرسل دعوات أيضا إلى إيران والسعودية وتركيا والإمارات وقطر، لكن أيا من الدول هذه، لم تؤكد بعد حضور زعمائها أو ممثلين عنهم إلى بغداد.
وبالنسبة للمحلل السياسي أحمد الزبيدي فإن “نجاح العراق في حمل زعماء الدول الثلاث، وأخرى غيرها، على الاشتراك في القمة يرتبط بنجاحه في إقناع تلك الدول بأهمية دوره السياسي”.
ويضيف الزبيدي أن “رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي حقق نجاحات خارجية مهمة، حتى مع استمرار توتر الوضع في الداخل وهذا يعني أن هناك رغبة إقليمية ودولية بعودة العراق إلى ممارسة دور فاعل في المنطقة”.
ويستدرك الزبيدي “مع هذا لا يجب الالتفات إلى الخارج فقط، هناك عدة ملفات داخلية معقدة يجب على الكاظمي معالجتها لتعزيز قوة العراق إقليميا، أهمها الأمن والاقتصاد والخدمات”.
الكاظمي الذي عاد، الأحد، إلى العراق من زيارة إلى الكويت، أرسل عدة رسائل في السابق أشارت إلى أن العراق يريد استعادة دوره الإقليمي مجددا، وهو الأمر الذي يقول رئيس مركز التفكير السياسي العراقي، إحسان الشمري، لموقع “الحرة” إنه “ممكن”.
ويضيف الشمري إن “نجاح العراق في تقريب وجهات النظر ما بين دول متخاصمة وجمعها على طاولة مفاوضات، مثل السعودية وإيران وتقريب وجهات نظر دول أخرى مثل مصر وتركيا يثبت أن للعراق دورا إقليميا مهما”.
مواقف الدول
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن “مصادر من محيط رئيس الوزراء” تأكيدهم على أن القمة تهدف إلى منح العراق “دوراً بناء وجامعاً لمعالجة الأزمات التي تعصف بالمنطقة”.
لكن العراق هو ذاته يعاني من أزمات مرتبطة بسياسات تلك الدول في العراق.
تركيا على سبيل المثال، تشن عمليات عسكرية مستمرة شمالي العراق، بهدف ملاحقة حزب العمال الكردستاني، قتل في آخرها مدنيون، بالإضافة إلى قادة إيزيديين في الحشد الشعبي العراقي، الذي يتبع رسميا رئاسة الوزراء.
كما إن ملف المياه يمثل تحديا آخر، في البلاد التي تعاني من درجات حرارة مرتفعة في الصيف، ونقص واردات المياه بشكل يحرم المحافظات الجنوبية، مثل البصرة، من المياه النظيفة العذبة.
وتشترك إيران مع تركيا في المسؤولية عن ملف المياه كذلك، بالإضافة إلى ملفات أخرى.
وبالنسبة لإيران، فإن ملف دعمها لميليشيات مسلحة في البلاد يعقد المشهد بشكل كبير، خاصة بعد تسريبات غير مؤكدة عن قيام هذه الميليشيات بشن هجمات على السعودية، انطلاقا من أراضي العراق.
لكن المحلل إحسان الشمري يقول إن “التقارب بين السعودية وإيران مرتبط بموافقة طهران على الرؤية التي طرحتها الرياض، وإيران تبدو متحمسة لإنهاء الخلاف بحكم ما تعانيه من عزلة دولية وعقوبات كما إنها وافقت على أن يكون العراق وسيطا”.
ويعقد الملف السوري أيضا المفاوضات بين السعودية وإيران، التي دعمت كل منهما أطرافا مختلفة في الصراع، كما إن لتركيا دور كبير كذلك في سوريا.
وفي حال نجحت بغداد فعلا بجمع الأطراف الثلاثة على طاولة واحدة، فإن هذه ستكون سابقة “تاريخية”.
لكن المراقبين السوريين لا يبدون متفائلين جدا حيال التأثير المفترض للقمة على الأوضاع في بلادهم.
والأسبوع الماضي، كادت أن تثار أزمة سياسية بعد أن نقل رئيس الحشد الشعبي العراقي، فالح الفياض، دعوة إلى سوريا للمشاركة في القمة، قبل أن تقول وزارة الخارجية العراقية إن “الدعوات تكون عن طريقها فقط”، وإنها “غير مسؤولة عن دعوات أخرى”.
ويقول المعارض السوري، سمير التقي، إن ” الطريق لا تزال طويلة كي تنعكس الأمور على المستوى الاستراتيجي”.
ويؤكد التقي لموقع “الحرة” أن “سوريا ستبقى موضع نزاع شديد ولا يبدو أن إيران جاهزة لأن تقلص نفوذها وتتخلى عن مواقعها، في حين أن السعودية لن تقبل بالوضع الراهن”.
ويرهن المعارض السوري تسوية الأزمة بالوصول لمؤتمر يشبه مؤتمر الأمن الأوربي، يتم فيه الاتفاق على التعامل مع الوضع في العراق وسوريا ولبنان.
ويؤكد “لا زلنا بعيدين جدا عن ذلك رغم أننا نقترب”.
وحتى الآن، لم يكشف المنظمون العراقيون عن تفاصيل الملفات التي ستطرح خلال القمة، لكن المتحدث باسم الحكومة، وزير الثقافة، حسن ناظم قال إن التركيز سيكون على “إرساء الأمن في العراق والمنطقة الإقليمية وبناء شراكات اقتصادية”.
وأكد ناظم حضور “دول مهمة وأساسية” إلى القمة، مضيفا أن “القمة ستخرج بقرارات مهمة تتعلق بالمجال الاقتصادي وأخرى تتعلق بالتغير المناخي والاحتباس الحراري”.
كما إن من المتوقع أن تطرح قضية “سيادة العراق” في القمة،