الجيوش الالكترونية ترفع لثامها.. خطاب كراهية يهدد السلم المجتمعي في العراق

    يرصد بيت الإعلام في تقريره الاربعون تنامي ظاهرة “الجيوش الالكترونية” في العراق بعدما اصبحت شائعة على نحو لافت مؤخرا، وفي تطور خطير لم يتردد القائمون عليها في كشف خلفياتهم وداعميهم ، اذ بدأت تساهم مئات الصفحات في التأثير على الراي العام بأتجاه اراء مغلوطة لا تخلو من الكراهية، ولم تقتصر على الميدان السياسي بل طاولت شخصيات عامة وافراد.

    ويستند تقرير الرصد الجديد على متابعة ومراقبة اكثر من 200 صفحة على مواقع التواصل الاجتماعي على مدى ثلاثة اشهر اظهرت بشكل واضح كيف تدار هذه الصفحات وماذا تستهدف ومتى، وكيف لعبت ادوارا سلبية في السلم والامن المجتمعيين في البلاد من جهة، وساهمت في اقحام الجمهور في ازمات سياسية من جهة ثانية.

    وتعتمد صفحات الجيوش الالكترونية على عنصرين اساسيين، الاول نشر الاخبار المفبركة وتشمل صور ومقاطع فيديو وتعليقات متهكمة عبر محترفين وخبراء في الصحافة والمونتاج، والثاني تمويل المنشورات عبر مبالغ طائلة ولأيام طويلة تصل الى اسبوعين لكل منشور.

    واستند “بيت الاعلام العراقي” في تقرير الرصد على صفحات لاحظ مستخدمو مواقع التواصل كثرة انتشارها في الآونة الأخيرة وحصلت على الألاف من المتابعين خلال أيام قليلة، وتعتمد على اعلانات ممولة بشكل مكثف لمنشورات محددة تتضمن خطاب كراهية وتهجم ودعوات للتحقير والتنكيل والعنف ضد حتى شخصيات عامة اجتماعية وثقافية كما استهدفت حملات واسعة النساء وتدفع نحو تحجيم دور المراة في المجتمع والحياة العامة.

    وفي تطور خطير، انخرطت وسائل الاعلام في حملات الجيوش الالكترونية عبر تبني ما تنشره هذه الصفحات في تغطياتها الاعلامية اليومية رغم انها مفبركة، والاكثر من ذلك ساهمت وسائل اعلام في ان تكون مصدرا لمنشورات صفحات الجيوش الالكترونية.

    وخرج تقرير الرصد بنتائج ابرزها ان بعض القائمين على العشرات من الصفحات الممولة وتقود حملات موجهة تدار من دول مجاورة للعراق، واخرى اوربية لديها قوانين صارمة في مكافحة مثل هذه الصفحات المثيرة للعنف في اشارة الى الثغرات التي تعاني منها هذه الدول في تطبيق القوانين في هذا الخصوص.

    ويلفت “بيت الاعلام العراقي” الى ان صحفيين انخرطوا في ظاهرة الجيوش الالكترونية عبر ادارة صفحات باخفاء هويتهم او تضمين صفحاتهم حملات تتناغم مع حملات تشنها الجيوش الالكترونية.

    وفي ظاهرة غريبة، سجل “بيت الاعلام العراقي” ان المئات من الصفحات الوهمية على فيسبوك تحمل اسماء قنوات تلفزيونية لها صفحات رسمية موثقة بالعلاقة الزرقاء من قبل ادارة “فيسبوك”، ولكل قناة معدل 10 صفحات وهمية تواضب على نشر ما تنشره الصفحة الرسمية الموثقة اول بأول ما يضع هذه القنوات امام مسؤولية كبيرة، اما انها تقف وراء انشاء هذه الصفحات لنشر منشورات معينة ممولة لاغراض سياسية، او ان هذه الصفحات انشات دون علم ادارة القناة لاغراض الانتشار والشعبية او لاهداف السياسية، وفي هذه الحالة لا يعفي ادارة القنوات من القيام بالتبليغ عنها بسهولة لاغلاقها.

    ويلفت التقرير الى ان اغلب الاحزاب والشخصيات السياسية باتت تمتلك جيوش الكترونية عبر تأسيس اقسام في مكاتبها الاعلامية متخصصة في هذا الشأن، ولاحظ راصدو “بيت الاعلام” ان صراعات هذه الجيوش على مواقع التواصل الاجتماعي هي انعكاس واقعي لخريطة الصراعات السياسية القائمة بين الكتل والاحزاب.

    ويكشف التقرير ان صفحات ممولة تنشر الكثير من الوثائق والصور المفبركة بهدف تخوين واتهام خصومها، كما تتضمن وثائق على انها لملفات فساد إداري ومالي غير مطروقة في وسائل الإعلام، بينما تقوم صفحات أخرى بمونتاج وثائق لوزارات وهيئات رسمية عبر برامج الفوتو شوب لإضفاء نوع من الصدقية على الأخبار.

    ويشير التقرير الى أن صفحات الجيوش الالكترونية تنشط بشكل مكثف أوقات الأزمات على الصعيد الوطني مثل التفجيرات وحالات الخطف وزيارة مسؤولين الى البلد، ويكون فحوى المنشورات التهجم اللفظي عبر جبهتين أو أكثر تسعى لتحميل الطرف الآخر أسباب الازمة، بينما ساهمت هذه الصفحات في خلق ازمات وهمية لتوجيه الرأي العام بعيدا عن القضايا الحقيقية.

     ويكشف التقرير ايضا ان اموال طائلة تُصرف على المنشورات الممولة التي تحمل خطاب كراهية واخبار وصور مفبركة، اذ راقب “بيت الاعلام العراقي” النطاق الزمني لتمويل منشورات معينة وحجم التفاعل معها، ومع حساب فترة تمويل منشورات التي وصل بعضها لاكثر من 15 يوم واحصاء التفاعلات التي جمعتها هذه المنشورات فان تمويل كل منشور يكّلف اكثر من 500 دولار استنادا الى اجور واليات الاعلان الموضحة من قبل شركة فيسبوك.

    ويوصي “بيت الاعلام العراقي” في هذا الصدد الى اطلاق حملة على الصعيد الوطني وضمن فترة زمنية محددة لتوثيق الصفحات التابعة الى المؤسسات الرسمية والوزارات والهيئات والاحزاب والكتل والشخصيات السياسية والدينية والعامة ووسائل الاعلام بشكل رسمي في فيسبوك وتويتر وانستغرام ويوتيوب، اذ ان توثيق هذه الصفحات يساهم وبسهولة في اغلاق الصفحات الوهمية التي تحمل اسماء هذه الجهات وبالتالي سيتم مكافحة ظاهرة انشاء صفحات وهمية.

    ولتحقيق ذلك يمكن توفير فريق تطوعي شبابي ممن لديه خبرة تقنية في مجال توثيق الصفحات لمساعدة هذه الجهات على توثيق حساباتها، وبعد انتهاء الفترة الزمنية المحددة لهذه الحملة فان اي جهة رسمية او غير رسمية تمتنع عن توثيق حساباتها واغلاق صفحات تحمل نفس اسمائها فأنها ستتحمل كامل المسؤولية عن انتشار الجيوش الالكترونية التي تحمل اسمائها.

    وعلى المؤسسات والجهات ذات العلاقة وبالتنسيق مع خبراء تقنيين مراقبة الصفحات الممولة التي تنشر اخبار كاذبة تحمل خطاب كراهية وتسقيط وتحقير ودعوة الى العنف، والكشف عن القائمين عليها وتقديمهم الى القضاء من اجل كبح ظاهرة الجيوش الالكترونية، اذ ان علمية الكشف عن مواقع انشاء ونشر المنشورات على هذه الصفحات ليست مهمة صعبة، مع التأكيد على ان المنشورات التي تتضمن اراء وانتقادات لاوضاع سياسية وظواهر اجتماعية واوضاع خدمية حق اساسي متاح للجميع ضمن مبدأ حرية التعبير عن الرأي ولا يجوز المساس به تحت اي ذريعة ما دام لا يتضمن خطاب كراهية وتسقيط وتحقير ودعوة الى العنف واخبار كاذبة.

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة