يقول أمير المؤمنين علي عليه السلام: “لا تستصغرن أمر عدوك إذا حاربته، فإنك إن ظفرت به لم تحمد وإن ظفر بك لم تعذر، والضعيف المحترس من العدوّ القويّ أقرب إلى السّلامة من القويّ المغترّ بالضعيف”
وفق هذه الرؤية انطلق للاشارة الى ان الدول الاستعمارية على مر التأريخ تبقى جاثمة على صدور الشعوب الضعيفة،لكن بمجرد نهوض تلك الشعوب ورفضها لذل الاستعمار تبدا بالتقهقر الدول المستكبرة وتتراجع شيئا فشيئا.. وتجربة الولايات المتحدة الامريكية في فيتنام خير مثال على ذلك، فهي كانت خليط من المقاومة العسكرية والسياسية والدبلوماسية والتي ارغمت الامريكان الى الاستسلام للفيتنامين الشماليين حيث تركوا فيتنام الجنوبية وعملائها يسحقون من قبل اقرانهم الشماليون الرافضون للتواجد الامريكي ومن قبل الياباني والفرنسي على الاراضي الفيتنامية.
ان تجربة السيد المالكي وادارته لازمة محاربة الارهاب المدعوم عربيا وامريكيا،، فقد عمد السيد المالكي دعم سلاح المقاومة الذي واجه القوات الامريكية المحتلة للعراق كان شبيها بطريقة ادارة ازمة الحرب الفيتنامية الامريكية.. فكان ثبات السيد المالكي واصراره على مغادرة القوات الامريكية المحتلة للعراق هو من اجبر القوات الامريكية والبريطانية والتي كان يبلغ عديدها في ذلك الوقت اكثر 150 الف مقاتل اي قرابة عشرة اضعاف عدد القوات الامريكية الان، على مغادرة العراق 2011 بالمقابل كانت الحكومة العراقية ولا سيما المؤسسة العسكرية في طور النشأة والتكون بسبب قيام الولايات المتحدة الامريكية بحل القوات الامنية، ان تجربة السيد المالكي كفيلة بالمراجعة والدراسة والاعتبار منها في كيفية التعامل مع الجانب الامريكي خصوصا وان العراق الان في احسن حال عما كان عليه في الاعوام التي واجهنا فيها الامريكان من 2006 الى حين مغادرتهم عام 2011،على عكس الامريكان الان يعانون من ازمات كثيرة عسكرية وامنية وسياسية وحتى اقتصادية ولديها صراعات مباشرة وغير مباشرةمع الصين وروسيا،، وهذا ما يستدعي ان نكون اكثر استعدادا لمواجهة التغول الامريكي خصوصا في الجانب الامني والاقتصادي.
ان الورقة الاقتصادية التي تضغط بها امريكا على حكومة السيد السوداني،هي ورقة لا تحمل غطاء قانونيا للجانب الامريكي، حيث أن الامريكان استغلوا القرار الأممي المرقم 1483 لعام 2003 والذي بموجبه تذهب اموال العراق الى حساب في البنك الفيدرالي الامريكي بحجة ان العراق غير قادر على حماية امواله في ذلك الوقت.. الا ان السيد المالكي وبعد توقيع الاتفاقية الاطارية وانتهاء الاحتلال الامريكي قدم طلبا الى مجلس الامن ينهي وصاية البنك الفيدرالي الامريكي على البنك المركزي العراقي، وعلى غرار ذلك صدر قرار مجلس الامن المرقم 1956 في 21/5/2010،، لذلك لا وصاية قانونية للبنك الفيدرالي الامريكي على الاموال العراقية منذ صدور القرار الاممي اعلاه، وما تقوم به امريكا وتحديدا في حكومة السيد السوداني هي عبارة عن قرصنة مالية وعرقلة لنمو الاقتصاد العراقي.
ان حكومة السيد السوداني تمتلك خيارات كثيرة باتجاه الجانب الامريكي،، ولسنا بحاجة للقاء جون بايدن بقدر ما نحتاج دبلوماسية حقيقية ترتكز الى وزير خارجية يؤمن بعراقيته واحقية العراق بالتحكم بامواله، ويجب ان نتحرر من فكرة ان امريكا هي الاله للسياسية العالمية.. لقد انتصرنا امريكا رغم الضعف الذي كنا عليه نتيجة عزيمة القائد وادراكه ان الارادة الحقيقية هي من تصنع المعجزات كما كان في حقبة السيد نوري المالكي بالرغم من كل المؤمرات التي كانت تحاك على حكومته في الولايتين، فهل يعقل اليوم ونحن اقوى مما كنا عليه على كافة المستويات نستجدي الصدقة من الجانب الامريكي؟ وامريكا اليوم في اضعف حالتها في المنطقة او على المستوى الدولي.
ان السيد السوداني ومن خلفه الاطار التنسيقي مع ووجود مؤسسة امنية متعافية يساندها الحشد الشعبي مع وجود الفصائل القادرة على مواجهة القوات الامريكية فهي نقاط قوة عظيمة يجب ان توضب بالصورة الصحيحة مع استدراك اننا بحاجة الى وزير خارجية يؤمن بوحدة العراق وقوته وقدرته على التحرر من الهيمنة الامريكية،، على يتم تهيئة فريق حكومي متكامل من كافة القطاعات بتحمل مسؤولية التحرك على الاقطاب الدولية المؤثرة على القرار الدولي ونفس الفريق يكون جاهزا للتفاوض مع الجانب الامريكي على انهاء تلك الهيمنة الاستعمارية على العراق والا سيضطر العراق الى العودة لسيناريو 2006..
وسلامتكم.