. لقد ارتبط وجود الأزمات والكوارث بوجود الإنسان على الأرض؛ فھي ليست سمة من سمات العصر الحديث اذ وجدت منذ بدء الخليقة وھذا ما أكده القرآن الكريم في مواضع مختلفة، فأول أزمة في تاريخ البشرية حدثت عند خروج سيدنا آدم وحواء من الجنة ونزولھما إلى الأرض. فهذا الامتداد للازمات والكوراث كان ولايزال مثار جدل ونقاش ، في كيفية احتواء الازمات والكوارث وتقليل من اثارها المجتمعية
لكن عالمنا المليئ بالفرص التى تنتظر من يستغلها يحفل ايضا بالكثير من المخاطر التى تجعل الأزمات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والإدارية والصحية والتكنولوجية أمر لا يمكن لأى منظمة صغيرة كانت أو كبيرة الإفتراض بأنها فى مأمن منه أو أى بقعة فى العالم .
وتختلف الأزمات التى يواجهها العالم بشكل عام من حيث النوع و أسباب الحدوث ، و حجم التهديد الذى تحمله ، و المساحة التى تغطيها و الضرر الذى تتركه و الفترة الزمنية التى تستمر خلالها .
فالأزمات قد تكون صغيرة أو كبيرة تنتج عن أخطاء الإنسان ، وقد تكون أسبابها كامنة داخل البيئة الواسعة بما تحويه من أنظمة ومنظمات .
وإذا كانت الأزمات بما تحمله من تهديد للأفراد والجماعات والمنظمات والمجتمعات والبيئة التى يعيش فيها الإنسان تمثل أحد حقائق القرن الـواحد والعشرون ، فإن إدارة الأزمات سواء كممارسة اوتخطيط ، وبما تعنية من العمل على الوقاية من الأزمات ، ومنع حدوثها والتحضير لمواجهتها ، تشهد بدورها نموا مطردا يأتى إستجابة لحاجه المجتمعات الإنسانية إلى التكيف مع الحقائق الجديدة لعالم جديد يحمل فى ثناياه الكثير من الفرص والكثير من التهديدات والأخطار والأزمات .
.
ومن خصائص الأزمات : المفاجأة ، وجسامة التهديد الفعلى أو المتوقع ، فقدان السيطرة ، وضيق الوقت ، والتصاعد ، تعدد التأثيرات ، وعدم كفاية المعلومات ، وجذب إهتمام الرأى العام .
وكون الأزمات تحدث فجأة أو بسرعة لا يعنى بالضرورة أنه لا يمكن توقع حدوثها أو لا يمكن منع حدوثها .
ونظرا لاحدى سمات الأزمات هي الخطورة فإنها تؤثر على النظام المؤسس فى المجتمع وقد يمتد التأثير على المجتمع ككل . ورغم الحداثة النسبية لحقل دراسة الأزمات إلا أنه حقق الكثير من التقدم إن لم يكن على صعيد المعرفة النظرية فعلى الصعيد التطبيقى بعد ان وضع الاعلام اماكنياته في رصد تلك الازمات والتعريف فيها بالصورة والصوت والخبر الممسموع والمكتوب وكان الاعلام عامل مهم وسلاح مؤثر في مواجهة الازمات والكوارث ، بل هو صمام امان اذا استخدم بشكل علمي ومنظم ، وهو اداة لمنع تفاقم الاوضاع والخروج عن السيطرة ، فالعالم اليوم ليس عالم الامس فهو متحول في انظمته نحو الديمقراطية واعطاء مساحة لحرية الصحافة تضمنها دساتير الدول وقوانينها ، وهناك من يستغل هذه الحرية سلبا اوايجابيا ، فالمجتمع الحر حينما تكون فيه الكلمة حرة ومؤثرة لاسيما نحن نعيش في عالم من ابرز سماته التعقيد والتشابك الانساني والتكنولوجي .
ومن المتوقع أن يزداد هذا التشابك والتعقيد فى المستقبل وباطراد منقطع النظير
اذا تتطلب الأزمات إستجابات سريعة من الاعلام لنشر الوعي المجتمعي نظرا لتأثيرها الخطير والتي تقود إلى تعطيل العديد من المرافق داخل المجتمع ، وتتصف الأزمة بغياب أو ندرة المعلومات المتصلة بالأسباب والنتائج المختلفة وهو ما يؤدى إلى تعقيد عملية الخروج بحلول للأزمات كما حدث فى جائحة كورونا (كوفيد 19) وما ترتب عليها من عواقب ونتائج خطيرة ومهدده لجميع البلدان فى العالم ككل .
ويرتكز دور الاعلام فى مساعدة أفراد المجتمع على التعامل مع الأزمة بإيجابية وذلك من خلال البرامج التوعوية والمعلومات الصحيحة والدقيقة وطرق الوقاية وكان دور الاعلام مؤثرا في ضبط السلوك الانساني في التعامل مع الازمة وكانت الارقام التي تنشر عن الاصابات عاملا مهما في ايجاد الحذر وفي نفس الوقت تنمية الروح المعنوية للمواطن حين ينشر الاعلام حالات الشفاء
ولو انتقلنا الى الازمات في السياسة والاقتصادية نجد الاعلام يتعامل معها باتجاهين الاول يضخم الازمة ويخلق حالة التشاؤم ،والثاني يخفف من اثارها من خلال ايجاد واقتراح مخرجات بما يجعل المواطن يطمئن لنتائجها فالاعلام يؤدي ورقة ضغط بما يساعد متخذ القرار في ايجاد حلول مناسبة فالازمات لا تظهر من فراغ ، ولكنها تمر بمراحل تطور ، وأن معرفة لرجل الاعلام لتلك المراحل يسهل على تزويد من يدير الأزمات إكتشاف إشارات الإنذار المبكر وبالتالى اكتشاف الأزمات قبل وقوعها والعمل على منع حدوثها إن أمكن أو التخفيف من الأضرار التى تلحق بالمجتمع .
وهنا يتم الاعداد للخطط لمواجهة الأزمات بالأسلوب العلمى وفى ضوء المعارف والنظريات العلمية والموارد والإمكانيات المادية والبشرية والمتطلبات التنظيمية والإدارية والإستعانة بالمهن المختلفة بمنظومة تكاملية للمساهمة فى مواجهة الأزمات
وهناك ازمات يحدثها الارهاب والتخريب لخطوط نقل الطاقة والعدوان الاخير على غزة . لايمكن للاعلامي الحر ان يقف موقف المتفرج منها ، وينبغي ان يواجه الاعلام المضاد ، ودور الاعلام تشخيص تلك الازمات وفضح الاعلام المضاد انها معركة الكلمة ولابد ان تنتصر الكلمة الحرة الصادقة امام الاعلام الرخيص الذي يستهدف الانسان العربي .