القطيعة السعودية مع قطر.. خط الدفاع الأخير

    فسياسة قطر الإعلامية درجت على هذا النمط من التأزيم والتخريب منذ سنوات عديدة، بل أن الأكثر من الإعلام القطري إزعاجاً، هو التآمر الخفي الذي تسرب من مقرات القذافي بعد الاطاحة به، وتناقلته وسائل الإعلام، وغير ذلك من تسريبات تؤكد سوء النية القطرية تجاه السعودية، وتجاه محيطها الإقليمي. فهي إمارة تحمل صفة (الشقيقة) لكن منهجها نشر الخراب وتفتيت المنطقة، وهي الذراع التي نفذت مشاريع إسرائيل بهمة عالية، كما انها تمتلك طموحاتها الخيالية في السيطرة على المنطقة الخليجية وما ورائها.

    التنافس السعودي ـ القطري على بسط النفوذ ليس جديداً، كما أن الحكومتين تشتركان في تبني الوهابية كفكر عقيدي وخط ديني يدعم سياساتهما، الى جانب اشتراكهما في العداء للشيعة بدرجة متطرفة لا ترى غير الموت خياراً في التعامل مع كل ما هو شيعي.

    ما يرجح أن السبب أعمق بكثير مما هو معلن، أن السعودية أصدرت تعليمات الى كل كتابها وكوادرها الإعلامية بمقاطعة الإعلام القطري، وعدم المشاركة فيه بالتصريح والحوار والمقالات. الحكومة السعودية تعلم أن وسائل الإعلام القطرية لا تعتمد كثيراً على الكادر السعودي، وأن الإنفاق الهائل من حكومة الدوحة بمقدوره ان يشتري جيوشاً من الصحفيين والإعلاميين كما هو حاصل فعلاً. لكن للخطوة دلالتها على مستوى الغضب السعودي المتفجر من قطر.

    تظهر بعض الأسباب الخفية لما حصل، من خلال المواقف المتلاحقة التي اتخذتها الحكومة السعودية بشأن الصراع في سوريا، كان أولها إبعاد رئيس الاستخبارات السعودية الأمير بندر بن سلطان، ثم اصدار بيان ملكي بمنح الجهاديين فرصة زمنية محدودة للعودة، وأخيراً تحديد قائمة بالمنظمات الإرهابية وبعض هذه المنظمات هي من صناعة السعودية نفسها، مثل جبهة النصرة وداعش وانصار الصحابة وفصائل أخرى صنعتها السعودية ودعمتها بالمال والسلاح. وكل ذلك جاء متزامناً مع فتور واضح في العلاقات السعودية ـ الأميركية.

    يغلب على الظن، أن السعودية اكتشفت أن الحكومة القطرية استطاعت ان توظف قيادات مهمة في أبرز الجماعات الإرهابية المقاتلة في سوريا، وأنها تحاول دفعها باتجاه السعودية، بعد ان تنبهت قطر قبل غيرها من الحكومات الخليجية أن المعركة في سوريا باتت خاسرة، وانها حسمت لصالح نظام بشار الأسد بعد معركة القصير الشهيرة. وهي المعركة التي نتج عنها تنحي الأمير الأب عن الحكم.

    ربما اكتشفت قطر أن دورها الحالم في تخريب المنطقة واعادة تشكيلها تحت سلطتها، لا يمكن أن يتحقق مع بقاء السعودية ذات الطموحات العريضة أيضاً، والتي تحمل نفس الأهداف القطرية، وفي هذه الحالة لا يمكن للمتنافسين الخليجيين أن يسلكا نفس الطريق، فلا بد من إزاحة أحدهما عنه، وهذا ما قامت به قطر التي خسرت مصر وليبيا وتونس، وضاعت منها سوريا، فمن أجل أن تعيد ترتيب الخطوط والرسومات، لا بد أن تبدأ من شريكتها في القتل وصناعة الموت، ليخلو لها المجال وحدها في التصرف بالمنطقة كما تريد. وهو هدف لا يمكن ان تتسامح به السعودية، لقد اصبحت على حافة الهاوية، وهي أكثر من يعرف خطورة التآمر القطري، وماذا يمكن ان تفعل، لقد ازاحت حسني مبارك من السلطة بكل اجهزته ومخابراته وقواته العسكرية، وكذلك فعلت مع القذافي، فهل ستعجز مع حكومة بلغ ملكها وأمراؤها من العمر عتياً

    شاركـنـا !
    
    التعليقات مغلقة.
    أخبار الساعة