زينلسكي العسكري ..بطل من ورق ..

✍️كتبت جيهان فتوني
انطلقت العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا وقرعت طبول الحرب ، ذهب مسرعا إلى خزانته التي ما زالت تحتفظ بذاكرتها بثياب نابليون وازياء التنكرية والهزيلة وبدلات الرقص لأدوراه التمثلية ؛ وخلع عنه ثياب الرسمية وربطات العنق والإزرار الذهبية وأرتدى لباس الحرب ..
فاليتوقف الخيال هنا ، الحديث ليس عن هامليت،ولا روبن هود ، ولا تشرشل أنه فلادومير زينلسكي رئيس الأوكراني الفاقد الشرعية ،رئيسا أقحم شعبه بحرب كرمى للعيون الغرب المذعور من إنقضاض الدب عليه …
أثناء جولاته المتعددة عبر دول العالم لمحاولة لتأمين الدعم العسكري والمالي لبلاده، تخلى العسكري بلا رتب عن الزي التقليدي لرئيس الدولة
فبدلاً من البدلة والحذاء الجلدي الملمع، اختار زيلينسكي ارتداء قمصان رياضية بسيطة، غالبًا ما تكون سوداء أو خضراء زيتية، تحمل رمز الرمح الثلاثي الأوكراني، كما اختار سراويل فضفافة من نوع كارغو، وأحذية رياضية أو عسكرية ، يحاول بذلك إيصال رسالة انا مع الشعب ،انا على الجبهة ،لا تفاوض لا دبلوماسية ، هيا الى القتال ..
هذا النهج المسرحي الاستعراضي المستنسخ من تشرشل لا يمكن سياسي بشخصية زينلسكي أن يقلدها ، فمنذ ما يقارب الستون عاما وفي حديقة البيت الأبيض في ديسمبر 1941، كان ونستون تشرشل مرتديًا إحدى “بدلات صفارات الإنذار” الشهيرة (التي يُطلق عليها مستشاروه اسم “رومبيرز”)، وينظر إليه كلب روزفلت بدهشة كبيرة.
كان تشرشل يتنقل بين المناطق لحشد الدعم في الحرب ضد النازيين. ولتحقيق ذلك، تحتاج إلى ملابس مريحة وعملية، ولكن يجب أن تعكس أيضًا مكانتك كقائد حرب، شخصًا لا يهتم بالتوافق مع تقاليد اللحظة، بل يقود الجهود والطاقات التي يصعب تطبيقها في بدلة وربطة عنق…
صُنعت بدلات تشرشل من المخمل الأخضر، وقد صممها بنفسه، وتباهى بقدرته على ارتداء هذه الملابس المكونة من قطعة واحدة في نصف دقيقة، وهو ما يُناسب الغارات الجوية أو عند الحاجة إلى النهوض من السرير والتحرك على المسرح العالمي..
الا أنه تشرشل وليس زينلسكي !!!
ففي حفلة التوبيخ في البيت الابيض كان التركيز الأول على لباس زينلسكي من قبل ترامب والصحفيين الذي كشفوا زيف دبلوماسية الملابس ، وفي السؤال عن متى تخلع زيك العسكري ؟؟قال زينلسكي حين تنتهي الحرب !! سأرتدي بذلة رسمية ربما أغلى أو أرخص من بدلتك ردا على السؤال الصحفي ،الا أن زينلسكي لا يعلم أنه حين تنتهي الحرب سيفرض عليه ترامب ومعه الغرب أن يرتدي بدلة المشهد الاخير التي ما تخاط على طاولة المفاوضة الروسية – الأميركية بيد امهر الخياطين الدبلوماسين، حين تستدل الستارة ، ويجلس الغرب على الأراضي الأوكراني يتقاسم خيراتها…ويصفق للزينلسكي على دوره الاخيره .
ترى المصممة الأوكرانية إلڤيرا غاسانوفا التي صممت بعض قمصان زيلينسكي، أن اختياره للملابس ليس عشوائياً، بل يحمل دلالة قوية…
تقول: «عندما يرى زعماء العالم الرئيس الأوكراني بملابسه العسكرية، يدركون أننا لا نزال في ساحة المعركة… ارتداء البدلة في هذه الظروف يمكن أن يُفسَّر على أنه دعوة غير مباشرة للعودة إلى الدبلوماسية التقليدية ووقف القتال» اذا ما زال زينلسكي متمسكا بالقتال إلى اخر اوكراني .
حين يقف زينلسكي بزيه العسكري ولحيته أمام المرآة يتخيل نفسه إحدى المحاربين القدامى مثل الإسكندر الأكبر أحد أشهر القادة والعقول العسكرية في العالم القديم
او الجنرال جورج هنري توماس
الذي كان أحد أعظم القادة العسكريين الأمريكيين، والحائز على لقب “صخرة تشيكاماوغا” خلال الحرب الأهلية الأمريكية، عندما صمد أمام هجمات العدو في معركة تشيكاماوغا، مما جعله من أعظم القادة في التاريخ العسكري الأمريكي.
الا أنه يوقظه من خياله العسكري البطولي الهش ، صوت الفساد الذي يتردد صداه في أروقة نظامه ، وصوت الأمهات الثكالى وأوامر الساسة الغربيين وشروطهم للإستمرار بالقتال، زينلسكي بطل من ورق ، إرتدى زي الحرب ليستعرض قوته في التمثيل ، إلا أنه في المشهد الكبير والاخير ستكون النهاية تراجيدية تحت عجلات قطار المصالح والقوة العظمى ..
على مسرح السياسة لا مكان لكومبارس وفي الكواليس تبدل الملابس والاكسسوارات وتسدل الستارة.. ويجلس الممثل وحيدا مع سيناريو كان فيه الحاكم والبطل ..