وكالة اخبار وطن
وكالة عراقية مستقلة

حين تكون الدولة على مقعد الدراسة…بقلم اللواء الدكتور  سعد معن

  • 1 مشاهدة
  • أبريل 06, 2025

 

الدول العظمى لا تبدأ من النفط ولا تُقاس بمنابر الخطابة, تُبنى حين يجلس الأطفال في صفوف لا تنهار ويكتبون على مقاعد لا تصرخ من التعب هذه ليست حكاية أبنية تُدشّن بل حكاية رغبة حقيقة لاستعادة ألق التعليم

 

رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني لم يذهب إلى أبسط الملفات بل إلى أعقدها التعليم لأنه يعرف جيدًا أن كل دولة لا تملك نظامًا تعليميًا حقيقيًا ستظل تقاتل على الأطلال حتى تُنهك وتذبل ولهذا اختار أن يفتح جبهة جديدة لا دخان فيها ولا صراخ جبهة لا تُغطّيها كاميرات الحرب بل تغطيها دفاتر التلاميذ وأصوات الطابور الصباحي

 

ألف مدرسة نعم لكنه رقم لا يُقرأ كعدد هذا الرقم هو إعلانٌ هادئ عن ولادة عراقٍ مختلف عراقٌ قرر أن لا يتعامل مع المدرسة كأبنية صماء بل كركيزة أمنٍ اجتماعي واستثمار طويل الأمد في الإنسان

 

منذ سنوات كانت المدرسة ملفاً متروكاً على طاولة الأزمات مهملة مؤجلة بلا عنوان واليوم تُسلّم ألف مدرسة وتُفتتح 210 دفعةً واحدة ويُطلق مشروع جديد لـ600 مدرسة إضافية هذا ليس إنجازًا هذا انقلاب حضاري ناعم لا تصاحبه شعارات ولا يُسَوّق له بلغة العواطف يُعلن بهدوء لكنه يزلزل بنية الجهل التي راكمتها سنوات الإهمال

 

إنه لأمر نادر أن نجد مسؤولاً حكوميًا يلتقط الجرح حيث ينزف بصمت أن يذهب إلى قلب الوجع لا إلى سطحه دولة رئيس الوزراء فعل ذلك دون ضجيج بنى وأكمل وأعلن وانطلق وان شاء الله ستستمر

 

اليوم تقف الدولة العراقية على عتبة تحول حقيقي لا في مشاريع الإسمنت فقط بل في فلسفة الحكم حين نقرر أن نبني من المدرسة فإننا لا نُرمّم البنى التحتية بل نعيد بناء المواطن من الطفولة وهذا وحده كفيل بإسقاط الجهل

 

منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة لم نكن بحاجة لنهضة خطابية بل نهضة تربوية واليوم نراها تتحقق بأيدٍ لا تهتف بل تعمل بقيادة رجل فهم أن المجد لا يُكتب في صفحات الجرائد بل في دفاتر الطلبة

 

نحن أمام لحظة تأسيس لحظة لا تملك ترف الإطراء لكنها تفرض علينا واجب الاعتراف من يضع المدرسة في صدارة مشروعه السياسي لا يُبنى له تمثال بل يُبنى على خطاه وطن

 

 

أخبار مشابهة